رئيس الوزراء وبيل غيتس يبحثان قضايا أفغانستان والمناخ والأمن الغذائي

بحث رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أمس الأحد، مع الملياردير الأمريكي بيل غيتس، تطوير القطاع في أفغانستان وعددا من القضايا الأخرى.

وناقش اللقاء الذي جرى على هامش انعقاد أعمال الجمعية العامة الـ78 للأمم المتحدة سبل تكثيف الجهود المشتركة في القطاع الصحي بأفغانستان، لا سيما فيما يتعلق بشلل الأطفال.

كما بحث تعزيز التعاون في المجالات المتصلة بالتغير المناخي والزراعة والأمن الغذائي.

وتعمل الدوحة على تيسير وصول المساعدات الإنسانية إلى الشعب الأفغاني الذي يعيش أوضاعا متدنية بسبب العزلة التي يفرضها العالم على أفغانستان منذ عودة حركة طالبان للحكم قبل عامين.

ودعت قطر مرارا لفصل الملف الإنساني وتقديم المساعدات عن الخلاف السياسي، محذرة من أن ينتهي الأمر بعودة أفغانستان إلى تصدير العنف مجددا.

وسبق أن دعا الشيخ محمد بن عبد الرحمن دول العالم إلى إيجاد مساحة مشتركة للتفاهم مع حركة طالبان من أجل إنهاء حالة الحرب التي عاشتها أفغانستان طيلة العقود الأربعة الماضية.

والتقى الشيخ محمد بن عبد الرحمن في مايو الماضي بزعيم طالبان آية آخوند زاده وبحث معه ملفات منها حقوق الإنسان وحقوق المرأة من أجل تقريب وجهات النظر مع الولايات المتحدة ودول الغرب.

واستضافت الدوحة مؤخرا مفاوضات مباشرة بين طالبان والولايات المتحدة وبينها وبين سفراء ومسؤولين غربيين من أجل بحث الملفات محل الخلاف.

وفقا لتقرير التوقعات الاجتماعية والاقتصادية لأفغانستان لعام 2023، والذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في أبريل الماضي، فإن القيود الصارمة المفروضة على تعلم وعمل المرأة سامت في تفاقم الوضع الاجتماعي والاقتصادي الكارثي في البلاد، وألقت بعواقب وخيمة على السكان.

يشير التقرير الأممي إلى أن سيطرة طالبان على الحكم أدت على الفور لانهيار الاقتصاد وسرّعت بانزلاق أفغانستان إلى براثن الفقر.

يبلغ عدد سكان أفغانستان- وفقا لتقديرات الأمم المتحدة- نحو 40 مليون نسمة، فيما يقدر الناتج المحلي الإجمالي بنحو 14.3 مليار دولار عام 2021.

وتعد أفغانستان من بين البلدان ذات الدخل الفردي الأدنى في العالم، حيث يعيش نحو 85% من السكان تحت خط الفقر.

 

قيود دولية ومقاربة قطرية

تقود الولايات المتحدة حملة لتشديد العزلة على طالبان بما في ذلك تجميد أصول البنك المركزي الأفغاني وفرض قيود صارمة على حركة التجارة من وإلى أفغانستان، لكنها في الوقت نفسه حاولت التفاوض خلال العامين الماضيين.

ولم تسفر المفاوضات السابق من تحقيق أي تقدم على طريق حل الخلافات، في حين يشير اللقاء السري الأخير إلى أن الأمور ربما تكون قابلة للتحرك نحو الأمام، وإن ببطء.

ما تزال قطر ترفض الاعتراف بشرعية طالبان حتى اللحظة شأنها شأن غالبية دول العالم، لكنها في الوقت نفسه تواصل دعم الأفغان إنسانيا وتبقي باب الحوار مع السلطة الحاكمة مفتوحا.

في العديد من التصريحات السابقة، طالب الشيخ محمد بن عبد الرحمن بفصل المساعدات الإنسانية عن الخلافات السياسية، وحذر من سقوط أفعانستان في الفوضى، وقال إن هذا الأمر سينعكس سلبا على المنطقة كلها.

وقد أكد خلال حوار مع “فاينينشال تايمز” الأمريكية في مايو 2022، على ضرورة إيجاد خارطة طريق واضحة بشأن أفغانستان، وقال إن هذا “هو السبيل الوحيد للمضي قدما في حل الأزمة لأنه سيضع كافة الأطراف أمام مسؤوليتها”.

ودعا الشيخ محمد بن عبد الرحمن المجتمع الدولي للانخراط في إعادة ترميم الاقتصاد الإفغاني وبناء قدرات الحكومة لتعزيز النمو وتقليص البطالة، وشدد على ضرورة أن تعمل طالبان مع جميع الأفغان لخلق سلام مستدام.

تتمحور مقاربة قطر في ملف أفغانستان على المسألة الإنسانية بالدرجة الأولى وتحاول إبقاء باب الأمل مواربا لدى الأفغان؛ لأنها تخشى من اندفاع الناس نحو العنف إذا طال تجاهل المجتمع الدولي لوضعهم الإنساني والاقتصادي الذي يزداد سوءا بسبب العزلة التي تديرها واشنطن.

وفي محاولة لفك هذه العزلة، تواصلت طالبان مع دول منها النرويج وسويسرا وتركيا والصين وروسيا وباكستان وأوزبكستان، وأوفدت ممثلين لطلب الاعتراف الرسمي بحكمها لأفغانستان، لكن دون جدوى.

هل تنجح قطر في تقريب وجهات النظر بين طالبان والمجتمع الدولي؟

دور قطري محوري

خلال السنوات الماضية، احتضنت الدوحة العديد من قادة طالبان بمن فيهم آخوند زادة، وسمحت للحركة بفتح مكتب سياسي رسمي على أراضيها منذ 2012.

كما رعت قطر المفاوضات التي جرت بين “طالبان” والولايات المتحدة، والتي انتهت باتفاق سلام تاريخي بين الطرفين في فبراير 2020.

وأسفر الاتفاق عن انسحاب القوات الأجنبية -بقيادة الولايات المتحدة- من أفغانستان في أغسطس 2021، بعد 20 عاما من الغزو.

وبعد عودة طالبان للحكم، أغلقت غالبية الدول سفاراتها في كابل، لكن قطر أبقت على سفارتها التي أصبحت ترعى المصالح الأمريكية هنام، فيما افتتحت الولايات المتحدة مكتبا دبلوماسيا دائما في الدوحة للتواصل مع الحركة.

خارطة طريق

لا تعترف قطر بحكومة طالبان حتى الآن لكنها تحاول التوسط لتفكيك الخلاف مع المجتمع الدولي وتسهيل وصول المساعدات، وذلك في إطار دبلوماسيتها التي لا تتبنى سياسة “كل شيء أو لا شيء”.

تقول طالبان إنها تحترم حقوق النساء بما يتفق مع تفسيرها للشريعة الإسلامية والعادات والتقاليد الأفغانية، وإنها لا تعارض عمل المؤسسات التابعة للأمم المتحدة في البلاد.

ورغم أن الحركة لم تبد أي تساهل فيما يتعلق بقضايا المرأة وتوسيع دائرة المشاركة في الحكومة، إلا أنها وعدت بالسماح للنساء بالعمل في المنظمات الإغاثية.

وقالت الحركة أيضا إنها ستتيح التعليم الثانوي للفتيات عند اكتمال شروط من بينها وضع منهج دراسي إسلامي.

يمكن القول إن اجتماع زعيم طالبان مؤخرا مع رئيس الوزراء القطري يكعس رغبة حقيقية لدى الحركة في إنهاء العزلة المفروضة على أفعانستان وفتح الطرق أمام تدفق مزيد من المساعدات للحد من تدهور الأوضاع.

وقد ناقش اللقاء فعليا جهود معالجة الأزمة الإنسانية جنبا إلى جنب مع جهود طالبان للقضاء على مجموعة موالية لتنظيم الدولة في أفغانستان.

وسبق لهذه المجموعة التي تتمركز شرقي البلاد أن هاجمت سفارات ومساجد في مناطق بينها العاصمة كابل.

أزمة معقدة

تقول الأمم المتحدة إن نحو ثلاثة أرباع سكان أفغانستان البالغ عددهم 40 مليونا يحتاجون لمساعدات، وقد حذرت من نفاد التمويل.

من المهم الإشارة إلى أن سفارة قطر ما تزال تمارس نشاطها في كابل وهي تقوم أيضا بتمثيل المصالح الأمريكية هناك.

وجرت العديد من النقاشات بين طالبان ومسؤولين أمريكيين لبحث آليات إنعاش القطاع المصرفي الأفغاني والإفراج المحتمل عن أصول البنك المركزي المجمدة في الخارج، لكن هذه النقاشات لم تتوصل لنتائج على الأرض.

وزاد التوتر بين كابل وواشنطن بعدما اغتالت القوات الأمريكية الزعيم السابق لتنظيم القاعدة أيمن الظواهري في عملية استهدفت قلب العاصمة الأفغانية في أغسطس من العام الماضي.

وقال آخوند زاده في كلمته التي بثت بعد أيام من العملية إن طالبان لن تتعامل مع أي بلد في العالم إلا وفق الشريعة الإسلامية.

من غير الواضح ما هو تأثير هذا الاجتماع الذي جرى في الدوحة على مستقبل أفغانستان، لكن وكالة الأنباء القطرية، قالت إنه جاءت في سياق “الدور السياسي للدولة في التواصل مع مختلف الأطراف بالإضافة إلى تسهيل العلاقات بين حكومة تصريف الأعمال والمجتمع الدولي والسعي لتحقيق الأمن والازدهار للأفغان”.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *