شارك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر حسابه الرسمي على منصة تروث سوشيال، تقريرا لصحيفة “واشنطن بوست” يبرز “التحول الدراماتيكي” في مشهد الحرب على قطاع غزة والمنطقة بشكل عام، عقب العدوان الإسرائيلي على الدوحة في التاسع من سبتمبر الماضي.
وأوضحت “واشنطن بوست” في تقريرها، أنه رغم فشل الهجوم الإسرائيلي الذي وصفته بـ”الجريء” في تحقيق أهدافه، إلا أنه دفع الرئيس ترامب “الغاضب” ومستشاريه إلى الضغط على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لدعم إطار لإنهاء الحرب.
وقالت: “هناك على الأقل بعض التفاؤل بأن ما حدث خلال العشرين يوما التي أعقبت الضربة الإسرائيلية على قطر – دبلوماسية سرية عالية المخاطر بين دول فقدت منذ زمن طويل الثقة في دوافع بعضها البعض، لكنها اتفقت في النهاية على مسار لإنهاء الحرب – قد يكون له تأثير دائم بعد عامين من الدمار”.
وأشارت إلى أن العدوان على قطر، أعادت جاريد كوشنر، صهر ترامب، إلى دوره القديم كمفاوض في الشرق الأوسط. وأجبرت نتنياهو على تقديم اعتذار، وتركت لـ “حماس” ما يمكن أن يكون فرصة أخيرة لتجنب هجوم إسرائيلي مفتوح.
الهجوم على قطر
وحول كواليس الهجوم على قطر، قالت “واشنطن بوست” إن المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف، طلب من رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن يؤكد له أن البيت الأبيض لم يكن له أي دور في الغارة الإسرائيلية، كما اتصل بحكومات عربية أخرى لنقل نفس الرسالة.
وذكرت أن الجانب القطري أوقف فعليا وساطته في مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة بعد الضربة، فيما رأى بعض مسؤولي البيت الأبيض في فشل الضربة فرصة سانحة.
وأكد أن إسرائيل أخطأت أهدافها وأحدثت الضربة تأثيرا عكسيا، إذ أثارت غضب الولايات المتحدة والحكومات العربية المؤثرة. وربما اعتقد مسؤولو البيت الأبيض أنه يمكن استغلال هذه اللحظة لحمل نتنياهو على التنازل عن بعض نقاط التفاوض التي لطالما عارضها.
قمة الدوحة
ونقلت “واشنطن بوست” عن مصادر عدة مجريات الأمور وتفاصيل المحادثات التي جرت بعد الضربة الإسرائيلية، مشيرةً إلى أن قمة الدوحة التي جمعت قادة العرب والمسلمين في 15 سبتمبر، وجهت إدانات قوية لإسرائيل.
وأضافت الصحيفة نقلا عن مصادرها: “عمل مسؤولون من بعض الدول المجتمعة على قائمة مطالب أرادوا إدراجها في أي اتفاق لإنهاء الحرب في غزة، وكان من ضمن القائمة النهائية للمطالب، منع إسرائيل من مواصلة عملياتها العسكرية، وضم أو احتلال الأراضي، وتنفيذ التهجير القسري للفلسطينيين في غزة.
وتابعت: “قدم القطريون المطالب العربية إلى المسؤولين الأمريكيين شخصيا، حيث سافروا إلى نيويورك قبل أيام قليلة من بدء الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعاتها رفيعة المستوى في 22 سبتمبر”.
وأشارت إلى أنه بعد ذلك، أصر ترامب على أن أي خطة لغزة يجب ألا تقتصر على وقف إطلاق النار فحسب، بل يجب أن تكون “خطة لإنهاء الحرب” توافق عليها جميع الأطراف.
اجتماع متعدد الأطراف
وحول الاجتماع الذي عُقد على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، بين الرئيس ترامب وقادة عرب ومسلمين، ذكرت الصحيفة أن ترامب وويتكوف عرضا خطة الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في غزة، مؤكدة نقلا عن ممثلي الحكومات العربية الذين حضروا الاجتماع وكذلك المسؤولين الأمريكيين، أن الخطة التي وضعها ترامب وويتكوف لقيت استحسانا لأنها تضمنت إلى حد كبير النقاط الرئيسة التي تم الاتفاق عليها خلال اجتماع القادة العرب والمسلمين في الدوحة في أوائل سبتمبر.
وتناول التقرير اللقاءات التي وصفتها بـ”المكوكية” بين مستشاري ترامب ورئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي كان “غير واثق ومتشكك” في خطة ترامب، محاولا الضغط مرارا وتكرارا لتعديل الصياغة لتقليل التزامات إسرائيل، وخلق ثغرات قد تجعل الأمر يبدو وكأن حماس تنتهك الاتفاق.
وقالت “واشنطن بوست” أن نتنياهو استطاع تعديل بعض البنود الخاصة بالمقترح الأمريكي، إلا أنه لم يستطع تعديل ما تم الإشارة عليه في الخطة حول “إقامة الدولة الفلسطينية”.
وأضافت: “شعرت الدول العربية بالإحباط من بعض التغييرات التي حصل عليها نتنياهو، وكان بعض المسؤولين العرب يضغطون على نظرائهم الأمريكيين لتأجيل الإعلان عن التفاصيل الكاملة للخطة لأنهم كانوا قلقين من أن حماس لن توافق عليها. وقالوا إنهم يرغبون في إجراء مزيد من التعديلات على الخطة لجعلها أكثر قابلية للتطبيق”.
وفي يوم الإعلان عن الخطة، وبعد محادثات استمرت لأسبوعين بين ترامب ونتنياهو وفقا للصحيفة، اضطر نتنياهو للاعتذار لدولة قطر عن الهجوم الذي مسّ سيادتها، وتعهد بعدم تكرار ذلك.
خطة ترامب
والأسبوع الماضي، أعلن ترامب خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض جمعه مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أنهما اتفقا على خطة لإنهاء الحرب في غزة.
ووضع ترامب خطة من 21 نقطة لإنهاء الحرب على غزة وإقامة حكم ما بعد الحرب في قطاع غزة الذي دمرته الحرب. وتنص خطة ترامب على إنشاء مجلس حكم مؤقت يترأسه ترامب ويشمل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.
وقال ترامب إن إسرائيل ستحظى بـ”الدعم الكامل” من الولايات المتحدة لاتخاذ خطوات لهزيمة حماس إذا لم تقبل اتفاق السلام المقترح.
وأوضح ترامب أن “خطته تشمل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين خلال 72 ساعة، ووقف إطلاق النار، ونزع سلاح حماس”.
وأضاف أن خطته تدعو لتشكيل هيئة دولية إشرافية برئاسته تكون مسؤولة عن تدريب إدارة للحكم في قطاع غزة، لكنها تستبعد حركة “حماس”. ولفت إلى أنه ناقش مع نتنياهو “خطة للسلام في الشرق الأوسط بأسره، وليس فقط وقف الحرب في غزة”، على حد تعبيره.
موافقة حماس
والجمعة الماضية، أصدرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بيانا توضح فيه ردها على ما جاء في خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في قطاع غزة، والتي تسلمتها قبل أيام من قبل الوسطاء.
وقالت الحركة في بيانها، إنها أجرت “مشاورات معمقة في مؤسساتها القيادية، ومشاورات واسعة مع القوى والفصائل الفلسطينية، ومشاورات مع الوسطاء والأصدقاء، للتوصل لموقف مسؤول في التعامل مع خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب”.
وأعلنت الحركة في ردها موافقتها على “الإفراج عن جميع أسرى الاحتلال أحياء وجثامين وفق صيغة التبادل الواردة في مقترح الرئيس ترامب ومع توفير الظروف الميدانية لعملية التبادل”، مؤكدة استعدادها للدخول فورا من خلال الوسطاء في مفاوضات لمناقشة تفاصيل ذلك.
وجددت الحركة “موافقتها على تسليم إدارة قطاع غزة لهيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط) بناءً على التوافق الوطني الفلسطيني واستنادا للدعم العربي والإسلامي”.
وأضافت حماس في بيانها: “ما ورد في مقترح الرئيس ترامب من قضايا أخرى تتعلق بمستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب الفلسطيني الأصيلة فإنَ هذا مرتبط بموقف وطني جامع واستنادا إلى القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة، ويتم مناقشتها من خلال إطار وطني فلسطيني جامع ستكون حماس من ضمنه وستسهم فيه بكل مسؤولية”.
ضمانات أمنية
سبق ذلك إعلان البيت الأبيض، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أصدر أمرا رئاسيا، أكد فيه أن الولايات المتحدة تعتبر أي هجوم مسلح على أراضي دولة قطر أو سيادتها أو بنيتها التحتية الحيوية تهديدا لسلام وأمن الولايات المتحدة.
وبيّن ترامب أن هذا الأمر الرئاسي جاء تقديرا للتحالف الدائم بين الولايات المتحدة ودولة قطر.
وشدد على أن سياسة الولايات المتحدة هي ضمان أمن دولة قطر وسلامة أراضيها ضد أي هجوم خارجي.
جاء ذلك عقب العدوان الإسرائيلي الذي استهدف مقرات سكنية لقيادة حماس في العاصمة الدوحة في التاسع من سبتمبر الماضي، والذي أعلن فيه نتنياهو اعتذاره عنه وتعهده بعدم تكراره في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.