فريق البحث والإنقاذ القطري يتوجه إلى أفغانستان

غادر فريق من مجموعة البحث والإنقاذ القطرية الدولية التابعة لقوة الأمن الداخلي “لخويا”، أمس الاثنين، إلى أفغانستان لتقييم الوضع هناك وتقديم مساعدات عاجلة لمواجهة آثار وتداعيات الفيضانات والسيول التي ضربت البلاد يوم الجمعة، وذلك تنفيذا لتوجيهات سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.

وأكدت وزارة الخارجية، أمس الأحد، تضامن دولة قطر الكامل مع أفغانستان في مواجهة الدمار الذي خلفته الفيضانات التي ضربت إقليم بغلان شمالي البلاد وأوقعت قتلى وجرحى.

وقالت الوزارة في بيان لها إن الدوحة مستعدة للتعاون مع الجهات المختصة في أفغانستان من أجل تقديم كل ما من شأنه مساعدة البلاد على تجاوز هذه الأزمة.

 

خسائر كبيرة

وأودت الفيضانات بحياة 300 شخص على الأقل وفق ما أعلنته الأمم المتحدة السبت الماضي وأعلنت السلطات المحلية حالة الطوارئ وأرسلت فرق إنقاذ إلى موقع الفيضانات.

وقالت مسؤولة الاتصالات في الوكالة التابعة للأمم المتحدة في أفغانستان، رنا دراز، إن المعلومات الأولية تشير إلى وفاة 311 شخصا وتدمير أكثر من ألفي منزل وتضرر 2800 في ولاية بغلان وحدها.

وتعتبر بغلان من أكثر مناطق البلاد تضررا بالفيضانات حيث أتت الأمطار الطينية على المباني والأراضي الزراعية في عدد من الولايات، وسط مخاوف من عزل بعض المناطق.

وتواجه الحكومة الأفغانية أزمة مالية بسبب العزلة التي تفرضها الولايات المتحدة ودول الغرب على البلد منذ عودة حركة طالبان للحكم قبل ثلاث سنوات.

وقدمت قطر العديد من المساعدات إلى أفغانستان لمواجهة الفيضانات التي ضربت البلاد في أعوام سابقة.

وتعاون صندوق قطر للتنمية ومؤسسة التعليم فوق الجميع مع وزارة تطوير التعليم الأفغانية لدعم 30 ألفا من الشباب والفتيات غير الملتحقين بالمدارس الابتدائية، ووقع اتفاقية مع منظمة الصحة العالمية لدعم توفير خدمات صحية أساسية في 11 مقاطعة في أفغانستان.

محاولات لكسر العزلة

كما استضافت الدوحة في مارس 2023 اجتماع طاولة مستديرة جمعت وفودا من وزارة الصحة في حكومة تصريف الأعمال الأفغانية ومنظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسيف” ومؤسسة بيل وميليندا غيتس، بهدف تنسيق الجهود لمناقشة الوضع الصحي في أفغانستان.

وتحاول قطر كسر العزلة الدولية المفروضة على أفغانستان بسبب الخلافات الكبيرة في وجهات النظر بين حكومة طالبان والعديد من الدول.

وفي مايو من العام الماضي، التقى رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني بزعيم الحركة الملا هيبة الله آخوند زاده، وبحث معه أمورا مهمة من بينها ضرورة إنهاء الحظر الذي فرضته الحركة على تعليم الفتيات وتوظيف النساء، فضلا عن “مكافحة الإرهاب”.

وكان الشيخ محمد بن عبد الرحمن أول مسؤول دولي يلتقي زعيم طالبان الذي يعيش تحت مظلة كبيرة من السرية.

وتقود الولايات المتحدة حملة لتشديد العزلة على طالبان بما في ذلك تجميد أصول البنك المركزي الأفغاني وفرض قيود صارمة على حركة التجارة من وإلى أفغانستان، لكنها في الوقت نفسه حاولت التفاوض خلال العامين الماضيين.

ولم تسفر المفاوضات السابقة عن تحقيق أي تقدم على طريق حل الخلافات، ولا تزال قطر ترفض الاعتراف بشرعية طالبان حتى اللحظة شأنها شأن غالبية دول العالم.

في الوقت نفسه تواصل الدوحة دعم الأفغان إنسانيا وتبقي باب الحوار مع السلطة الحاكمة مفتوحا؛ وقد حذرت مرارا من أن إغلاق هذا الباب يزيد احتمالات وقوع البلد في الفوضى مجددا، ويجنج بها نحو التطرف.

وفي العديد من التصريحات السابقة، طالب الشيخ محمد بن عبد الرحمن بفصل المساعدات الإنسانية عن الخلافات السياسية، وحذر من سقوط أفغانستان في الفوضى، وقال إن هذا الأمر سينعكس سلبا على المنطقة كلها.

وأكد خلال حوار مع “فاينانشال تايمز” الأمريكية في مايو 2022، على ضرورة إيجاد خارطة طريق واضحة بشأن أفغانستان، وقال إن هذا “هو السبيل الوحيد للمضي قدما في حل الأزمة لأنه سيضع كافة الأطراف أمام مسؤوليتها”.

ودعا الشيخ محمد بن عبد الرحمن المجتمع الدولي للانخراط في إعادة ترميم الاقتصاد الأفغاني وبناء قدرات الحكومة لتعزيز النمو وتقليص البطالة، وشدد على ضرورة أن تعمل طالبان مع جميع الأفغان لخلق سلام مستدام.

وجددت دولة قطر التزامها بدعم الشعب الأفغاني وذلك خلال الاجتماع الثاني للمبعوثين الخاصين بشأن أفغانستان، والذي عقد في الدوحة يوم 18 فبراير الماضي، برعاية الأمم المتحدة، وبحضور الأمين العام أنطونيو غوتيريش.

وأكد وزير الدولة بوزارة الخارجية محمد بن عبد العزيز الخليفي خلال الكلمة الافتتاحية رغبة قطر الصادقة في النهوض بالشراكة مع أفغانستان، وأعرب عن اعتزاز الدوحة بالشراكة مع الأمم المتحدة من أجل دعم الشعب الأفغاني.

كما أكد ترحيب دولة قطر  بتوصيات تقرير الأمم المتحدة بشأن أفغانستان واعتقادها بأن هذه التوصيات بناءة وشاملة ويمكن أن توفر نهجا متسقا تجاه الوضع الأفغاني.

وقال الخليفي إن إجراء المزيد من المشاورات بشأن التوصيات مع حكومة تصريف الأعمال سيؤتي ثماره، مضيفا:” نرى القيمة المجدية لإنشاء فريق اتصال دولي مصغر على النحو المقترح في التوصيات”.

وأكد أنه سيكون من دواعي سرور دولة قطر أن تستمر في استضافة مثل هذه المنصة الرسمية التي تخلق البيئة المناسبة لتحقيق أفضل النتائج.

ولفت إلى أن “أفغانستان تقف اليوم على مفترق طرق ويأتي اجتماعنا في الوقت المناسب، فالشعب الأفغاني بحاجة إلى دعمنا أكثر من أي وقت مضى”.

وقال إن من “الأهمية بمكان أن نتفق على طريقة معقولة للتعامل مع أفغانستان، بما يضمن أن تمضي على طريق السلام والتسامح والازدهار”.

ووضف الوضع الإنساني في أفغانستان بالـ”مُلِح”، مضيفا “علاوة على ذلك، فإن وضع حقوق الإنسان يبعث على القلق، ولا سيما حقوق النساء والفتيات”.

وأضاف:” لقد شاركنا موقفنا مع حكومة تصريف الأعمال وسنستمر حتى نصل إلى تحقيق نتائج إيجابية في هذا الأمر”.

وتتمحور مقاربة قطر في ملف أفغانستان على المسألة الإنسانية بالدرجة الأولى وتحاول إبقاء باب الأمل مواربا لدى الأفغان؛ كونها تخشى اندفاع الناس نحو العنف إذا طال تجاهل المجتمع الدولي لوضعهم الإنساني والاقتصادي الذي يزداد سوءا بسبب العزلة التي تديرها واشنطن.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *