بمشاركة عربية.. واشنطن تبحث تشكيل قوات حفظ سلام “غير أممية” في غزة

تعمل الإدارة الأمريكية بنشاط كبير على فكرة تأمين قوات حفظ سلام غير أممية، في قطاع غزة لمرحلة ما بعد الحرب التي دخلت شهرها السابع، وتخطت فيها أعمال الإبادة حاجز الـ 35 ألف شهيد ونحو 100 ألف جريح ومفقود تحت الأنقاض.

الإدارة الأمريكية تفكر خارج الصندوق الإسرائيلي أو هكذا يبدو للإعلام الغربي فيما يخص مستقبل غزة، رغم أن طروحات واشنطن فيما يتعلق باليوم التالي للحرب يستثني الشعب الفلسطيني وحقوقه وما قدمه من شهداء وضحايا وتدمير غير مسبوق للبنية التحتية في القطاع والضفة الغربية المحتلة.

قوات عربية

تعمل إدارة الرئيس جو بايدن على إقناع دول عربية للمشاركة في قوات حفظ سلام في قطاع غزة بمجرد انتهاء الحرب، لحين إنشاء جهاز أمني فلسطيني بديلا لحركة حماس، حسبما أفاد تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز

، نشر اليوم الأربعاء.

التقرير أكد أن الولايات المتحدة ترفض رفضا قاطعا مشاركة قوات أمريكية في قوة حفظ السلام وحكومة بنيامين نتنياهو ترفض مجرد نقاش فكرة قوات دولية وحتى قوات تابعة للسلطة الفلسطينية التي تعتبرها شريكا غير موثوق به.

ونقلت فاينانشال تايمز عن مسؤولين غربيين قولهم إن مصر والإمارات والمغرب تدرس المبادرة، لكن الرئيس جو بايدن ليس مستعدا لنشر قوات أمريكية في غزة.

وقال مسؤول غربي لم تكشف عن اسمه: “الدول العربية قالت إنها يجب أن تقود الولايات المتحدة قوة حفظ السلام، لذا تحاول واشنطن التوصل إلى كيفية قيادتها دون أن يكون لها قوات على الأرض”.

وأثار نتنياهو بالفعل غضب الدول العربية عندما أشار إلى أن الدول العربية يمكن أن تساعد في إدارة قطاع غزة، بمعزل عن الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.

رفض إماراتي

والسبت الماضي، “استنكر وزير الخارجية، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان تصريحات نتنياهو، بشأن دعوة دولة الإمارات للمشاركة في إدارة مدنية لقطاع غزة القابع تحت الاحتلال الإسرائيلي”، وفق موقع الخارجية الإماراتية.

‏وقال آل نهيان في بيان، إن “رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يتمتع بأي صفة شرعية تخوله اتخاذ هذه الخطوة، كما ترفض دولة الإمارات الانجرار خلف أي مخطط يرمي إلى توفير الغطاء للوجود الإسرائيلي في قطاع غزة”.

‏وأكد أنه “عندما يتم تشكيل حكومة فلسطينية تلبي آمال وطموحات الشعب الفلسطيني، وتتمتع بالنزاهة والكفاءة والاستقلالية، فإن دولة الإمارات ستكون على أتم الإستعداد لتقديم كافة أشكال الدعم لتلك الحكومة”.

ورفضت دول عربية أخرى، وفق فاينانشال تايمز، فكرة نشر قواتها، خوفا من أن يُنظر إليها على أنها متواطئة مع إسرائيل. كما أنهم يشعرون بالقلق من مخاطر الانزلاق إلى التمرد في القطاع، الذي تسيطر عليه حماس منذ عام 2007.

لكنهم أصبحوا أكثر انفتاحا على فكرة وجود قوة سلام تعمل في غزة، في الوقت الذي تكافح فيه الدول الغربية والعربية للتوصل إلى بديل عملي للقوات الإسرائيلية المتبقية هناك.

قوات سلام غير أمريكية

وقال آخر مطلع على المناقشات إن واشنطن “كانت تحاول بناء بعض الزخم لقوة استقرار، لكن السياسة الأمريكية حازمة إلى حد كبير فيما يتعلق بعدم وجود قوات أمريكية على الأرض، لذلك من الصعب عليهم تقديم حجة مفادها أن الآخرين يجب عليهم المساهمة”.

وأضاف: “لكن قد تكون هناك طرق أخرى للوصول إلى هناك، وأي جهد يجب أن تقوده الولايات المتحدة”. “لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه لرؤية قوة استقرار عربية في غزة”.

وليس من الواضح أيضًا ما الذي توافق عليه إسرائيل، في ظل شعور الولايات المتحدة وحلفائها بالإحباط بسبب عدم اليقين بشأن نوايا نتنياهو فيما يتعلق بالصراع.

وهذا يشمل المدة التي يخطط نتنياهو لإبقاء القوات فيها في القطاع الممزق؛ ومن ستقبله حكومته اليمينية المتطرفة كمسؤول؟ وإلى متى سيستمر الهجوم الإسرائيلي.

وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن لبرنامج Face the Nation على شبكة سي بي إس، الأحد الماضي، إن واشنطن “تعمل منذ عدة أسابيع على تطوير خطط ذات مصداقية للأمن والحكم وإعادة البناء” مع الدول العربية وحلفاء آخرين.

لكنه أضاف: “ذلك لم يكن برغبة إسرائيلية”، دون الإشارة إلى أي دور للأمم المتحدة كشأن بقية الصراعات في العالم.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية إن واشنطن أجرت محادثات “مع شركائها في المنطقة بشأن غزة ما بعد الصراع”، وإن كثيرين يتشاركون “الاستعداد للعب دور بناء عندما تسمح الظروف بذلك”.

وقال المتحدث: “ستكون هناك حاجة مستمرة للعديد من الدول لتكثيف جهودها لدعم الحكم والأمن والجهود الإنسانية في غزة”.

سلطة فلسطينية مرفوضة

وأصر نتنياهو على أن إسرائيل ستحافظ على الأمن العام للقطاع، ورفض بشدة أن تلعب السلطة الفلسطينية المدعومة من الغرب والعرب أي دور في إدارة القطاع، كما قاوم أي تحركات نحو إقامة دولة فلسطينية.

وأعرب مسؤولون إسرائيليون، مثل وزير الدفاع يوآف غالانت، دعمهم فكرة الوجود الدولي في غزة بعد الحرب. لكن عدم الوضوح بشأن موقف إسرائيل أدى إلى تفاقم حالة عدم اليقين بشأن أي تخطيط لما بعد اليوم التالي.

“إسرائيل ترفض التحدث مع أي شخص حول هذا الموضوع، إنها في حالة إنكار”. وأضاف المسؤول الغربي: “الجميع يتحدثون فيما بينهم”. “تقول الدول العربية إن على الغرب أن يعترف بالدولة الفلسطينية، لكن عدداً قليلاً جداً من الدول الغربية الكبرى يقترب حقاً من القيام بذلك”.

ونقل التقرير عن مسؤول غربي آخر، قوله إن الولايات المتحدة أثارت فكرة إنشاء قوة لحفظ السلام مع شركائها الإقليميين، وهناك خلافات مع الدول العربية حول خطط ما بعد الحرب. لكنه قال إن المشكلة الأكبر هي أنه “لا أحد يعرف كيف سيكون اليوم التالي”.

منذ أن شنت إسرائيل عدوانها على غزة رداً على هجوم حماس في السابع من أكتوبر، انهار النظام المدني في القطاع المحاصر ودُمرت أغلب بنيته التحتية.

لقد تعهد نتنياهو بالقضاء على حماس، واستنزفت إسرائيل قدرتها العسكرية بشدة. لكن الولايات المتحدة والدول العربية حذرت إسرائيل من أنها لن تكون قادرة على تدمير حركة حماس بشكل كامل، وهي جزء من النسيج الاجتماعي الفلسطيني.

حل الدولتين

وتصر الدول العربية على أنه لضمان حل مستدام للأزمة، يجب على الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى الضغط على إسرائيل لاتخاذ إجراءات لا رجعة فيها تجاه حل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمر منذ عقود.

وكجزء من هذه العملية، يريدون أن تدار غزة من قبل قيادة فلسطينية إصلاحية تحكم القطاع والضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية. لكن ضعف السلطة الفلسطينية، التي تشرف على أجزاء محدودة من الضفة الغربية، يزيد من تعقيد هذه التطلعات.

وقال المسؤول الغربي إن الأمم المتحدة نصحت بإبقاء قوة الشرطة الموجودة في غزة في مكانها للمساعدة في توفير بعض الاستقرار، مع احتمال مشاركة قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية في مرحلة لاحقة.

“لكن الأمر صعب للغاية بالنظر إلى القيود المفروضة على القدرات والحاجة إلى الفوز بموافقة حماس. وقال المسؤول: “قد تتمكن السلطة الفلسطينية من جلب قوات من الضفة الغربية مع مرور الوقت”.

وأضاف أن “المسألة الأخرى هي العنصر الدولي في أي قوة، الذي لا يتقدم للأمام، إذ لا الولايات المتحدة ولا الأوروبيون يريدون نشر قوات على الأرض”.

غياب الرؤية الإسرائيلية

والثلاثاء، أكد رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، غياب الرؤية الخاصة بطريقة وقف الحرب لدى الجانب الإسرائيلي، مشيرا إلى أن تمسك بعض المسؤولين ببقاء الجيش الإسرائيلي في غزة يخلق حالة من عدم الوضوح بشأن ما سيكون عليه الوضع بعد وقف الحرب.

وحذر رئيس الوزراء من تزايد الصراع في المنطقة، وقال إن العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح أخرت مفاوضات الهدنة، مؤكدا أن جهود الوساطة مستمرة رغم تعثرها.

واشار إلى أن الجانب القطري واجه العديد من التحديات في الأسابيع القليلة الماضية، مضيفا “لم نكن نريد أن يتم استغلالنا كوسيط ودورنا يقتصر على الوساطة وهذا ما سنواصل فعله”.

وأكد أنه “طالما هناك حرب فإن الأمن الإقليمي يظل مهددا”، مضيفا أن قطر ومن خلال رئاستها لمجلس التعاون الخليجي “تركز على حث الشركاء في دول الخليج على التفكير بأفضل إطار أمني إقليمي نعمل عليه من أجل ضمان الأمن والاستقرار في المنطقة”.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *