QNB: القيود المفروضة على التجارة تضر بالنمو الاقتصادي العالمي

قال بنك قطر الوطني “QNB” إن القيود التجارية المفروضة عالميا تؤثر سلبا على النمو الاقتصادي، مؤكدا أن الحواجز الحدودية الجديدة تعتبر من أبرز العقبات التي تواجه الشركات.

ولفت البنك في تقريره الأسبوعي المنشور اليوم السبت إلى أن العوائق الجمركية وغير الجمركية والضوابط التنظيمية والتكاليف الإدارية الإضافية وتقلب السياسات والخلافات الاقتصادية تؤدي إلى سوء تخصيص رأس المال وتراجع النمو والإنتاجية.

وأكد البنك أن التجارة الدولية تتيح للبلدان إمكانية الوصول إلى السلع والخدمات، وتوفر مزايا نسبية تعزز الإنتاجية والكفاءة والتسعير والنمو الاقتصادي العام.

وقال التقرير إن النشاط التجاري العالمي يعد مؤشرا تقليديا على سلامة أوضاع واتجاهات الاقتصاد الكلي، ويرتبط تزايد تدفقات السلع والخدمات عادة بنمو الإنتاجية والازدهار.

وبلغت التجارة العالمية ذروتها قبل الأزمة المالية العالمية، إلا أن التوترات الجيوسياسية الأخيرة بين أمريكا والصين، وتداعياتها على مناطق ودول أخرى، تولد حالة من عدم اليقين الاقتصادي في أنحاء العالم.

وقال البنك إن حالة عدم اليقنين هذه تؤثر سلبا على التجارة وسلاسل التوريد وتدفقات الاستثمار، مشيرا إلى أن الأحداث والصدمات الكبرى عطلت الاقتصاد العالمي في السنوات الأخيرة.

واستند التقرير دراسة حالة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، لمعرفة الدور الذي يلعبه “التفكك الاقتصادي” في ضعف أدائه.

وقال إن هناك أدلة متزايدة على أن العملية التي بدأت بالتصويت على مغادرة المملكة المتحدة للاتحاد الأوروبي كان لها دور مهم في ذلك.

ونما النشاط الاقتصادي البريطاني بنسبة 0.3% منذ بداية 2022، وهو أقل بنسبة 0.4% من مستويات ما قبل جائحة كورونا.

في المقابل، كان النمو السنوي أعلى بكثير في فترة الخمس سنوات من 2011 إلى 2015، والتي سبقت استفتاء الخروج من الاتحاد في 2016، حيث بلغ متوسط النمو السنوي في تلك الفترة 2.2%.

وتعتبر المملكة المتحدة أيضا متخلفة عن الاقتصادات الأوروبية الرئيسية، فقد تجاوزت أكبر ثلاثة اقتصادات في الاتحاد (ألمانيا، وفرنسا، وإيطاليا)، معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي، التي حققوها في فترة ما قبل الجائحة بنسبة 1.2%.

وفي منتصف 2016، أثناء الاستفتاء، بلغ إسهام الانفتاح التجاري في المملكة المتحدة 60.5%، من الناتج المحلي الإجمالي، وكان أقل بواقع 6.5% من متوسط النسبة المسجلة من قبل للنظراء الأوروبيين، والتي بلغت 67%.

وفي 2022، زاد الاختلاف ضعفين إلى 13.3%، وهو ما يشير إلى أن الاقتصاد البريطاني أصبح أقل انفتاحا.

وقال البنك إن تراجع الانفتاح التجاري سيؤثر على التجارة مع جميع الشركاء، وليس فقط الأوروبيين، مشيرا إلى أن السلع والخدمات الوسيطة تمثل معظم التجارة في الاقتصادات المتقدمة.

وتبلغ هذه السلع والخدمات ثلثي أحجام التبادل التجاري بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، بحسب التقرير.

كما لفت البنك إلى أن زيادة العقبات التجارية تؤثر على تكاليف الإمدادات الأجنبية، وتقلل من القدرة التنافسية لمنتجات بريطانيا، وتقوض قدرة الشركات على المشاركة في سلاسل القيمة العالمية.

ويرى التقرير أن هذه العواقب ستستغرق وقتا حتى يظهر مفعولها بالكامل، إذ يشير التحليل الذي أجراه مكتب مسؤولية الميزانية (الحكومي) إلى أن خروج بريطانيا من الاتحاد، سيقلل الانفتاح التجاري بنسبة 15% على المدى الطويل، مقارنة بـ 13.3% حاليا.

ويرى البنك أيضا أن حالة عدم اليقين التي نتجت عن عملية الخروج من الاتحاد وفقدان الوصول للسوق الأوروبية الموحدة، قد أثرت أيضا على الاستثمار التجاري، فقد ظل مستواه في ركود دون تغيير منذ الاستفتاء.

وأدى هذا الأمر إلى تراجع أداء بريطانيا مقابل نظرائها في منطقة اليورو، إذ تشير التقديرات الأكثر تحفظا إلى أن التأثير السلبي للخروج على مستوى الاستثمار يبلغ 10%.

وتصل بعض التقديرات إلى 23%، مما يؤكد أن تأثيره كان كبيرا على مخزون رأس المال والنمو طويل الأجل، حتى في ظل السيناريوهات الأكثر تفاؤلا.

وتعزى التغييرات في الاستثمار الأجنبي المباشر جزئيا إلى التطورات في إجمالي الاستثمار، فبالإضافة إلى أهمية هذا الاستثمار بالنسبة للنمو والإنتاجية، فإنه يعكس أيضا مدى تطور جاذبية المملكة المتحدة بمرور الوقت.

ومنذ تسعينيات القرن الماضي، كانت بريطانيا تاريخيا من أكبر المتلقين لتدفقاته، وتجاوز مخزونها من الاستثمار الأجنبي المباشر 2.3 تريليون جنيه استرليني، وكان أكثر من نصفه يأتي من الاتحاد الأوروبي.

وفي الآونة الأخيرة، خلال الفترة التي أعقبت خروجها من الاتحاد (2017 / 2021) تراجعت بريطانيا خلف فرنسا وألمانيا، من حيث التدفقات، كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.

وخلص البنك إلى أن المملكة المتحدة تواصل تحقيق أداء اقتصادي دون المستوى بعد سنوات من قرار مغادرتها الاتحاد الأوروبي، وعزا ذلك إلى التأثير السلبي للقيود التجارية الجديدة.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *