أجرى مسؤولون قطريون مباحثات مع الحكومة الأفغانية المؤقتة وذلك بعد يومين من مفاوضات استضافتها الدوحة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان وهي الأولى منذ عودة الأخيرة للحكم قبل عامين.
وتبذل الدوحة جهودا متسارعة لتقريب وجهات النظر بين حركة طالبان والمجتمع الدولي من أجل تخفيف معاناة المدنيين الأفغان الذين يعيشون أوضاعا اقتصادية متردية بسبب العزلة التي تفرضها واشنطن على البلاد.
وكثيرا ما طالب القطريون بفصل الملف الإنساني عن الخلاف السياسي مع طالبان، وتواصل الدوحة تزويد كابل بمساعدات إنسانية للحد من وطأة الأزمة على السكان.
وسبق أن حذر رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني من خطر اندفاع البلد الذي عاش عقودا متواصلة من الحرب نحو الفوضى والعنف في حال فقد الأمل في إنهاء معاناته.
وبحث ممثل وزير الخارجية القطري الخاص لأفغانستان الدكتور مطلق القحطاني ووزير الخارجية الأفغاني المولوي أمير خان متقي الوضع الراهن في أفغانستان وعددا من القضايا الاقتصادية والتجارية.
وقالت وزارة الخارجية الأفغانية في بيان يوم الأربعاء (2 أغسطس 2023) إن القحطاني أعرب عن طمأنينته للوضع الراهن في أفغانستان.
وأكد المسؤول القطري أن على دول المنطقة والعالم الانخراط في تعامل بناء مع كابل وألا يتم تفويت الفرص المتاحة.
ودعا الجانبان إلى ضرورة مواصلة وتوسيع التعاون الشامل فيما يتعلق بأفغانستان، حسب البيان.
في اليوم نفسه، بحثت وزيرة الدولة القطرية للتعاون الدولي لولوة الخاطر مع متقي عددا من المواضيع المتعلقة بالتعليم والصحة وتمكين الأفراد، وفق بيان صادر عن الخارجية القطرية.
وكانت الوزيرة القطرية قد بحثت مع المبعوث الأمريكي الخاص لأفغانستان توماس ويست ومبعوثة واشنطن الخاصة لشؤون المرأة الأفغانية وحقوق الإنسان رينا أميري، نتائج المفاوضات التي جرت يومي الأحد والاثنين (30 و31 يوليو 2023).
View this post on Instagram
مفاوضات هامة
هذه المباحثات هي الأولى منذ عودة طالبان للحكم قبل عامين، وقد تناولت قضايا عديدة شائكة بين الجانبين، وفق ما أعلنته وزارة الخارجية الأفغانية مطلع أغسطس الجاري.
وناقش الجانبان عددا كبيرا من القضايا الشائكة بين الجانبين بما في ذلك العقوبات التي تفرضها واشنطن على كابل وأسماء قادة طالبان الموضوعة على القائمة الأمريكية السوداء، وملف حقوق الإنسان والمرأة في أفغانستان.
وضم الوفد الأفغاني الذي ترأسه وزير الخارجية المؤقت مولوي أمير خان متقي، ممثلين عن وزارة المالية وبنك أفغانستان ومسؤولين في السفارة الأفغانية.
أما الوفد الأمريكي المكون من 15 عضوا فكان برئاسة المبعوث الأمريكي الخاص لأفغانستان توماس ويست.
في وقت سابق، نجحت قطر في إدارة وساطة بين الجانبين انتهت بتوقيع اتفاق سلام في 2020، وهو الاتفاق الذي انسحبت على إثره القوات الأمريكية والغربية من أفغانستان في أغسطس 2021.
وتزامنا مع انسحاب القوات الغربية التي احتلت البلاد لعقدين، اجتاحت قوات طالبان العاصمة كابل وسيطرت على مقرات الحكم وفرضت سيطرتها مجددا بعدما أخمدت عددا من الجيوب التي حاولت وقف تقدمها.
وأعلنت الحركة انفتاحها على الجميع وتعهدت بضمان الحقوق السياسية والحريات والانفتاح على كافة مكونات الشعب الأفغاني، لكنها لم تفعل ذلك جديا حتى الآن.
فقد سارعت طالبان لإعلان عودة الإمارة الإسلامية وشكلت حكومة مؤقتة منذ عامين سيطرت عليها بشكل كامل، وما لبثت أن فرضت قيودا صارمة على عمل المرأة وتعليم الفتيات.
واستغلت الولايات المتحدة سلوكيات الحركة لفرض عزلة كاملة على البلد وتجميد أمواله الموجودة في عدد الدول، بحجة عدم احترام الحركة لحقوق الإنسان.
وانتقدت الدوحة سلوكيات طالبان ودعتها لإعادة النظر في قراراتها، لكنها في الوقت نفسه دعت الولايات المتحدة للنظر في مسألة العقوبات التي تزيد من أزمة المدنيين الأفغان.
قبل شهرين اثنين، حققت قطر إنجازا جديدا عندما التقى رئيس الوزراء وزير الخارجية بزعيم الحركة هيبة الله آخوند زاده، سرا في مدينة قندها، معقل الحركة.
وناقش اللقاء الذي جرى في 10 مايو الماضي، عددا من الأمور التي تتطلب إعادة نظر حتى تتمكن الحركة من التعامل مع العالم.
حتى الآن، لم تحظ طالبان بأي اعتراف دولي حتى من قطر نفسها، لكن الإدارة الأمريكية أبدت قبولا للمحادثات التي بدأتها الدوحة مع الحركة.
وفق المعلن، ناقشت اللقاءات التي جرت مؤخرا أمورا تتعلق بحقوق الإنسان وتجارة المخدرات وحقوق المرأة والفتيات، والعقوبات المفروضة على طالبان وعلى أفغانستان.
الخارجية الأمريكية، قالت قبل أيام من المفاوضات إنها تعمل وفق مصالحها وإن التفاوض لا يعني تغير موقفها من طالبان.
وفقا لتقارير الأمم المتحدة، فإن 23 مليون أفغاني يعيشون على المساعدات وهم يمثلون نصف السكان تقريبا.
View this post on Instagram
بناء الثقة
وزارة الخارجية الأفغانية قالت إن المفاوضات التي جرت في الدوحة تناولت مسألة بناء الثقة بين الجانبين مثل رفع العقوبات وحظر السفر عن قادة طالبان.
كما تناولت المفاوضات إعادة أصول البنك المركزي الأفغاني المجمدة في الخارج، فضلا عن قضايا حقوق الإنسان ومكافحة تجارة المخدرات.
وتعليقا على هذه اللقاءات، قال القائد الأعلى السابق لحلف شمال الأطلسي (ناتو) في أوروبا إن على الجميع التفاوض مع طالبان من أجل تحقيق نجاحات فيما يتعلق بحقوق المرأة وإخراج الأفغان الذين دعموا القوات الأجنبية في وقت سابق.
وخلال تواجده في الدوحة، التقى وزير الخارجية الأفغاني أمير متقي سفراء وممثلين خاصين بأفغانستان من أمريكا وبريطانيا وإسبانيا وكوريا الجنوبية وهولندا وإيطاليا وأستراليا وكندا.
ووفقا لوزارة الخارجية الأفغانية، فقد قدم متقي خلال اللقاء معلومات مهمة عن آخر التطورات السياسية والاقتصادية والأمنية ونظام الحكم ومكافحة المخدرات.
كما عرض متقي معلومات عن تدشين مئات المشاريع وسائر الإنجازات الشاملة والتطورات في ظل حكم طالبان.
وقال المتحدث باسم خارجية أفغانستان حافظ أحمد عبر تويتر إن وفد كابل تحدث خلال اللقاء أيضا عن نشاطات الهلال الأحمر الأفغاني وما سيحتاجه كمؤسسة مستقلة قريبا.
وقدَّم المدير العام لخزانة وزارة المالية نصر الله محمود تقارير عن الأوضاع المالية والاقتصادية في ضوء الحقائق والأرقام في الاجتماع المذكور.
وعرض المدير العام لسوق الأعمال في مصرف “دا أفغانستان” محمد عباس سامح معلومات عن الشفافية والتطورات والآليات في القطاع المصرفي في أفغانستان.
وقال المتحدث باسم الخارجية إن متقي والوفد المرافق له أجابوا على أسئلة سفراء مختلف البلدان وكشفوا الستار عن مخاوفهم، وأكدوا ضرورة حضور هذه الوفود الخاصة إلى أفغانستان ومراقبة الوضع بها عن كثب بدلا من القيام بمُهمّاتهم من بعيد.
وأكد المشاركون على استمرار مثل هذه اللقاءات والتعاملات الإيجابية مع أفغانستان، حسب الخارجية الأفغانية.
وكان زعيم الحركة أبدى خلال لقائه الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، انفتاحه على مناقشة الأمور العالقة بين طالبان ودول العالم خصوصا الولايات المتحدة بما يخدم عود اندماج أفغانستان في المجتمع الدولي.