تصدر اعتذار رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو لدولة قطر عناوين الصحف العالمية والعبرية، فيما توقعت بعض المصادر الإعلامية الأسباب التي دفعت نتنياهو إلى هذا “الاعتذار السريع”.
ونقلت وكالة رويترز خبر “اعتذار نتنياهو” نقلا عن مصدر مقرب منه، قبل أن يعلن البيت الأبيض التفاصيل بشكل رسمي.
وأوردت الوكالة بيان البيت الأبيض الذي تناول تفاصيل المكالمة التي أجراها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن، لكي يقدّم نتنياهو اعتذاره عن الاعتداء على سيادة دولة قطر، والتعهد بعدم تكرار ذلك.
أسباب الاعتذار
وفي السياق قال موقع “أكسيوس” الأمريكي، إن اعتذار “إسرائيل” عن العدوان على قطر كان شرطا أساسيا من جانب الدوحة لاستئناف وساطتها مع حركة “حماس” بشأن اتفاق لإنهاء الحرب على غزة وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين.
وتوقّع الموقع أن يمهد الاتصال الهاتفي للاعتذار، الطريق لإبرام مثل هذا الاتفاق.
وذكر الموقع أن الرئيس ترامب كان يريد من نتنياهو أن يعتذر في وقت أبكر، وفقا لمصدر ناقش القضية مع ترامب قبل أسبوعين، ونقل رغبة الرئيس في أن يعتذر نتنياهو.
وأشار “أكسيوس” إلى أن ترامب أجرى مكالمة مع سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قبل وصول نتنياهو إلى البيت الأبيض.
سيادة قطر شرط أساسي
أما صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” فنقلت عن تقرير للقناة 12 العبرية، أن “الاعتذار يشكل عنصرا أساسيا في الجهود الحالية لإتمام صفقة لإنهاء الحرب في غزة وتأمين إطلاق سراح جميع الرهائن”.
وبيّن التقرير أن “قطر رفضت التوسط في المفاوضات مع حماس منذ الغارة الإسرائيلية التي فشلت في استهداف قادة حماس في الدوحة”.
وأكدت الصحيفة العبرية، أن ما تعهد به نتنياهو من عدم المساس بالسيادة القطرية، شرط مُضمّن أيضا في خطة ترامب بشأن غزة، والمكونة من 21 بندا.
هجوم إسرائيلي
وعلى الجانب الآخر، شنّ وزراء الحكومة اليمينية المتطرفة في “إسرائيل” هجوما على نتنياهو بعد الاعتذار لقطر.
ووصف رئيس الحزب الديمقراطي يائير جولان اعتذار نتنياهو لرئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن، بأنه “إذلال”.
بدورها نقلت صحيفة “جيروزالم بوست” تصريحات أعضاء “الكنيست” الإسرائيلي التي هاجمت نتنياهو، حيث هاجم الوزير المتطرف إيتمار بن غفير في تصريحاته دولة قطر، واصفة الهجوم على الدوحة بـ “الأخلاقي والعادل”.
أما وزير المالية سموتريتش فقال إنه ما فعله نتنياهو “عار”.
وعلق أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب إسرائيل بيتنا، قائلا: “من غير المعقول أن نتنياهو اعتذر لقطر، التي لم تدِن حتى يومنا هذا مذبحة السابع من أكتوبر، ومع ذلك لم يعتذر أبدا لشعب إسرائيل عن حقيقة أنه خلال فترة ولايته، قُتل الآلاف من الإسرائيليين”.
من جهتها، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مصدر قوله إن “نتنياهو لم يبلغ الوزراء بقضية الاعتذار لقطر” لافتا إلى أن الدوحة طلبت اعتذار نتنياهو شرطا لاستمرار مشاركتها في المفاوضات.
اعتذار إجباري
وفي السياق، شدد مدير مكتب الجزيرة في رام الله وليد العمري، على أن نتنياهو قدم الاعتذار مجبرا وليس بإرادته، خاصة بعدما أدرك بأنه بات منبوذا في الأمم المتحدة، وأن قبوله بالاعتذار يعني التمهيد لوقف إطلاق النار بغزة
وقال: “اعتذار نتنياهو جاء بعد 20 يوما من الهجوم الإسرائيلي على الدوحة ويتضمن التزاما وضمانا بعدم تكرار الهجوم، لافتا إلى أن قطر اشترطت عودتها للوساطة بضرورة اعتذار المعتدي”.
وأعرب العمري عن قناعته بأن توقيت اعتذار نتنياهو يشير إلى أنه “بدأ يتجاوب مع البنود الواردة أو أجزاء كبيرة منها في خطة ترامب لوقف الحرب واليوم التالي للحرب”.
الاعتذار الثالث
ويعد هذا الاعتذار الثالث من نوعه في تاريخ بنيامين نتنياهو، إذ اعتذر لملك الأردن الراحل الحسين بن طلال بعد محاولة اغتيال الموساد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، كما اعتذر لأردوغان عن هجوم البحرية الإسرائيلية على سفينة “مافي مرمرة”، لكن اعتذار إسرائيل لقطر اكتسب أهمية أكبر كونه جاء بعد 20 يوما فقط من العدوان على الدوحة، على خلاف ما جرى في الاعتذار لتركيا الذي جاء بعد سنوات من الاعتداء على السفينة التركية.
العدوان على قطر
وفي 9 سبتمبر الجاري، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي هجوما جويا على مقرات سكنية لقيادة حركة “حماس” بالدوحة، ما أدانته قطر وأكدت احتفاظها بحق الرد على العدوان الذي استشهد فيه عنصر أمن قطري.
بينما أعلنت “حماس” نجاة وفدها المفاوض بقيادة رئيسها بغزة خليل الحية، من محاولة الاغتيال، ومقتل مدير مكتبه جهاد لبد، ونجله همام الحية، و3 مرافقين.
وأثار العدوان الإسرائيلي على سيادة قطر إدانات عربية ودولية، مع دعوات إلى ضرورة ردع “إسرائيل” لوقف الاعتداءات التي تنتهك القانون الدولي.
وجاء الهجوم على قطر رغم قيامها بدور وساطة، إلى جانب مصر وبإشراف أمريكي، في مفاوضات غير مباشرة بين “حماس” وإسرائيل، للتوصل إلى اتفاق لتبادل أسرى ووقف إطلاق النار بغزة.
وترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023 إبادة جماعية بغزة، خلّفت 66 ألفا و55 شهيدا و168 ألفا و346 مصابا من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أزهقت أرواح 442 فلسطينيا بينهم 147 طفلا.