أكدت صحيفة “فايننشال تايمز” أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، واجه أول رئيس أمريكي لا يستطيع التغلب عليه، مشيرة إلى أن نتنياهو شعر أنه تعرّض إلى “الخيانة” من الرئيس دونالد ترامب.
وقالت الصحيفة إن “نتنياهو وقف إلى جانب ترامب في المؤتمر الصحفي وبدا خجولا، وذلك بعد أن تصارع مع ثلاثة رؤساء أمريكيين وتغلب عليهم وهم: بيل كلينتون وباراك أوباما وجو بايدن”.
وذكرت الصحيفة أن نتنياهو تعهد لأتباعه من اليمين الإسرائيلي المتطرف قبل ذهابه إلى الولايات المتحدة لمناقشة خطة ترامب للسلام، بأنه “لن تكون هناك دولة فلسطينية”.
وقالت إنه وبعد أيام كان نتنياهو جالسا في غرفة فندق في نيويورك مع أقرب مستشاريه ومحاوريه الأمريكيين، كان ينظر إلى مسودة وثيقة لخطة سلام تنتهي بنقيض ما تعهد به تماما “مسار موثوق لإقامة دولة فلسطينية”.
ونقلت “فايننشال تايمز” عن مصدر مطلع على الاجتماع بين ترامب ونتنياهو، قوله: “كانت الصدمة في النهاية. شعر نتنياهو وكأنها خيانة نهائية”.
وأشارت الصحيفة إلى أن “مسودة خطة ترامب” كانت نتيجة للضغط من قطر والسعودية ودول عربية وإسلامية مؤثرة أخرى، مبينةً أن هذه الدول “استغلت غضب ترامب من الضربة الإسرائيلية في 9 سبتمبر التي استهدفت مقرات سكنية للمفاوضين السياسيين لحماس في الدوحة”.
وأكدت الصحيفة أن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة أثار غضب ترامب، وهو الأمر الذي دفعه للضغط على نتنياهو لتقديم تنازلات، كي تكون الخطة مقبولة لـ”حماس”، و”لإرضاء حلفاء واشنطن في الخليج، الذين نفّرهم نتنياهو بسبب عدوانية إسرائيل في جميع أنحاء الشرق الأوسط”.
ضغط قطري
وقالت الصحيفة الأمريكية، إنه وبينما “حاول نتنياهو وفريقه تخفيف بعض عناصر ما أصبح خطة ترامب للسلام المكونة من 20 نقطة – خاصة الإشارة إلى دولة فلسطينية – جلس فريق فني قطري على مقربة من البيت الأبيض”. وفقا لمصدر مطلع على الأحداث.
وأضاف المصدر أن الفريق القطري طالب بوضوح تام بضرورة “التوقف عن البحث عن ثغرات”، مؤكدا أن ترامب تعهد بناء على ذلك أن “إسرائيل لن تبدأ الحرب مرة أخرى”.
وذكرت الصحيفة أمثلة على البنود التي حاول نتنياهو ومفاوضوه التلاعب بها ومنها، محاولة الحصول على تنازلٍ رئيسٍ واحد يضمن لإسرائيل فرصة للعودة إلى القتال إذا قررت إسرائيل أن حماس قد خرقت بعض بنود الاتفاق.
كما استبعدت الوثيقة “التهجير القسري” وقالت إن سكان غزة سيكونون أحرارا في مغادرة القطاع المحاصر والعودة إليه متى شاؤوا، وهو ما يتعارض مع تطلعات اليمين الإسرائيلي المتطرف.
ولن يُسمح لإسرائيل باحتلال غزة أو ضمها فحسب، بل لن يُسمح لها أيضا ببناء مستوطنات فيها. وسيُسمح للأمم المتحدة، التي يسبها نتنياهو، بالعودة لإطعام الفلسطينيين الذين يعانون من التجويع بسبب الحصار الإسرائيلي.
ترامب يُخضع نتنياهو
وتطرقت الصحيفة إلى ما وصفته بمفاجأة ترامب لنتنياهو، عندما أجرت الولايات المتحدة محادثات غير مباشرة مع إيران، ثم أحرجه بتذكيره بأن إسرائيل مدعومة بمليارات الدولارات من المساعدات الأمريكية.
قال مايكل أورين، السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة: “القاعدة العامة هي أن مصالح دونالد ترامب تأتي أولا”. وقال: “قبل ترامب، وسّع نتنياهو المستوطنات على الرغم من اعتراضات أوباما، وأبطأ محادثات السلام في عهد كلينتون. وفي إشارة إلى مطالب بايدن بشأن سير الحرب في غزة” أضاف أورين: “ومع الرئيس بايدن الذي اشتهر بقوله لا، لا، لا – فعلت إسرائيل ذلك”.
وأكمل: “لكن مع دونالد ترامب، عندما يقول لا تفعل، فإنك لا تفعل. والآن هذه هي القاعدة حتى بالنسبة لإسرائيل”.
وأشار إلى التوبيخ العلني المليء بالشتائم الذي وجهه ترامب عندما قصفت إسرائيل شرق إيران بعد أن أعلن ترامب وقف إطلاق النار الذي أنهى حربا استمرت 12 يوما في يونيو الماضي.
في مكالمة هاتفية مع ترامب حاول نتنياهو إقناع ترامب بأن قبول “حماس” المشروط لخطته للسلام كان تكتيكا للمماطلة. فيما رد ترامب عليه بحدة قائلا: “لماذا أنت سلبي للغاية؟” حسبما أفاد موقع أكسيوس الأمريكي
بعد أيام، أكد ترامب هذا الأمر علنا، قائلا لمراسل إسرائيلي إن الأمر لم يتطلب الكثير لإقناع نتنياهو بقبول الوضع، مؤكدا أنه “لا يملك خيار آخر”.
خطة ترامب
والأسبوع الماضي، أعلن ترامب خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض جمعه مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أنهما اتفقا على خطة لإنهاء الحرب في غزة.
ووضع ترامب خطة من 21 نقطة لإنهاء الحرب على غزة وإقامة حكم ما بعد الحرب في قطاع غزة الذي دمرته الحرب. وتنص خطة ترامب على إنشاء مجلس حكم مؤقت يترأسه ترامب ويشمل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
وقال ترامب إن إسرائيل ستحظى بـ”الدعم الكامل” من الولايات المتحدة لاتخاذ خطوات لهزيمة حماس إذا لم تقبل اتفاق السلام المقترح.
وأوضح ترامب أن “خطته تشمل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين خلال 72 ساعة، ووقف إطلاق النار، ونزع سلاح حماس”.
وأضاف أن خطته تدعو لتشكيل هيئة دولية إشرافية برئاسته تكون مسؤولة عن تدريب إدارة للحكم في قطاع غزة، لكنها تستبعد حركة “حماس”. ولفت إلى أنه ناقش مع نتنياهو “خطة للسلام في الشرق الأوسط بأسره، وليس فقط وقف الحرب في غزة”، على حد تعبيره.
موافقة حماس
والجمعة الماضية، أصدرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بيانا توضح فيه ردها على ما جاء في خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في قطاع غزة، والتي تسلمتها قبل أيام من قبل الوسطاء.
وقالت الحركة في بيانها، إنها أجرت “مشاورات معمقة في مؤسساتها القيادية، ومشاورات واسعة مع القوى والفصائل الفلسطينية، ومشاورات مع الوسطاء والأصدقاء، للتوصل لموقف مسؤول في التعامل مع خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب”.
وأعلنت الحركة في ردها موافقتها على “الإفراج عن جميع أسرى الاحتلال أحياء وجثامين وفق صيغة التبادل الواردة في مقترح الرئيس ترامب ومع توفير الظروف الميدانية لعملية التبادل”، مؤكدة استعدادها للدخول فورا من خلال الوسطاء في مفاوضات لمناقشة تفاصيل ذلك.
وجددت الحركة “موافقتها على تسليم إدارة قطاع غزة لهيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط) بناءً على التوافق الوطني الفلسطيني واستنادا للدعم العربي والإسلامي”.
وأضافت حماس في بيانها: “ما ورد في مقترح الرئيس ترامب من قضايا أخرى تتعلق بمستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب الفلسطيني الأصيلة فإنَ هذا مرتبط بموقف وطني جامع واستنادا إلى القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة، ويتم مناقشتها من خلال إطار وطني فلسطيني جامع ستكون حماس من ضمنه وستسهم فيه بكل مسؤولية”.
ضمانات أمنية
سبق ذلك إعلان البيت الأبيض، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أصدر أمرا رئاسيا، أكد فيه أن الولايات المتحدة تعتبر أي هجوم مسلح على أراضي دولة قطر أو سيادتها أو بنيتها التحتية الحيوية تهديدا لسلام وأمن الولايات المتحدة.
وبيّن ترامب أن هذا الأمر الرئاسي جاء تقديرا للتحالف الدائم بين الولايات المتحدة ودولة قطر.
وشدد على أن سياسة الولايات المتحدة هي ضمان أمن دولة قطر وسلامة أراضيها ضد أي هجوم خارجي.
جاء ذلك عقب العدوان الإسرائيلي الذي استهدف مقرات سكنية لقيادة حماس في العاصمة الدوحة في التاسع من سبتمبر الماضي، والذي أعلن فيه نتنياهو اعتذاره عنه وتعهده بعدم تكراره في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.