نماذج الذكاء الاصطناعي تصدّق “الجزيرة” وتكذّب الرواية الإسرائيلية

نماذج الذكاء الاصطناعي تصدّق "الجزيرة" وتكذّب الرواية الإسرائيلية

كشف تحليل أجرته صحيفة Washington Free Beacon الأمريكية، أن شركات الذكاء الاصطناعي الكبرى تعتمد بشكل كبير على شبكة الجزيرة الإعلامية كمصدر موثوق لملخصات الأخبار حول الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

وبيّن التحليل أن “الجزيرة، هي أحد المصدرين الرئيسين اللذين تستخدمهما روبوتات الدردشة الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي “شات جي بي تي – ChatGPT” و “جوجل جيميناي – Google Gemini” و ” Perplexity AI”، و” Grok” للإجابة على الأسئلة وكتابة ملخصات إخبارية حول الحرب الإسرائيلية.

وقالت الصحيفة في تقرير لها، إن انتشار قناة الجزيرة كمصدر أساس للبحث عن الأخبار التي يولدها الذكاء الاصطناعي يثير تساؤلات حول قدرة (أو رغبة) عمالقة الذكاء الاصطناعي الأمريكيين في تقديم أخبار دقيقة عن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، في الوقت الذي تحل فيه الملخصات التي يولدها الذكاء الاصطناعي محل المنشورات الإخبارية التقليدية بشكل متزايد كمصدر رئيس للأخبار.

أكثر المصادر موثوقية

وعند سؤال معدي التحليل لنماذج الذكاء الاصطناعي حول موثوقية الجزيرة، أكدت هذه النماذج أن “الجزيرة أحد أكثر المصادر موثوقية في هذا الموضوع (الحرب الإسرائيلية على غزة) وقضايا الشرق الأوسط”.

كما أشادت ربوتات الذكاء الاصطناعي بقناة الجزيرة لموثوقيتها و”تفاصيلها الميدانية” و”مصداقيتها الأكاديمية” و”ظهورها العالمي”.

وأظهرت بيانات ChatGPT بحسب الصحيفة الأمريكية، أن نموذج الذكاء الاصطناعي الرائد عالميا، استشهد في الشهر الماضي بقناة الجزيرة في موضوع الحرب على غزة أكثر من أي مصدر إخباري آخر، بما في ذلك نيويورك تايمز وأسوشيتد برس.

وفي السياق كشفت البيانات الخاصة بنموذج جوجل للذكاء الاصطناعي Gemini أنه لا يستخدم على وجه التحديد مصادر إخبارية مؤيدة لإسرائيل، لأنها لا تريد الانخراط فيما يسمى بالعبرية “هاسبارا”، وهي الكلمة العبرية التي تعني العلاقات العامة والدعوة، بدلا من الصحافة.

وأكدت بيانات نموذج Perplexity – الذي يفتخر بـ 22 مليون مستخدم – أن أهم مصادر أخباره عن الشرق الأوسط هي “وسائل إعلام محترمة ذات معايير إخبارية وتحريرية قوية على المستوى الإقليمي”. أولها قناة الجزيرة.

وعندما سُئل ChatGPT عن سبب اعتماده المتكرر على الموقع الإخباري للجزيرة، قال إن قناة الجزيرة تتمتع بوصول إلى الميدان، وظهور في نتائج البحث، وتوازن في وجهات النظر، وتوصيات أكاديمية/مكتبية.

وأوضح أن “جامعات مثل هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تدرج قناة الجزيرة في قوائمها المختارة من المصادر الموثوقة حول الصراع، لذا فهي جزء من “المجموعة القياسية” التي استخدمها، إلى جانب رويترز وهآرتس وبي بي سي وغيرها”.

وذكرت روبوتات الدردشة أن قناة الجزيرة ووكالة رويترز على رأس قائمتها كمصادر “متكررة جدا”، ووكالة أسوشيتد برس وهآرتس كمصادر “متكررة”، ونيويورك تايمز وتايمز أوف إسرائيل كمصادر “عرضية”.

كما أدرج نموذج “جيمنياي” قناة الجزيرة في قائمته لأكثر المصادر موثوقية بشأن الصراع في الشرق الأوسط، إلى جانب وسائل مجلة +972 وموندويس وبتسيلم.

أما نموذج Grok، فقد أشار عند سؤاله عن اعتماده لقناة الجزيرة كمصدر، إلى أن الجزيرة “تلتزم بالمعايير الصحفية، وتوظف مراسلين محترفين، وتتمتع بسمعة عالمية في تغطيتها الشاملة للشرق الأوسط. وهي توفر باستمرار تفاصيل يمكن التحقق منها عن الأحداث وأعداد الضحايا والآثار الإنسانية، والتي يتم مراجعتها من قبل وسائل إعلام ومنظمات أخرى مثل الأمم المتحدة”.

وحاول محللو البيانات في الموقع الأمريكي إبراز ما أسموه “التمويل القطري” لقناة الجزيرة عند سؤالهم لنموذج Perplexity والذي كانت إجابته كالتالي: “على الرغم من تمويلها وتحيزاتها المحتملة، فإن قناة الجزيرة معروفة على نطاق واسع بمواردها الواسعة في مجال التغطية الدولية، ومنظورها الإقليمي، واستعدادها لتغطية القصص التي لا تحظى بتغطية كافية من قبل وسائل الإعلام الغربية”.

إبادة جماعية ومجاعة

ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن اعتماد الجزيرة كمصدر موثوق لدى نماذج الذكاء الاصطناعي، قد يكون السبب وراء بعض الإجابات التي تثبت تورط “إسرائيل” في ارتكاب جريمة إبادة جماعية في قطاع غزة، وهو الأمر الذي أجمعت عليه العديد من المؤسسات الحقوقية والقانونية الدولية.

وأشارت الصحيفة إلى أن ChatGPT يجيب في حال سؤاله عن احتمالية ارتكاب إسرائيل لإبادة جماعية كالتالي: “الأدلة قوية وتزداد بمرور الوقت. هناك أسباب وجيهة للاعتقاد بأن إبادة جماعية قد تكون تحدث. ولكن في الوقت الحالي، من الناحية القانونية، لم يتم الفصل في ذلك بشكل قاطع في محكمة ملزمة على الرغم من أن القضايا لا تزال قيد النظر”.

أما جيمنياي فيذكر عن سؤاله أن “هناك إجماع دولي قوي بين المنظمات الإنسانية وهيئات الأمم المتحدة على أن أفعال إسرائيل، بما في ذلك حصارها وعملياتها العسكرية وقيودها على المساعدات، تسببت بشكل مباشر في المجاعة في غزة، لكن إسرائيل ترفض هذا الاستنتاج وتلقي باللوم على حماس”.

كما أكد نموذج “جيمنياي” أن “تقييم تلك الوسائل الإعلامية على أنها معادية لإسرائيل ليس دقيقا تماما”، ردا على سؤال للمحللين حول انحياز الوسائل الإعلامية التي يتخذ منها النموذج مصادر موثوقة.

وأضاف جيمنياي: “على الرغم من انتقادهم الشديد لسياسة الحكومة الإسرائيلية ووصفهم في كثير من الأحيان بأنهم مؤيدون للفلسطينيين، فإنهم ليسوا بالضرورة معادين لإسرائيل. هذا التمييز مهم لفهم دورهم. فهم في المقام الأول وسائل إعلام دعوية تركز على قضايا حقوق الإنسان وآثار الاحتلال”.

قلق إسرائيلي

من جهتها، اعتبرت القناة 14 الإسرائيلية أن اعتماد شركات الذكاء الاصطناعي العملاقة الجزيرة مصدرا رئيسا للمعلومات لتقديم إجابات وملخصات إخبارية حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني “أمر مثير للقلق”.

ونقلت القناة الإسرائيلية تحليل موقع “واشنطن فري بيكون” الأمريكي، الذي صنّف الجزيرة واحدة من أكثر مصادرها موثوقية في قضايا الشرق الأوسط والمواضيع المتعلقة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

شهداء الجزيرة

الجدير بالذكر، أن الاحتلال الإسرائيلي اغتال عبر استهدافات مباشرة 11 من كوادر الجزيرة في قطاع غزة، الذي واصل تغطيته للمجازر الإسرائيلية منذ بدء الحرب على القطاع التي بدأت في السابع من أكتوبر لعام 2023، وسط مساع إسرائيلية حثيثة لفرض حصار إعلامي، للتعمية على مجريات الإبادة الجماعية في القطاع.

وارتفع عدد الصحفيين الشهداء إلى 252 صحفيا، قضى كثير منهم أثناء قيامهم بنقل الأحداث في القطاع، في حين استشهد بعضهم جراء قصف إسرائيلي مباشر لمنازلهم، لتبلغ حصيلة الصحفيين الشهداء أرقاما غير مسبوقة في أي حرب أو صراع في التاريخ الحديث.

ويشن الاحتلال الإسرائيلي منذ قرابة العامين “حرب إبادة جماعية وتجويع” بتوصيف من المنظمات الإنسانية والقانونية، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 66 ألف فلسطيني وإصابة الآلاف.

الرابط المختصر: https://msheireb.co/720