كشف وكالة “TRT” التركية، عن كواليس محاولة الاحتلال الإسرائيلي الفاشلة لاغتيال الوفد المفاوض لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” في العاصمة القطرية الدوحة، شارحة الأسباب التي أدت إلى فشل “محاولة الاغتيال”.
ونسبت الوكالة التركية معلوماتها إلى تحقيق أمني أجرته حركة حماس واطلعت عليه الوكالة، والذي أكد أن “الاحتلال الإسرائيلي فشل في اختراق المنظومة الأمنية القطرية، أو زرع أيّ متخابرين في محيط الوفد”.
قبل ساعات من الاجتماع
وذكر تقرير “TRT” أنه وقبل ساعات من استهداف المبانِ السكنية في الحي الدبلوماسي بالعاصمة القطرية الدوحة، انعقد اجتماع أمني داخلي حساس ضم مجموعة من القيادات والمرافقين في حركة المقاومة الإسلامية “حماس، كان هدفه الأساسي وضع خطة أمنية استباقية لحماية وفد الحركة المفاوض.
وقاد الاجتماع بحسب التقرير، الضابط الأمني القطري المسؤول عن أمن الوفد، إلى جانب كل من السكرتير الخاص همام خليل الحية نجل رئيس حركة حماس في غزة ورئيس وفدها المفاوض، و مدير مكتب خليل الحية جهاد لبد.
وضع الثلاثة خلال الاجتماع بروتوكولات أمنية صارمة واستثنائية تتعلق بحركة الوفد، ونقاط الدخول والخروج، وتحديد المسارات البديلة للتنقل ومواقع للتأمين.
ما لم يدركه الكثيرون حينها، أن هذه الإجراءات لم تكن مجرد ترتيبات احترازية، بل شكلت الخط الدفاعي الأخير الذي فصل بين الوفد المفاوض وبين محاولة اغتيال محققة، في واحدة من أخطر عمليات الاستهداف الاستخبارية التي نفذتها إسرائيل ، بحسب ما تؤكده نتائج التحقيق الذي اطلعت عليه الوكالة.
ما قبل القصف
ظهر يوم الثلاثاء 9 سبتمبر 2025، بدأ قادة حماس بالتوافد إلى المجمع السكني المخصص لهم في الحي الدبلوماسي بالعاصمة القطرية. وكان في استقبالهم رئيس وفد الحركة المفاوض خليل الحية.
ويقع المجمع في حي يعج بالسفارات والبعثات الأجنبية من أبرزها: السفارة الإسبانية، والروسية، والعراقية، والفلبينية، وتحيط به محطة وقود ومدرسة للبنين.
ومن أبرز من وصلوا للاجتماع وفقا للتقرير، رئيس حركة حماس في الضفة الغربية زاهر جبارين، ورئيس مكتب العلاقات العربية والإسلامية باسم نعيم، وعضو المكتب السياسي عضو الوفد المفاوض غازي حمد.
وتأخر الاجتماع دقائق قليلة بسبب مكالمة بين خليل الحية والوسيط القطري، تناولت المستجدات بشأن المقترح الأمريكي الذي قدمه الرئيس دونالد ترامب لوقف إطلاق النار في غزة، والذي تسلمت “حماس” نسخته النهائية قبل 15 ساعة من انعقاد اللقاء. تقول الوكالة التركية.
ويتكون المجمع السكني الذي جرى فيه اللقاء من خمسة مبانٍ سكنية ومبنى خدمات، تم تخصيصها وفق توزيع أمني دقيق على النحو التالي:
- مبنى مخصص لمكتب خليل الحية
- مبنى لسكن العائلة
- مبنى لعناصر الحماية والمرافقة
- مبنى لفريق الحماية القطري
- مبنى خامس
كلمة السر همام
ووفقا لخطة أمنية وضعها همام الحية نجل رئيس الوفد المفاوض، تم نقل القادة إلى مبنى الاجتماع بعد وصولهم، بينما بقي هو وفريق المكتب في المبنى الأساسي.
وتبيّن وفقا للتحقيق الأمني الذي أجرته حركة “حماس” واطلعت عليه “TRT”، أن هذه الخطوة التي بدت بسيطة في ظاهرها، كانت حاسمة في إفشال محاولة الاغتيال، إذ أبعدت القيادات عن المبنى الذي استهدف لاحقا.
وذكر التقرير أن من بين الإجراءات الأمنية التي سبقت محاولة الاغتيال كان، فصل الوفد عن أجهزتهم الذكية، واستخدام أجهزة اتصال مؤمنة وفرتها فرق الحركة الأمنية، ما ساهم في تضليل أجهزة الاستطلاع الإسرائيلية.
وأشار التحقيق إلى أن عدم تحديث مكان القادة في الأجهزة الأمنية، وعزلهم التام عن الاتصالات اللاسلكية ساهم في إعطاء انطباع زائف بأن الوفد ما زال في المبنى الأساسي.
هذه الإجراءات ضللت الاستخبارية الإسرائيلية، وأدت إلى استهداف موقع لم يعد يحتضن القيادات، وهو ما جنب اغتيال الوفد المفاوض. وفقا للتحقيق الأمني.
ست غارات و12 صاروخا
وأكمل التقرير: “عند الساعة 03:46 بعد الظهر وبينما مر على الاجتماع نحو ساعة ونصف، هزت ست غارات جوية متتالية المجمع، أطلقت خلالها طائرات الاحتلال 12 صاروخا”.
ووفق معلومات التحقيق الأولية، فإن كل غارة كانت بصاروخين، وقد تم استهداف مواقع متفرقة داخل المجمع، ونتج عنها سقوط شهداء وجرحى من قيادات ومرافقي الحركة والفريق الأمني القطري.
واستشهد وأصيب خلال الغارات حسب تسلسل الضربات وفقا للتحقيق:
- الغارة الأولى: استشهاد همام خليل الحية.
- الغارة الثانية: استشهاد جهاد لبد إلى جانب اثنين من أفراد الطاقم هم مؤمن حسون وأحمد عبد الملك.
- الغارة الثالثة: استشهاد عبد الله عبد الواحد قائد الفريق الأمني لباسم نعيم، أثناء محاولته إنقاذ المصابين
- الغارتان الرابعة والخامسة: إصابة أفراد عائلة خليل الحية في منزلهم
- الغارة السادسة: استهداف فريق الحماية القطري، واستشهاد بدر الدوسري، وإصابة عدد من زملائه.
الإخلاء الطارئ
وتابع التقرير: “عند الساعة 03:53 مساء، تم تفعيل خطة الإخلاء الطارئة، حيث انطلقت مركبات من نقاط متفرقة لنقل القيادات إلى أماكن آمنة، ضمن تنسيق مشترك بين الفريق الأمني لحماس والحماية القطرية”.
وتم توزيع القادة على مواقع بديلة مسبقا ضمن بروتوكول الحماية المشدد، حيث أن إصرار همام خليل الحية على نقل الوفد من المكتب المعتاد إلى مبنى الاجتماعات، كان هو التحول الأبرز في تفادي كارثة أمنية، ما أدى إلى حماية القيادة السياسية العليا لحماس من محاولة اغتيال.
كما ثَبُت بحسب التقرير، أن التخطيط الأمني المشترك بين فرق حماس وجهاز الحماية القطري أثبت فعاليته في سيناريو الاغتيال.