مع شراكة اقتصادية متنامية.. قطر وألمانيا تحضران لأول حوار استراتيجي

تعمل الحكومة القطرية ونظيرتها الألمانية على إنهاء التحضيرات اللازمة للحوار الاستراتيجي الأول بين البلدين والذي ستستضيفه الدوحة في وقت لاحق من العام.

وبحث مسؤولون من البلدين التحضيرات اللازمة وذلك خلال اجتماعين منفصلين جريا على هامش “حوار شانغريلا” الأمني الذي أقيم في سنغافورة أمس السبت.

وأجرى مدير إدارة تخطيط السياسات بوزارة الخارجية القطرية خالد الخاطر اجتماعين مع وزير الدولة الألماني توبياس لندر، ومدير إدارة تخطيط السياسات بالخارجية الألمانية مايكل شتارفسويردت.

ووقع البلدان في مايو الماضي اتفاقية لإطلاق حوار استراتيجي وذلك حلال استقبال رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك في الدوحة.

وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز العلاقات القائمة بين البلدين والتنسيق وتكثيف جهود التعاون بينهما، والعمل على خلق فرص جديدة للتعاون على المدى البعيد.

ويأتي الحوار في ظل تنامي العلاقات بين البلدين خصوصا فيما يتعلق بالاقتصاد والطاقة والتجارة.

توتر سابق

وتوترت العلاقات بين البلدين قبيل وخلال مونديال كأس العالم الذي أقيم في قطر، بسبب تصريحات أطلقها مسؤولون ألمان، وردّت عليها الدوحة باستدعاء سفير برلين وتقديم احتجاج رسمي.

لكن مجلة “ديرشبيجل” الألمانية، كشفت في ديسمبر 2022، أن السفير الألماني لدى الدوحة بعث رسالة سرية لحكومة بلاده طالب فيها بتغيير أسلوب التعامل مع قطر.

وقالت المجلة إن السفير كلاوديوس فيشباخ، أرسل رسالة سرية من أربع صفحات حذر فيها من أن تلحق السياسة الألمانية (آنذاك) ضررا جسيما بالعلاقات مع قطر، ودعا برلين إلى تغيير الأسلوب المتبع مع الدوحة.

شراكة استراتيجية

في فبراير الماضي، أجرى الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مشاورات مع وزيرة الخارجية الألمانية على هامش مؤتمر ميونيخ للأمن في ألمانيا.

وكان البلدان قد وقعا اتفاقا في مايو من العام الماضي بهدف تطوير شراكة في مجال الغاز الطبيعي المسال، قبل أن يبرما عقدا في نوفمبر لتزويد ألمانيا بالغاز لمدة 15 عاما تبدأ في 2026.

وسيوفر الاتفاق مليوني طن من الغاز المسال سنويا وفق وزير الطاقة القطري المهندس سعد الكعبي، الذي قال إن ألمانيا تمثل أكبر سوق للغاز في أوروبا، مؤكدا التزام الدوحة بدعم أمن الطاقة في ألمانيا.

وسيتم مد ألمانيا بالغاز من مشروعي توسعة إنتاج الغاز الطبيعي المسال في حقل الشمال الشرقي وحقل الشمال الجنوبي، وكان الاتفاق هو الأول بشأن إمداد طويل الأمد للغاز الطبيعي المسال إلى ألمانيا.

وقال الوزير القطري في تصريحات لصحيفة “بيلد” الألمانية، إنه لا يوجد حد أقصى لشحنات الغاز التي يمكن تصديرها لألمانيا مستقبلا.

وأضاف أن قطر للطاقة ستزود ألمانيا بأكبر قدر من الغاز عند إبرام العقود، وأنها تجري مباحثات بشأن شحنات إضافية مع شركات ألمانية مثل “آر دبليو إي” (RWE) و”يونيبر” (uniper)

ومن المتوقع أن تعمل الشراكة التي وقعها البلدان على تعزيز التنوع في إمدادات ألمانيا من الطاقة من خلال واردات الغاز الطبيعي المسال من قطر، وتيسير التعاون الثنائي في طاقة الهيدروجين ومصادر الطاقة المتجددة.

كما سيستفيد البلدان من تبادل المعرفة المكثف في ما يتعلق بالانتقال إلى طاقة منخفضة الكربون من خلال التوسع في استخدام الطاقات المتجددة.

وتعد الاتفاقية الشراكة تتويجا للحوار المستمر بين البلدين الذي يغطي عددا من القضايا المهمة المتعلقة بالطاقة.

وتهدف ألمانيا إلى تنويع إمداداتها من الغاز باستيراد الغاز الطبيعي المسال لتعزيز إمداداتها من الطاقة خلال الفترة الانتقالية نحو الحياد الكربوني.

ويعمل الجانبان على رسم خارطة طريق لشراكة الطاقة تحدد هيكل وإجراءات التعاون الثنائي، بما في ذلك تشكيل مجموعتي عمل لتنظيم العمل.

لا يوجد حد أقصى لشحنات الغاز التي يمكن تصديرها لألمانيا مستقبلا.
الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في تصريحات لصحيفة “بيلد” الألمانية

وستعمل مجموعة عمل معنية بالغاز الطبيعي المسال والهيدروجين على تطوير العلاقات التجارية بين قطر وألمانيا في هذين المجالين، وستوفر منصة للحوار حول القضايا المتعلقة بالبنية التحتية الضرورية والشؤون التنظيمية.

كما ستعمل مجموعة أخرى معنية بالطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة وإدارة الطلب على توسيع قدرات الطاقة المتجددة بما في ذلك قضايا البنية التحتية وأسواق الكهرباء.

وستوفر المجموعة منصة للحوار حول الشروط الإطارية الضرورية، وتطوير البنية التحتية، والتكنولوجيا، وتسهيل تبادل الحلول في كفاءة الطاقة التي تعزز إزالة الكربون من قطاعات الإنشاءات والنقل والصناعة.

 نمو قوي للتبادل التجاري

وفقا لوزير التجارة والصناعة القطري الشيخ محمد بن حمد بن قاسم آل ثاني، فقد زاد حجم التبادل التجاري بين البلدين بنحو 79% إلى نحو 3 مليارات دولار خلال 2021.

وتوجد في السوق القطرية حوالي 331 شركة ألمانية، تعمل في مجالات عدة بينها تطوير السكك الحديدية والتجارة والمقاولات والخدمات والاتصالات والطرق والبنية التحتية.

وقال وزير التجارة والصناعة القطري إن ألمانيا تعتبر واحدة من أهم الوجهات الاستثمارية بالنسبة لبلاده.

وتم توجيه استثمارات مهمة نحو مجموعة من القطاعات الألمانية، تنوّعت بين صناعة السيارات والاتصالات والضيافة والخدمات المصرفية، وغيرها من القطاعات المهمة الأخرى.

وتقدر المؤسسات المعنية حجم الاستثمارات القطرية في ألمانيا الاتحادية بنحو 25 مليار يورو (حوالي 27 مليار دولار).

وتشمل هذه الاستثمارات قطاعات مهمة في الاقتصاد الألماني مثل السيارات والطاقة والتكنولوجيات الدقيقة.

وتمتلك قطر حصصا في أهم المجموعات التجارية والمصرفية الألمانية، حيث تعد أكبر مساهم في مجموعة “فولكس فاغن” العملاقة لصناعة السيارات، بحصة تقدر بـ 9 مليارات دولار.

كما تمتلك قطر حصصا في شركات أخرى مهمة مثل “سيمنز وغيرها من الشركات الألمانية العاملة في مجال التكنولوجيا والشحن وصناعة الأدوية.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *