حقيقة شركة “المجد” وكيف يتم تنسيق رحلاتها من غزة؟

حقيقة شركة "المجد" وكيف يتم تنسيق رحلاتها من غزة؟

قبل أن تضع الحرب على قطاع غزة أوزارها، فتحت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مسارا موازيا للعمليات العسكرية، يتمثل في تهجير الفلسطينيين خارج القطاع، مستغلة المعاناة الإنسانية الممتدة منذ عامين، وتوق السكان للنجاة.

 ورغم تراجع الحديث العلني عن التهجير تحت وطأة الرفض العربي والغربي، فإن إسرائيل واصلت، وفق تحقيقات جديدة، اتباع طرق ملتوية لتحقيق الهدف ذاته.

فبعد يومين من تقرير لوكالة “أسوشييتد برس” كشف تفاصيل رحلة مشبوهة نقلت 150 فلسطينيا من مطار “رامون” إلى جنوب أفريقيا من دون وثائق، نشرت صحيفة “هآرتس” العبرية تحقيقا موسعا يكشف وجود جمعية يديرها إسرائيلي إستوني، تولت إخراج مئات الفلسطينيين من غزة تحت غطاء “الهجرة الطوعية“.

جمعية غامضة وواجهات مزيفة

وبحسب “هآرتس”، تعمل الجمعية  التي تحمل اسم “المجد”  على نقل الفلسطينيين إلى إندونيسيا وماليزيا وجنوب أفريقيا مقابل 2000 دولار للمقعد الواحد على رحلات مستأجرة.

ورغم ادعائها أنها منظمة إنسانية تأسست في ألمانيا ولها مكاتب في القدس الشرقية، تبين عبر تدقيق سجلات الشركات أنها ليست سوى واجهة لشركة استشارات مسجلة في إستونيا.

المعطيات بقيت في إطار الاستغلال المالي حتى كشفت الصحيفة أن “مديرية الهجرة الطوعية” في وزارة الأمن الإسرائيلية أحالت الجمعية إلى مكتب “منسق أعمال الحكومة في المناطق”  التابع للوزير بتسلئيل سموتريتش، المعروف بدعوته العلنية لتهجير الفلسطينيين  لتنسيق الرحلات، ما يشكل دليلا مباشرا على ضلوع رسمي في العملية.

رحلات مستأجرة ومصير مجهول

وخلال الأشهر الماضية، انطلقت من مطار “رامون” رحلات مستأجرة عدة، حملت عشرات الفلسطينيين إلى دول متعددة.

 وأخطر تلك الرحلات كانت الأخيرة التي وصلت إلى جوهانسبرغ، حيث احتجز الركاب لأكثر من 12 ساعة بسبب وصولهم من دون تأشيرات أو تذاكر عودة، بل ومن دون ختم مغادرة من “رامون”.

وكشفت شهادات الركاب ظروفا إنسانية قاسية، شملت عدم توفير طعام أو ماء لعائلات تضم أطفالا، خلال ساعات الاحتجاز الطويلة.

سفارة فلسطين في جنوب أفريقيا وصفت المنظمة المنسّقة للرحلة بأنها “جهة مشبوهة وغير مسجلة تستغل معاناة الغزيين”، بينما حذرت وزارة الخارجية الفلسطينية سكان القطاع من الوقوع في “مصائد تجار الدم ووكلاء التهجير”.

السفيرة الفلسطينية لدى جنوب أفريقيا حنان جرار، في الوسط، تلتقي مسافرين فلسطينيين على متن طائرة في جوهانسبرغ، جنوب أفريقيا.

واجهة لشركة إسرائيلية

وأظهر التحقيق أن الجمعية مرتبطة بشركة إستونية تسمى “تالنت غلوبوس” أسسها الإسرائيلي الإستوني تومر ينار ليند عام 2023.

وتبيّن أن موقع الجمعية أُنشئ قبل أشهر قليلة فقط، وأن المعلومات المعروضة عليه مضللة، بما فيها الصور والروابط وأرقام الهواتف.

ورفض ليند التعليق على الجهة التي تقف وراء الجمعية، وهو الذي  يمتلك تاريخا في تأسيس شركات في بريطانيا ودبي، بعضها ببيانات اتصال مزيفة وفق التحقيق.

آلية الخروج

انتشر رابط الجمعية على مواقع التواصل في غزة، وتقدم المئات بطلبات للخروج، وبعد موافقة أولية كان يطلب من كل متقدم تحويل 1500–2700 دولار للجمعية ثم الانضمام إلى مجموعة واتساب تتولى التنسيق.

وانطلقت أولى المجموعات في 27 مايو الماضي، والثانية في 27 أكتوبر الماضي، وكلتاهما عبر معبر كرم أبو سالم ثم مطار رامون قبل الإقلاع إلى وجهات عدة.

دور سياسي واضح

وفي سياق متصل أعاد التحقيق التذكير بتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عقب عودته إلى البيت الأبيض، حين تحدث عن “نقل سكان غزة” وتحويل القطاع إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”.

 وهي تصريحات تزامنت مع تسهيل إسرائيلي كبير لخروج الفلسطينيين، عبر تخفيض نسبة رفض الشاباك لطلبات المغادرة.

شركات الطيران

شركة “فلاي يو” الرومانية، التي نقلت الفلسطينيين إلى كينيا، أكدت صحة الرحلات لكنها قالت إن وكيل سفر إسرائيلي هو من حجزها، رافضة الكشف عن اسمه.

أما شركة “غلوبال إيروايز” الجنوب أفريقية، فنفت أي علاقة بالجمعية وقالت إن معلومات الركاب وردتها من وكيل خارجي ادعى أنهم سياح لمدة 90 يوما.

ويكشف التحقيق خيوط شبكة معقدة تجمع جهات إسرائيلية رسمية، بشركات استشارات غامضة، وسماسرة سفر يعملون على تهجير الفلسطينيين من غزة بصورة متدرجة وغير معلنة، تحت غطاء “الهجرة الطوعية”، مقابل مبالغ مالية ضخمة، وبأساليب تفتقر إلى الشفافية والحد الأدنى من المعايير الإنسانية.

المصدر: وكالات

الرابط المختصر: https://msheireb.co/7oh