متاحف مشيرب.. جوهرة ثقافية فريدة تأخذك في رحلة تراثية عبر الزمن الجميل

متاحف مشيرب

في قلب العاصمة القطرية الدوحة، تقع متاحف مشيرب، كجوهرة ثقافية فريدة، تُجسّد عراقة الماضي وتُطلّ برؤيتها نحو المستقبل.

تعدّ هذه المتاحف وجهة استثنائية لعشاق التاريخ والثقافة، حيث تتيح لهم فرصة استكشاف مسيرة قطر الحضارية العريقة، والتعرّف على مختلف جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية التي مرّت بها البلاد عبر العصور.

 ولا تعتبر متاحف مشيرب مجرد أربعة بيوت تراثية، إنما هي مركز متميز للتعلم ومشاركة البرامج العامة والفعاليات المنوعة، مع مجموعة واسعة من الأنشطة الثقافية والتعليمية.

تتكون متاحف مشيرب من أربعة بيوت تراثية تمّ ترميمها وإعادة تأهيلها بأعلى المعايير العالمية للمحافظة على عبقها ورونقها الأصيل.

بيت بن جلمود

بيت بن جلمود

​​​​​​​​​​​​​​يسلّط الضوء على تاريخ الرقّ في قطر والمنطقة، ويُقدّم للزائرين نظرة ثاقبة على الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي سادت في تلك الحقبة.

يؤدي بيت بن جلمود دوراً محورياً في التوعية ومحاربة مظاهر الاسترقاق على مستوى العالم، حيث يستعرض مظاهر الصبر والمثابرة في مواجهة العديد من المحن والصعاب الإنسانية.

ويعرض البيت قضية الرِقّ والمساهمات المتعدّدة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية  التي قدّمها مجتمع الرقيق في الحضارات الإنسانية.

الرحلة إلى الماضي من خلال أروقة هذا البيت، تكشف كيف انتشرت مظاهر الاسترقاق في الحضارات البشرية عبر آلاف السنين.

كما يعطي لمحة تعريفية عن دور الدين الإسلامي وتأثيره على منظومة الرِقّ التي كانت سائدة في الجاهلية، حيث حثّ الإسلام على معاملة الرقيق بالحسنى والرفق بهم طالما هم تحت الوصاية، كما طالب بتأهيلهم وإعادة إدماجهم في المجتمع، وأوصى في نهاية المطاف بإبطال الرِقّ وتحرير الرقيق.

يأخذك بيت بن جلمود، لعهد ازدهار تجارة الرقيق في منطقة المحيط الهندي والخليج العربي وصولاً إلى قطر، حيث تبدأ القصة هناك بمظاهر الرِقّ المتعدّدة لتنتهي بالحرية والاندماج الاجتماعي والرفاه والسلام المشترك.

ووفقاً لموقع متاحف مشيرب الرسمي، تُسرد في البيت روايات وذكريات من عاصر تلك الحقبة، وتُروى قصص أولئك الرقيق وكيف تم استرقاقهم، وحكايات تنقلاتهم وسفرهم وتفصيلات حياتهم اليومية.

هذا البيت يعتبر مكاناً للتأمل حيث يسافر مرتادوه في رحلة إنسانية عبر قصة تاريخ الرِقّ وكيفية تحول منظومة الرِقّ قديماً إلى مظاهر الاسترقاق المعاصر وتغير أشكاله وإن اختلفت مسمياته.

كما يعطي بيت بن جلمود زواره فرصة للتعرف على كيفية مكافحة الاتجار بالبشر بمختلف تجلياته.

 

رحلة إلى نواة الحياة

سمو الشيخة موزا تفتتح معرض “رحلة إلى نواة الحياة”

يمنح معرض “رحلة إلى نواة الحياة”، المقام في بيت بن جلمود الواقع ضمن متاحف مشيرب فرصة للتعرف على التنوع الثقافي والاجتماعي في قطر.

كما يتيح المعرض من خلال عروض تفاعلية سمعية وبصرية فرصة للقيام برحلة تهدف إلى فهم كيفية إستخدام الهندسةالوراثية وعلم الجينوم وكيف أن عملية توثيق الاكتشافات عبر التاريخ تساهم في تعزيز الإرث الثقافي والتاريخي الغني لقطر.

إن التقدم الكبير في مجال علم الوراثة والجينات لم يعزز فقط معرفتنا عن مسار توارث الجينات البشرية وتاريخ تنوع الأصول في قطر ولكنه أيضا فتح الطريق أمام مستقبل مليء بفرص الوقاية والعلاج من العديد من الأمراض الوراثية.

بيت الشركة

بيت الشركة

يُجسّد قصة اكتشاف النفط في قطر وتأثيره على مسيرة التنمية في البلاد، ويعرض مجموعة من القطع الأثرية والوثائق النادرة التي تُثري تجربة الزائر.

يسرد هذا البيت، الذي كان مقراً رئيسياً لأول شركة نفط عملت في قطر، قصص الرواد الأوائل الذين عملوا بهمة ونشاط كبيرين في حقول النفط القديمة وسط ظروف قاسية جدا، ووهبوا حياتهم من أجل بناء وطنهم وتأمين لقمة العيش لعائلاتهم، وكانوا أول من ساهم في إحداث بصمات التحوّل الحاسم في مسيرة تطور دولة قطر مع بداية اكتشاف النفط.

 

ولم تمنعهم التحديات والصعوبات عن مواصلة مساعيهم وإصرارهم، بل أظهر الرواد القطريون إخلاصاً وتفانياً، مساهمين في انطلاق عصر جديد من التنقيب والاستكشاف عن حقول النفط، وصولا إلى مجتمع الرفاهية الذي تحقق عبر السنين بفضلهم.

كما يكشف هذا البيت ظروف حياة العمل اليومية القاسية التي كان يعيشها الرواد الذين عملوا بجد تحت أشعة الشمس اللاذعة في وقت كان يعتلي وجوههم ابتسامة الرضا والتحدي التي قهرت عناء ومشقة الحياة.

ويشمل بيت الشركة العديد من المقتنيات والمعدات التي كانت تستخدم في الشركة.

باختصار، في هذا البيت تسمع قصص كفاح رسمتها السواعد السُمْر التي ناضلت من أجل بناء مستقبل مشرق ومزدهر لوطنهم، لتصبح قصصهم مصدر إلهام للجيل الصاعد لاستكمال مسيرة النمو والازدهار في دولة قطر.

بيت الرضواني

 

بيت الرضواني

يُتيح للزائرين فرصة العيش في تجربة الحياة القطرية التقليدية، من خلال استكشاف غرف المعيشة والمطبخ والحمام، والتعرف على نمط الحياة اليومي للعائلات القطرية في الماضي.

تم بناء بيت الرضواني في عشرينيات القرن الـ20، في موقع يفصل بين أقدم أحياء الدوحة العاصمة، هما الجسرة ومشيرب.

يرسم البيت الرضواني ملامح حياة العائلة القطرية قديماً، ومن خلال زيارته يمكن التعرف على كل ما يميّز تلك الفترة الزمنية الغنية بالتراث والتاريخ الاجتماعي المشرق.

أثناء التجول في بيت الرضواني يمكن تكوين فكرة عن التحول الكبير الذي طرأ على حياة أفراد العائلة القطرية مع اكتشاف النفط وإيصال الكهرباء للمنازل.

كما يرسم البيت أشكال الترابط والتواصل الأسري والاجتماعي التي كانت تتميز بها العوائل القطرية، وكيفية تمضية الأوقات بين أفراد الأسرة قبل ظهور وسائل الرفاهية الحديثة بكافة صورها وأشكالها.

وتعتبر الحفريات التي نفذها علماء الآثار في بيت الرضواني، بمثابة أول عملية تنقيب عن الآثار، وسط الدوحة، حيث تم العثور على قطع أثرية تعطي مؤشرات عن طبيعة الحياة خلال تلك الفترة.

بيت محمد بن جاسم

بيت محمد بن جاسم

يروي قصة منطقة مشيرب وتاريخها العريق، ويعرض مجموعة من القطع الأثرية التي تُوضّح التطور العمراني للمنطقة على مرّ العصور.

في هذا البيت نسافر عبر الزمن لنتأمل ماضي الدوحة وعراقة الإرث المعماري الأصيل.

تم تشييد هذا البيت من قبل الراحل الشيخ محمد بن جاسم آل ثاني، وهو ابن مؤسس دولة قطر الحديثة.

 

ويسرد البيت قصصاً من الماضي التليد والحاضر المعاش، كما يتناول مبادئ استراتيجية الاستدامة التي يتمحور مشروع “مشيرب قلب الدوحة” حولها.

ويضم البيت مقتنيات خاصة بمشروع “صدى الذكريات” الذي تم الكشف عنه خلال فترة  التنقيب في الموقع.

ومن خلال التجوّل فيه، تكتشف كيف أعيد نبض قلب الدوحة التاريخي من جديد على صورة تجمع جماليات العمارة القطرية وروحها مع التكنولوجيا المعاصرة وأحدث تطورات مجال الاستدامة.

ويمكن النظر بشمولية إلى تميّز مشروع “مشيرب قلب الدوحة” الناجح بلغة هندسية معمارية نابعة من ركائز تراثية خاصة بالمجتمع القطري.

وعلى سبيل المثال، يمكن التعرف على كيفية تكون “السكك” الموجودة على جوانب المنازل، والتي تؤدي في النهاية إلى “البراحة”.

ومن خلال زيارة هذا البيت يمكن التعرف على حكايات أهل مشيرب وسماع أحاديثهم عن المنشآت التي تم تشييدها لأول مرة كالفندق والبنك والصيدلية والمقهى وغيرها من مبان تغطي مساحة المكان.

كما يستعرض بيت محمد بن جاسم التحديات التي واجهتها دولة قطر من أجل المحافظة على التوازن بين متطلبات الحداثة والتراث والثقافة القطرية.

مميزات فريدة

تُوظّف متاحف مشيرب أحدث تقنيات العرض، مثل الأفلام ثلاثية الأبعاد والواقع الافتراضي، لخلق تجربة تفاعلية غنية للزائرين.

وتُقدّم المتاحف مجموعة من البرامج التعليمية المُصمّمة خصيصًا للأطفال والشباب، بهدف تعزيز وعيهم بأهمية التاريخ والتراث القطري.

 

وتتضمّن المتاحف مجموعة من المرافق الترفيهية، مثل المطاعم والمقاهي، التي تُتيح للزائرين الاسترخاء والاستمتاع بتجربتهم.

مساهمة ثقافية

لعبت متاحف مشيرب دورًا هامًا في تعزيز المشهد الثقافي في دولة قطر، حيث ساهمت في نشر الوعي بالتاريخ والتراث القطري، وجذب السياح من مختلف أنحاء العالم.

كما تعدّ المتاحف منصة مهمة للحوار الثقافي بين مختلف الحضارات، وتعزيز التبادل الثقافي بين قطر والعالم.

وتمثّل متاحف مشيرب رمزًا بارزًا للتراث القطري الأصيل، وتُجسّد التزام دولة قطر بالحفاظ على هويتها الثقافية وترويجها للعالم.

وتعتبر هذه المتاحف وجهة لا غنى عنها لعشاق التاريخ والثقافة، ومساحة للمُبدعين والباحثين لاستكشاف إرث قطر العريق.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *