“وول ستريت”: الهجوم على الدوحة فتح الطريق أمام إنهاء الحرب في غزة

قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، إن الهجوم الإسرائيلي على الدوحة، مهدّ الطريق لخطة إنهاء الحرب في غزة، وذلك بعد أشهر من المفاوضات التي كانت دون جدوى.

وذكرت الصحيفة في تقرير لها، أن الهجوم الإسرائيلي بعث بالقلق لدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، خشية من أن “تنحرف جهودهما للسلام عن مسارها”.

وبيّنت أن الهجوم جاء على أراضي شريك أمني رئيس للولايات المتحدة دون سابق إنذار لترامب ودون أي إنذار لقطر. مشيرة إلى أن الهجوم كان تذكيرا جادا للدول العربية بمخاطر التصعيد الإقليمي، مما ركز اهتمامها على السلام.

وأوضحت أن ترامب ومساعدوه ضاعفوا جهودهم. وبعد ثلاثة أسابيع من الدبلوماسية المكوكية والاجتماعات المتكررة بين كبار المسؤولين من إسرائيل وقطر والمملكة العربية السعودية، وقف ترامب أمام الكاميرات في البيت الأبيض وأعلن أن لديه خطة.

وأعرب نتنياهو – المطلوب للعدالة الدولية – الذي كان يقف إلى جانبه، عن قبوله للخطة وقال إنه مستعد لإنهاء الحرب. وحذا حذوه عدد من القادة العرب والمسلمين.

وأشارت الصحيفة إلى أن محور هذه الجهود كان سلسلة من الاجتماعات التي اتسمت أحيانا بالحدة بين ويتكوف، وصهر ترامب جاريد كوشنر، ومقرب نتنياهو رون ديرمر، وكبار المسؤولين من قطر والمملكة العربية السعودية، وفقا لما ذكره أشخاص شاركوا في المحادثات.

تسلسل الأحداث

وقالت الصحيفة إنه “لطالما اعتُبرت المكونات الرئيسة لخطة ترامب المكونة من 20 نقطة عناصر ضرورية لأي اتفاق: تسليم حماس للرهائن والتخلي عن السلطة؛ وسحب إسرائيل لقواتها؛ ونشر قوة عربية دولية لتوفير الأمن في غزة؛ وتكنوقراط فلسطينيين لإدارة القطاع”.

وأضافت: “لكن المخاوف المتداخلة على مدى أشهر جعلت من المستحيل تحقيق تقدم. لم ترغب حماس في إطلاق سراح الرهائن المتبقين دون ضمان إنهاء الحرب. ولم تكن إسرائيل مستعدة لمغادرة غزة بالكامل حتى يتم تحييد حماس. وكانت الحكومات العربية مترددة في إرسال قوات وتبدو وكأنها محتلة تعمل لصالح إسرائيل، وأرادت التزامًا بإنشاء دولة فلسطينية قبل التدخل”.

وتابعت: “أدت هذه العقبات إلى سلسلة من الاجتماعات المحبطة خلال فصلي الربيع والصيف، حيث تردد المفاوضون بين مناقشات حول اتفاق شامل لحل الحرب أو إطلاق سراح محدود للرهائن مقابل وقف إطلاق نار مؤقت. ولم يحققوا تقدما يذكر في أي منهما، فيما اتخذ نتنياهو موقفا متشددا في المحادثات، مطالبا حماس بالاستسلام وتحويل تركيزه إلى حل النزاع من خلال العمل العسكري بدلا من الدبلوماسية”.

وأكملت: “في غضون ذلك، تزايد القلق الدولي بشأن الحرب. أدى الحصار الذي فرضته إسرائيل على المساعدات إلى غزة لمدة شهرين ونصف هذا الربيع إلى نقص حاد في الغذاء في القطاع، مما دفع الخبراء الدوليين إلى إعلان مجاعة في مدينة غزة، حيث كان مليون فلسطيني يعيشون في ملاجئ. وارتفع عدد القتلى في الحرب إلى ما يزيد عن 60 ألف شخص”.

وقالت الصحيفة إن “إسرائيل عملت على تخفيف القيود المفروضة على الغذاء، لكنها أعلنت بعد ذلك عن خطط لشن هجوم كبير للاستيلاء على مدينة غزة. وردت ألمانيا، الحليف المخلص، بتعليق شحنات الأسلحة، وأعلن عدد من الحكومات الغربية أنها ستعترف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر سبتمبر”.

وجاء ردّ إسرائيل على الاعترافات الدولية بالإشارة إلى أنها قد تضم الضفة الغربية، قلب أي دولة مستقبلية. وكان ذلك خطا أحمر بالنسبة للحكومات العربية.

العدوان على الدوحة

وعن كواليس العدوان على قطر قالت الصحيفة، إن ويتكوف قد التقى مع ديرمر وكوشنر في منزله في ميامي قبل أيام قليلة من الهجوم لوضع شروط اتفاق سلام. ولم يذكر المسؤول الإسرائيلي شيئا عن الهجوم المرتقب، مما جعل ويتكوف وكوشنر يشعران بالإهانة من الهجوم ومن عدم إخطارهما به.

وقال ويتكوف لاحقا لديرمر: “هذه ليست تصرفات صديق”.

أما ترامب، الذي كان غضبه يغلي، فكان أقل لطفا. قال ترامب عن نتنياهو، وفقا لمسؤولين سمعوا التعليق: “إنه يخدعني”.

وأكدت الصحيفة أن الهجوم الإسرائيلي “لم يؤد الهجوم إلى تعطيل المحادثات فحسب، بل أدى أيضا إلى زعزعة الشعور بالأمن والثقة في الولايات المتحدة في المنطقة بأسرها”.

وأضافت وول ستريت جورنال: “قطعت قطر جميع اتصالاتها مع إسرائيل، فيما أكد الرئيس ترامب لرئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن الولايات المتحدة لا علاقة لها بالضربة الإسرائيلية. وستعمل واشنطن على ضمان عدم تكرار مثل هذا الأمر مرة أخرى، وتريد إعادة محادثات السلام إلى مسارها الصحيح”.

وأشارت الصحيفة إلى أن مستشارو ترامب تحدثوا كثيرا معه قبل الاجتماع الذي جمعه بالقادة العرب والمسلمين في نيويورك على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكانت تفضيلات ترامب واضحة: “استغلال اللحظة لإنهاء الحرب. لا اتفاقات جزئية، لا مزيد من القتال، لا مزيد من الرهائن، والبدء في إعادة بناء غزة”.

ولفتت إلى أن “ويتكوف وكوشنر تعاونا لوضع مسودة لتقديمها. كانت هناك عدة مقترحات متداولة على مدى أشهر: أحدها من الولايات المتحدة، وأخرى من فرنسا والمملكة العربية السعودية. وصاغ رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير مقترحا آخر. قرر الفريق الأمريكي الجمع بين أفضل عناصر كل مقترح في خطة واحدة. ما كان في السابق خطة من سبع نقاط تقريبا ناقشتها الولايات المتحدة وإسرائيل تحول إلى مقترح من 21 نقطة”.

اجتماع متعدد الأطراف

في 23 سبتمبر، ترأس ترامب اجتماعا مع قادة عرب ومسلمين على هامش مؤتمر الأمم المتحدة السنوي لتقديم الخطة. كرر رغبته في التوصل إلى اتفاق، وطلب من ويتكوف أن يحدد الخطوط العريضة لما تدوره الولايات المتحدة في ذهنها. ولأسباب عملية، قلص ويتكوف النقاط الـ 21 إلى حوالي 10 أفكار رئيسة دون الخوض في التفاصيل.

سمو الأمير يشارك في الاجتماع متعدد الأطراف في نيويورك على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة

ضغوط قطرية

وقالت الصحيفة الامريكية إن قطر ضغطت بعد اجتماع ترامب مع القادة العرب والمسلمين، من أجل وضع مسار واضح لإنهاء الحرب، وإطلاق عملية سلام تشمل دولة فلسطينية. وقالت مصر إنها لن تساعد في تأمين غزة دون دور أكبر للسلطة الفلسطينية وقرار من الأمم المتحدة يدعم الخطة.

كما أرادت الدول العربية التزاما بالانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية وضمانا بعدم ضم الضفة الغربية. ذكرت الصحيفة.

وبينت الصحيفة أن الرئيس ترامب أرسل فريقا رفيع المستوى يضم كوشنر وويتكوف إلى محادثات في مصر لإبرام الاتفاق بشأن إطلاق سراح الرهائن والمضي قدما في الخطة الأوسع نطاقا. ومن المتوقع أن يلتقي بهم قريبا وفد إسرائيلي رفيع المستوى، يضم ديرمر.

خطة ترامب

والأسبوع الماضي، أعلن ترامب خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض جمعه مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أنهما اتفقا على خطة لإنهاء الحرب في غزة.

ووضع ترامب خطة من 20 نقطة لإنهاء الحرب على غزة وإقامة حكم ما بعد الحرب في قطاع غزة الذي دمرته الحرب. وتنص خطة ترامب على إنشاء مجلس حكم مؤقت يترأسه ترامب ويشمل رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير.

وقال ترامب إن إسرائيل ستحظى بـ”الدعم الكامل” من الولايات المتحدة لاتخاذ خطوات لهزيمة حماس إذا لم تقبل اتفاق السلام المقترح.

وأوضح ترامب أن “خطته تشمل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين خلال 72 ساعة، ووقف إطلاق النار، ونزع سلاح حماس”.

وأضاف أن خطته تدعو لتشكيل هيئة دولية إشرافية برئاسته تكون مسؤولة عن تدريب إدارة للحكم في قطاع غزة، لكنها تستبعد حركة “حماس”. ولفت إلى أنه ناقش مع نتنياهو “خطة للسلام في الشرق الأوسط بأسره، وليس فقط وقف الحرب في غزة”، على حد تعبيره.

نتنياهو يعتذر لقطر ويتعهد بعدم المساس بسيادتها خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني

موافقة حماس

والجمعة الماضية، أصدرت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بيانا توضح فيه ردها على ما جاء في خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في قطاع غزة، والتي تسلمتها قبل أيام من قبل الوسطاء.

وقالت الحركة في بيانها، إنها أجرت “مشاورات معمقة في مؤسساتها القيادية، ومشاورات واسعة مع القوى والفصائل الفلسطينية، ومشاورات مع الوسطاء والأصدقاء، للتوصل لموقف مسؤول في التعامل مع خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب”.

وأعلنت الحركة في ردها موافقتها على “الإفراج عن جميع أسرى الاحتلال أحياء وجثامين وفق صيغة التبادل الواردة في مقترح الرئيس ترامب ومع توفير الظروف الميدانية لعملية التبادل”، مؤكدة استعدادها للدخول فورا من خلال الوسطاء في مفاوضات لمناقشة تفاصيل ذلك.

وجددت الحركة “موافقتها على تسليم إدارة قطاع غزة لهيئة فلسطينية من المستقلين (تكنوقراط) بناءً على التوافق الوطني الفلسطيني واستنادا للدعم العربي والإسلامي”.

وأضافت حماس في بيانها: “ما ورد في مقترح الرئيس ترامب من قضايا أخرى تتعلق بمستقبل قطاع غزة وحقوق الشعب الفلسطيني الأصيلة فإنَ هذا مرتبط بموقف وطني جامع واستنادا إلى القوانين والقرارات الدولية ذات الصلة، ويتم مناقشتها من خلال إطار وطني فلسطيني جامع ستكون حماس من ضمنه وستسهم فيه بكل مسؤولية”.

ضمانات أمنية

سبق ذلك إعلان البيت الأبيض، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أصدر أمرا رئاسيا، أكد فيه أن الولايات المتحدة تعتبر أي هجوم مسلح على أراضي دولة قطر أو سيادتها أو بنيتها التحتية الحيوية تهديدا لسلام وأمن الولايات المتحدة.

وبيّن ترامب أن هذا الأمر الرئاسي جاء تقديرا للتحالف الدائم بين الولايات المتحدة ودولة قطر.

وشدد على أن سياسة الولايات المتحدة هي ضمان أمن دولة قطر وسلامة أراضيها ضد أي هجوم خارجي.

جاء ذلك عقب العدوان الإسرائيلي الذي استهدف مقرات سكنية لقيادة حماس في العاصمة الدوحة في التاسع من سبتمبر الماضي، والذي أعلن فيه نتنياهو اعتذاره عنه وتعهده بعدم تكراره في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.

شاهد أيضا