استقالة هاريت.. دبلوماسية أمريكية ترفض الترويج لرواية إدارة بايدن حول غزة

هالة هاريت.. دبلوماسبة أمريكية تستقيل احتجاجا على سياسة واشنطن في حرب غزة

السياسة الأمريكية تؤجج الروح الانتقامية بين أطفال غزة الذين تيتموا بسبب الحرب”، بهذه العبارة لخصت الدبلوماسية، هالة هاريت، أسباب استقالتها من وزارة الخارجية الأمريكية، مؤكدة أنها ترفض الترويج لرواية إدارة جو بايدن بشأن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

واستقالت هاريت بعد 18 عاما قضتها في وزارة الخارجية، وقالت في مقابلة مع “واشنطن بوست” إنها “لا تستطيع الدفاع عن سياسة إدارة بايدن في قطاع غزة”، مضيفة أنها “لم تتوقع هذه النهاية على الإطلاق”.

وكانت هاريت دبلوماسية مخضرمة في أروقة السلطة، وقبل عامين اختارت أن تصبح واحدة من وجوه الدبلوماسية الأمريكية في وسائل الإعلام العربية.

لكن، وبعد نحو 7 أشهر من دعم إدارة بايدن غير المحدود للحرب التي تشنها إسرائيل على غزة، أصبحت هاريت أول دبلوماسية محترفة تستقيل احتجاجا على ما وصفته بالسياسة التي تضر بمصالح واشنطن في العالم العربي.

وقالت الدبلوماسية الأمريكية المستقيلة لواشنطن بوست إنها شعرت أن مواصلة إرسال الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل “مكّن من حدوث أزمة إنسانية في غزة وأجج الغضب تجاه واشنطن في العالم العربي”.

أسلحة أمريكية محرمة دوليا لدى إسرائيل

دبلوماسيون خائفون

وقالت هاريت إن دبلوماسيي الخارجية يخشون التعبير عن وجهات النظر التي تتعارض مع السياسة الرسمية، على عكس معظم القضايا الأخرى، حيث كانت المناقشات القوية هي القاعدة.

ورفضت وزارة الخارجية التعليق على حيثيات استقالتها، مشيرة أنها مسألة شخصية.وقال وزير الخارجية أنتوني بلينكن إنه يرحب بالآراء المخالفة ويقرأ البرقيات التي تأتي عبر قناة المعارضة الرسمية للوزارة.

وقال متحدث باسمه إنه عقد عدة لقاءات مع دبلوماسيين في محاولة لفتح المجال لآراء مختلفة.

انقسام حاد

إن استنكار هاريت لطريقة تعامل الرئيس بايدن مع الأزمة يسلط الضوء على مدى الانقسام في واشنطن، وفق الصحيفة.

وحتى الديمقراطيون الوسطيون أصبحوا ينتقدون وحشية إسرائيل في التعامل مع المدنيين في غزة وطرحوا فكرة قطع المساعدات العسكرية حال لم يتغير السلوك الإسرائيلي.

وهيمنت الاحتجاجات في الجامعات بجميع أنحاء الولايات المتحدة على المشهد السياسي والاجتماعي، وفرضت نفسها على طريقة تفكير الإدارة الأمريكية.


وعلى الرغم من أن بلينكن موجود في الشرق الأوسط سعيًا للتوسط في وقف إطلاق النار وزيادة تدفق المساعدات الإنسانية إلى الأراضي الفلسطينية، فقد أعلن قادة تل أبيب أنهم يخططون لغزو مدينة رفح الجنوبية مهما حدث – وهو عكس رؤية بايدن وغيره من كبار المسؤولين خشية حصول كارثة إضافية.

لقد كانت رحلة وحيدة بالنسبة لهاريت، التي قالت إن العديد من زملائها السابقين يخشون استهدافهم أو تأديبهم من قبل وزارة الخارجية بسبب تعبيرهم عن آراء تتعارض مع السياسة الأمريكية.
وواصلت إدارة بايدن إرسال مزيد من الأسلحة إلى إسرائيل حتى في الوقت الذي أدان فيه مسؤولون أمريكيون كبار الضربات التي أودت بحياة عمال الإغاثة والأطفال وغيرهم من المدنيين.
ولقي أكثر من 34 ألف من سكان غزة حتفهم خلال الحرب، وفقا لصحة القطاع.

استقالة اثنين

وسبق ذلك استقالة اثنين آخرين من موظفي وزارة الخارجية احتجاجًا لنفس السبب: جوش بول، وهو موظف حكومي عمل في مجال المساعدات العسكرية الخارجية، وأنيل شيلين، التي عملت لمدة عام كمسؤولة للشؤون الخارجية في مكتب الديمقراطية وحقوق الإنسان.
كلاهما عاش في واشنطن، على عكس هاريت التي قالت: “أؤمن بالقدرة على تغيير الأشياء من الداخل. أنا أؤمن بقوة الخير من خلال الدبلوماسية”.

وقدم جوش بول، المدير العام بوزارة الخارجية الأمريكية،  منتصف نوفمبر الماضي، استقالته “لأنه لم يعد قادرًا على دعم موقف الإدارة الأمريكية المؤيد لإسرائيل”.

جاء ذلك في رسالة نشرها المسؤول الأمريكي الذي شغل منصب المدير العام لقسم “توريد الأسلحة للحلفاء والشركاء” بوزارة الخارجية، على حساباته في مواقع التواصل الاجتماعي.

معضلات أخلاقية

وأوضح في رسالته أنه كان يدرك أنه سيواجه معضلات أخلاقية عندما بدأ العمل في القسم المعني، وأنه قدم تنازلات أخلاقية خلال فترة توليه منصبه التي بلغت 11 عامًا.

وأردف بأنه “تم نقل أسلحة فتاكة لإسرائيل أكثر مما يستطيع أن يحصيها”.

وقال: “لا يمكننا أن نكون مناهضين للاحتلال وندعمه في نفس الوقت”، مبينًا أن سياسة واشنطن الداعمة لإسرائيل ألحقت ضررًا كبيرًا بالإسرائيليين والفلسطينيين على السواء.

دعم أعمى

وأكد أن “الدعم الأعمى لجانب واحد لا يفيد أيًا من الجانبين”، لافتًا أن الولايات المتحدة تكرر أخطاءها السابقة.

وأضاف: “لم أعد أريد أن أكون جزءًا من هذا الانحياز”، معلنًا استقالته من منصبه الذي استمر فيه 11 عامًا.

من جهتها قالت هاريت: “كان من الواضح تمامًا بالنسبة لي من خلال العديد من المحادثات التي أجريتها أنه لا يمكن لأحد داخل الوزارة.. أن يُحدِث أي تغيير حقًا”.

نشأة هاريت

نشأت هاريت في نيفادا وكاليفورنيا وتخصصت في الشؤون الدولية ودراسات الشرق الأوسط في جامعة جورج واشنطن، وانضمت إلى وزارة الخارجية مباشرة بعد تخرجها من كلية الدراسات العليا في جورج تاون.

علقت هاريت: “أردت بالتأكيد تعزيز العلاقات بين دول العالم مع الولايات المتحدة”.

رفضت هاريت خلال الأشهر الماضية، إجراء مقابلات مع وسائل الإعلام العربية حول غزة لأنها شعرت أن “الحديث الرسمي يؤجج الوضع، ولا يعمل على التهدئة”.

وقالت إن التصريحات الرسمية الأمريكية “كانت استفزازية”. “لقد تجاهلوا في كثير من الأحيان الضحايا الفلسطينيين تمامًا”.

وأضافت: “في وقت مبكر، كانت التصريحات ثقيلة للغاية مثل عبارة “لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها”. نعم، لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، ولكن لم يكن هناك أي ذكر لمحنة الفلسطينيين. أنا، بضمير مرتاح، لم أتمكن من الظهور على شاشة التلفزيون العربي بهذه الرؤية”.


وأردفت “أن الموقف الرسمي من شأنه أن يدفع شخصا لرمي حذائه على التلفزيون، أو حرق العلم الأمريكي، أو، الأسوأ من ذلك، رمي صاروخ على قواتنا”.

وقالت: “لن أكون سببا وراء كراهية شخص ما لأميركا أكثر من الكراهية الحالية”.

وقالت هاريت إنها تخشى أن الأطفال الذين تيتموا بسبب الحرب قد “يحملون السلاح ويسعون للانتقام.. نحن نروج لدورة انتقامية”، في إشارة إلى التكاليف المستفبلية المترتبة على الدعم الأمريكي اللامحدود للاحتلال الإسرائيلي الذي يمارس الإبادة ضد كل ما هو فلسطيني.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *