طالب سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، باتخاذ خطوات ملموسة لمواجهة حالة جنون القوة والغطرسة وهوس التعطش للدماء التي أصيبت بها حكومة إسرائيل، وما نجم وينجم عنها، من إصرارٍ على مواصلة حرب الإبادة والتهجير وتوسيع الاستيطان في فلسطين، والتدخل السافر في سيادة الدول العربية، والعدوان الغادر على قطر صانعة السلام، التي كرست دبلوماسيتها لحل الصراعات بالطرق السلمية، وتلقى على ذلك التقدير والاحترام في كل مكان.
وأكد سموه في كلمته خلال افتتاح القمة العربية الإسلامية الطارئة في الدوحة اليوم الاثنين، لمناقشة الاعتداء الإسرائيلي على السيادة القطرية، أن قطر عازمة على فعل كل ما يلزم. وأضاف سموه “يتيح لنا القانون الدولي الحفاظ على سيادتنا ومواجهة هذا العدوان الإسرائيلي”.
سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني: نحن عازمون على اتخاذ كل ما يلزم ويتيحه القانون الدولي للحفاظ على سيادتنا ومواجهة هذا العدوان الإسرائيلي pic.twitter.com/MNjSpykvZX
— منصة مشيرب – Msheireb Platform (@msheirebQa) September 15, 2025
وقال سموه إن “عاصمة بلدي الدوحة تعرضت إلى اعتداء غادر، استهدف خلاله أحد مساكن القيادة السياسية لحركة حماس ووفدها المفاوض، وهذا في حي سكني يضم مدارس وبعثات دبلوماسية”.
وأضاف سمو الأمير في كلمته: “سقط جراء العدوان ستة شهداء من ضمنهم مواطن قطري، يخدم في قوة الأمن الداخلي “لخويا”، وأصيب 18 شخصا بجراح”.
وأشار إلى أن مواطني ومقيمي قطر تفاجؤوا وصدم معهم العالم كله، “ليس لأن هذا العدوان انتهاك سافر وخطير لسيادة دولة ودوس على المواثيق والأعراف الدولية فحسب، بل أيضا بسبب الظروف الخاصة المحيطة بهذا العمل الإرهابي الجبان”.
وتابع سموه: “قطر التي تبعد آلاف الأميال عن المكان الذي انطلقت منه الطائرات المعتدية، هي دولة وساطة تبذل منذ عامين جهود مضنية من أجل التوصل لتسوية توقف الحرب القاتلة المدمرة التي تشن على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، والتي تحولت منذ مدة إلى حرب إبادة”.
وأوضح سمو الأمير أن “الدوحة استضافت خلال هذه المفاوضات وفودا من حركة حماس وإسرائيل، وقد أنجزت الوساطة بالتعاون مع الشقيقة مصر والولايات المتحدة الأمريكية تحرير 135 من الرهائن، في مقابل هدنتين في عامي 2023 و2025، وإطلاق سراح مئات الأسرى الفلسطينيين، لكن إسرائيل واصلت الحرب، وواصلنا الوساطة على أمل التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن، وانسحاب إسرائيل من القطاع، ودخول المساعدات الإنسانية، وتحرير أسرى فلسطينيين”.
وأشار سموه إلى أنه “عندما وقع الاعتداء الغادر كانت القيادة السياسية لحركة حماس، تدرس اقتراحا أمريكيا تسلمته منا ومن المصريين، ومن الواضح أن إسرائيل التي من المفترض أن تكون الطرف المفاوض الآخر في سياق هذه الوساطة، كانت على علم بهذا الاجتماع المنعقد في مكان معروف، يزوره دبلوماسيون وصحفيون وغيرهم”.
وشدد على أن إسرائيل قررت اغتيال مفاوضين عاكفين على دراسة ورقة أمريكية لإعداد ردهم عليها. وتساءل سموه: “هل سمعتم عن شيء كهذا من قبل؟! دولة تعمل على نحو منهجي ومثابر لاغتيال السياسيين الذين تفاوضهم، وتعتدي على الدولة الوسيط الذي تجري فيه المفاوضات!”.
وأضاف سموه: “إذا كانت إسرائيل تريد اغتيال القيادة السياسية لحركة حماس فلماذا تفاوضها؟ وإذا كانت تريد التفاوض لإطلاق سراح الرهائن، فلماذا تغتال كل من يمكن أن يدير المفاوضات معها؟ وكيف علينا أن نستقبل في بلدنا وفودا إسرائيلية للتفاوض، فيما يخطط من أرسلها لقصف هذا البلد”.
وتابع سموه في كلمته: “لا تنتظر هذه الأسئلة جوابا، بل توضح لماذا نقول بملء الفم، أن هذا العدوان، هو في الحقيقة عدوان سافر وغادر وجبان، يستحيل التعامل مع هذا القدر من الخبث والغدر”.
وأكد سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أن إسرائيل تتقصد إفشال المفاوضات، وأن ادعاءها أن هدفها منها هو تحرير محتجزيها، ادعاء كاذب، مشددا على إسرائيل ليس من أولوياتها الافراج عن جنودها ومواطنيها.
ولفت إلى أن المفاوضات عند الطرف الإسرائيلي “هي مجرد جزء من الحرب، تكتيك سياسي يرافق الحرب، ووسيلة لتعمية الرأي العام الإسرائيلي، فحين يضغط عليه رأيه العام يرسل وفدا للتفاوض، فيفعل ذلك بيد ويفشل المفاوضات باليد الأخرى. كان هذا أسلوبه حتى الآن”.
وأردف سموه قائلا: “إذا كان وقف الحرب هو ثمن تحرير رهائنه فهو لا يريدهم، فما يريده فعلا هو جعل غزة غير صالحة للعيش الإنساني تمهيدا لتهجير سكانها، إنه يؤمن بما يسمى أرض إسرائيل الكبرى ويستغل فرصة الحرب لتوسيع المستوطنات وتغيير الوضع القائم في الحرم القدسي الشريف، والتضييق على السكان في الضفة الغربية، ويخطط لعمليات ضم أجزاء منها”.
وأشار إلى أن “حكومة إسرائيل تعتقد أنها تضع العرب أمام وقائع جاهزة في كل مرة، ثم تتبعها بوقائع جديدة فينسون الجاهزة ويفاوضون على الجديد. ورئيس الحكومة الإسرائيلية الذي يتباهى أنه غيَّر وجه الشرق الأوسط في العامين الآخرين، يقصد فعلا أن تدخُّل إسرائيل في أي مكان شاءت ومتى شاءت”.
ونوّه إلى أن رئيس حكومة إسرائيل يحلم أن تصبح المنطقة العربية منطقة نفوذ إسرائيل، وهذا وهم خطير، ولفت إلى أن حكومة المستوطنين المتطرفين تريد أن يصبح إرسال سلاح الطيران الإسرائيلي للقصف في بلدان المنطقة أمرا معتادا.
سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني: تدّعي إسرائيل أنها ديمقراطية محاطة بالأعداء، وهي في الحقيقة تبني نظام احتلال وفصل عنصري معادٍ لمحيطه pic.twitter.com/6eS8wSAbJB
— منصة مشيرب – Msheireb Platform (@msheirebQa) September 15, 2025
وبيّن أن إسرائيل تدّعي أنها ديمقراطية محاطة بالأعداء، وهي في الحقيقة تبني نظام احتلال وفصل عنصري معادٍ لمحيطه، وتشن حرب إبادة ارتكب خلالها من الجرائم ما لا يعرف الخطوط الحمراء، ويعلن رئيس حكومتها منذ أيام، أنه منع قيام دولة فلسطينية وأن دولة كهذه لن تقوم مستقبلا.
واختتم سموه: “لو قبلت إسرائيل بمبادرة السلام العربية لوفرت على المنطقة وعلى نفسها ما لا يحصى من المآسي، ولكنها لا ترفض السلام مع محيطها فحسب، بل تريد أن تفرض عليه إرادتها، وكل من يعترض على ذلك هو في دعايتها الكاذبة التي لم يعد أحد يصدقها إما “إرهابي” أو “معادٍ للسامية”، في حين تمارس حكومة المتطرفين في إسرائيل سياسات إرهابية عنصرية في الوقت ذاته”.
وتأتي القمة في لحظة فارقة بعد الاعتداء الإسرائيلي الأخير على دولة قطر، الذي مثل صدمة غير مسبوقة على المستويين العربي والدولي نظرا لاستهدافه مقرات سكنية لعدد من قادة حماس داخل الدوحة، التي تلعب دور الوساطة منذ عامين لإنهاء الحرب المستمرة على قطاع غزة.
وقد لقي الهجوم الإسرائيلي إدانات عربية وعالمية واسعة باعتباره يمثل انتهاكا لسيادة دولة قطر، وخرقا للقوانين والمواثيق الدولية ذات الصلة، واعتداء على دولة تلعب دور الوسيط في التهدئة بين المقاومة الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي.

