“حوار أمستردام” يتناول استراتيجية قطر في الوساطة الدولية

وزير الدولة بوزارة الخارجية الدكتور محمد بن عبد العزيز الخليفي

عرض وزير الدولة بوزارة الخارجية الدكتور محمد بن عبد العزيز الخليفي، استراتيجية دولة قطر في مجال الوساطة الدولية وذلك خلال الجلسة الافتتاحية لحوار أمستردام، الذي انطلق اليوم الاثنين.

وقدّم الخليفي خلال الجلسة التي حملت عنوان “استراتيجية دولة قطر في مجال الوساطة الدولية”، عرضا للدور المهم الذي تضطلع به الدوحة في الوساطة وحل النزاعات.

وقال إنه في ظل تعقيدات المشهد العالمي “أصبح من الواضح بشكل متزايد أن الدول الصغيرة يمكنها أن تمارس تأثيرا كبيرا في تعزيز السلام والاستقرار”.

 

نموذج قطري

وأكد الخليفي أن دولة “قطر تمثل نموذجا لمثل هذه الدولة، حيث تدعو بلا كلل إلى الحوار والمصالحة في بعض الصراعات المتجذرة في العالم”.

وجدد التأكيد على التزام دولة قطر بالحوار كمبدأ أساسي وأكثر فعالية لحل النزاعات، مشيرا إلى أن القانون الدولي يلزم الدول بحل نزاعاتها وخلافاتها بالطرق السلمية.

وأشار الخليفي إلى أن القانون الدولي لم ينص على آلية معينة لحل النزاعات بالطرق السلمية، مما يسمح للدول باختيار السبل الدبلوماسية أو القضائية.

وتحتل الوساطة المرتبة الثانية بين الطرق السلمية الأكثر استخداما لحل النزاعات بعد المفاوضات المباشرة، حسب الخليفي.

وقال وزير الدولة بوزارة الخارجية إن دولة قطر “طورت ممارسة الوساطة، مما سمح لها بالتنقل في بيئات جيوسياسية متنوعة ببراعة وحيادية، سواء كان ذلك في منطقتنا أو الشرق الأوسط الكبير أو خارجه”.

وأضاف أن قطر “تظهر باستمرار قدرة ملحوظة على رأب الانقسامات وتيسير الحوار البناء بين الأطراف المتنازعة”، لافتا إلى سيطرة حرب غزة على الأجندة العالمية.

كما أشار الخليفي إلى التزام دولة قطر بتقديم وتسهيل المساعدات الإنسانية ومساعي الوساطة والمبادرات الدبلوماسية، مؤكدا أن قوة قطر “تكمن في قدرتها على التكيف والمشاركة الدبلوماسية في نهج ثنائي ومتعدد الأطراف مع شركائها والمجتمع الدولي”.

وختم الخليفي بالتأكيد على أن الدور الذي تضطلع به دولة قطر في الوساطة وحل النزاعات “يعد بمثابة تذكير قوي بإمكانيات الدول الصغيرة لإحداث فرق على الساحة العالمية”.

وأضاف “من خلال إعطاء الأولوية للحوار والشمولية والالتزام بالقانون الدولي والتنمية المستدامة، برزت قطر كوسيط محايد وشريك دولي موثوق به في تعزيز السلام والاستقرار في جميع أنحاء العالم”.

وقال الخليفي “بصفتنا بلدا شابا، من الأهمية بمكان بالنسبة لنا أن نضمن بناء إرث دائم تنعم به أجيالنا القادمة”.

والشهر الماضي، شارك الخليفي في فعالية أقيمت بمدينة جنيف السويسرية بهدف نقل خبرة دولة قطر في مجال الوساطات إلى دول أخرى.

دبلوماسية هادئة

وأصبحت قطر محط أنظار العالم خلال السنوات الماضية بعد أن نجحت دبلوماسيتها الهادئة وطويلة النفس في التوصل لتفاهمات في عدد من قضايا المنطقة والعالم.

وتمثل الوساطة التي قادتها بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل منذ بدء العدوان على قطاع غزة قبل أكثر من 6 أشهر، مثالا على الدور الذي تلعبه الدوحة في تخفيف التوترات وحماية الأمن والسلم إقليميا ودوليا من خلال القنوات الدبلوماسية.

وحاولت قطر خلال الفترة القليلة الماضية إيجاد مساحات مشتركة للأطراف المتصارعة في عدد من النزاعات والخلافات بما في ذلك سعيها لتعزيز ما تسميها بالدبلوماسية الإنسانية.

ومن خلال هذه الدبلوماسية، تمكنت قطر من التوسط في اتفاق لتبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران خلال أغسطس الماضي، ثم تمكنت من التوصل لاتفاق مماثل بين الولايات المتحدة وفنزويلا قبل أقل من ثلاثة أشهر.

وأجرى المفاوضون القطريون جولات مكوكية لحل مجموعة من النزاعات بما في ذلك محاولات تقريب وجهات النظر بين حركة طالبان الأفغانية ودول الغرب من أجل تخفيف العزلة المفروضة على أفغانستان.

كما لعبت الدوحة دورا مهما في لم شمل عائلات وأطفال فرقتهم الحرب الروسية الأوكرانية التي دخلت عامها الثالث، وقد أثنى مسؤولون دوليون ومنظمات على هذه الجهود.

ومؤخرا، أشادت دول بينها الولايات المتحدة وفرنسا وسويسرا وألمانيا ومصر وتركيا بالجهود القطرية لوقف الحرب في غزة ومنع اتساعها إلى دول أخرى بالمنطقة، وذلك بعد أن أعلن رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إعادة تقييم هذه الوساطة وموقف الأطراف منها.

 

تأثير عالمي

والشهر الماضي، اختارت مجلة “تايم” الأمريكية رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني من بين الشخصيات الـ100 الأكثر تأثيرا في العالم وذلك على خلفية الجهود الاستثنائية التي بذلها بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل.

ولعب الخليفي دورا مهما في كثير من الجهود الدبلوماسية القطرية وخصوصا فيما يتعلق بملف الخلاف الإيراني الأمريكي ومحاولات إحياء الاتفاق النووي المجمد منذ ست سنوات.

كما شارك الخليفي في الجهود الرمية لإنهاء الأزمة السياسية اللبنانية التي وضعت البلد على حافة الانهيار، وكان له دور أيضا في تبادل السجناء بين كاراكاس وواشنطن.

وأكد المسؤولون القطريون أكثر مرة أن سلوكهم الدبلوماسي يقوم بالأساس على الحياد وعدم الانحياز إلى طرف دون آخر والتعامل بطريقة تحترم الشفافية ومواقف الأطراف المختلفة.

وقال رئيس الوزراء وزير الخارجية إن الدوحة لا تمارس أي ضغط أو ابتزاز سياسي لأي طرف من أطراف الأزمات التي تتدخل فيها، وأكد أيضا على أنها تسمع من الجميع ولا تصدق كل شيء وتُخضع كل شيء للنقاش.

كما أكدت الدوحة مرارا على أنها لا تتدخل في أي نزاع دون طلب من الأطراف، وأنها لا تفرض نفسها على أي من الأزمات الدولية أو الإقليمية.

ومؤخرا، قال الشيخ محمد بن عبد الرحمن إن الدوحة تتعامل مع الدبلوماسية كوسيلة أفضل لحل النزاعات بدلا من عسكرتها، لكنه شدد على رفض دولة قطر التشكيك في وساطتها أو إساءة استخدامها لتحقيق مصالح سياسية خاصة.

وسبق أن أكد سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، على أهمية الحوار لحل النزاعات وقال إنه أقل كلفة من الحروب مهما تطلب من جهد وقت.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *