حققت دولة قطر نجاحا دبلوماسيا بعدما توسطت لإعادة فتح معبر بيت حانون (إيرز) الذي أغلقته حكومة الاحتلال الإسرائيلي قبل أسبوعين في وجه آلاف العمال الفلسطينيين الذين يعلمون في الأراضي المحتلة (الداخل الإسرائيلي).
وأغلقت إسرائيل المعبر في وجه العمال الفلسطينيين قبل نحو أسبوعين بحجة استمرار المظاهرات على الحدود، لكنها أعادت فتحه يوم الخميس (28 سبتمبر 2023)، بعد تدخل قطري، أمام 18 ألفا يحملون تصاريح عمل في الأراضي المحتلة.
أسهمت قطر في نزع فتيل التوتر على حدود قطاع غزة؛ ما أدى إلى فتح معبر بيت حانون بعد نحو أسبوعين من إغلاقه، وتمكين آلاف الفلسطينيين العاملين في الأراضي المحتلة من العودة لأعمالهم.
ونقلت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية يوم الخميس عن رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار قطاع غزة السفير محمد العمادي أن الدوحة نجحت في التوسط لإنهاء أزمة إغلاق المعبر الوحيد بين القطاع وبقية الأراضي المحتلة.
ويساعد عمل العمال الفلسطينيين على تدفق نحو مليوني دولار يوميا إلى القطاع المحاصر منذ أكثر من 15 عاما، وقد تراجعت حدة المظاهرات على حدود القطاع قبل يوم من إعادة فتح المعبر.
ونقلت وكالة رويترز عن مصدر لم تسمه أن الخطوة جاءت بطلب من الوسطاء أملا في تخفيف التوتر، وقد بدأ العمال الفلسطينيون فعلا التدفق على المعبر بمجرد إعادة فتحه.
View this post on Instagram
نجاح جديد
وفقا لمجموعة (الشباب الثائر) التي أشرفت على تنظيم الاحتجاجات خلال الأيام الماضية، فقد تم تعليق الاحتجاجات بعد تعهد حصل على الوسطاء من حكومة الاحتلال بوقف الإجراءات القمعية بحق الأسرى الفلسطينيين والمرابطين في المسجد الأقصى المبارك، والعمل على تخفيف وطأة الحصار على غزة.
واندلعت الاحتجاجات على حدود القطاع بعدما اقتحم مستوطنون المسجد الأقصى يوم 24 سبتمبر 2023 وأدوا فيه صلوات تلمودية وقاموا بما يسمونه “السجود الملحمي” على عتباته تزامنا مع “عيد الغفران”.
وقاد وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إتمار بن غفير هذه الاقتحامات التي لاقت إدانات عربية.
وإلى جانب دولة قطر، فقد شاركت الأمم المتحدة ومصر في العمل على تهدئة التوتر وإعادة فتح المعبر أمام العمال الفلسطينيين، بحسب رويترز.
وقالت القناة الـ13 العبرية إن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تدير القطاع، أخضعت جيش الاحتلال وحققت نجاحا قياسيا بإعادة فتح المعبر أمام آلاف العمال من سكان القطاع.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتوسط فيها الدوحة لتخفيف التوتر بين الجانبين فقد شاركت أكثر من مرة في جهود التوصل لوقف إطلاق النار خلال عدد من الاشتباكات التي خلال السنوات الماضية والتي كان آخرها في مايو من العام الجاري.
وقد شكرت الولايات المتحدة الحكومة القطرية أكثر من مرة على الجهود التي بذلتها من أجل وقف القتال بين المقاومة وجيش الاحتلال.
وبعد عدوان 2021، قال القيادي في حركة حماس يحيى السنوار خلال مؤتمر صحفي إن الحركة قبلت بوقف العمليات استجابة لرغبة قطر. كما
تقدم الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين زياد النخالة (مايو 2023) شكره لدولة قطر على جهودها من أجل وقف العدوان الأخير.
View this post on Instagram
دعم مستمر
وإلى جانب الدعم الدبلوماسي، تواصل دولة قطر تقديم الدعم المالي بشكل دائم من أجل تخفيف وطأة الحصار على سكان القطاع الذين يعيشون ظروفا إنسانية صعبة جدا.
وتوفر قطر منشآت صحية وتعليمية وتعمل على تشغيل محطة الكهرباء الوحيدة الموجودة في القطاع إلى جانب منحة شهرية يتم صرفها لمئات الأسر المتعففة بمكرمة من سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
وتعزز هذه الوساطة الجديدة ما أكده المسؤولون القطريون مرارا بشأن إمكانية حل كافة النزاعات عبر الحوار، وهو ما أكد سمو الأمير أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر الماضي، بقوله إن الحوار يظل أقل كلفة مهما تطلب من وقت وجهد.
وقال المحلل السياسي الفلسطيني مصطفى الصواف لوكالة سبوتنيك الروسية إن الوسطاء يسعون لتخفيف الضغوط التي تفرضها حكومة الاحتلال على القطاع، وإن الدوحة تحديدا تسعى لإدخال مزيد من الدعم المالي للقطاع منعا لنشوب قتال جديد.
ولم يفصح السفير العمادي عن تفاصيل الاتفاق الأخير، لكن الدوحة والقاهرة تعملان جنبا إلى جنب مع الأمم المتحدة من أجل منع المواجهات العسكرية بين المقاومة وجيش الاحتلال.
وتتبنى الدوحة منذ 2009 مشروعات عملاقة لإعمار قطاع غزة، لتخفيف تداعيات استمرار الحصار الإسرائيلي وإغلاق المعابر.
ونفذت لجنة إعادة الإعمار عشرات المشاريع السكنية والصحية والتعليمية والزراعية في القطاع منذ زيارة سمو أمير قطر الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، التاريخية، في عام 2012.
وتعهدت الدوحة بإعادة إعمار العديد من المناطق والمنازل التي دمرت خلال الحروب التي شنها جيش الاحتلال على القطاع خلال السنوات الماضية.
وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق (كوجات)، التابعة لجيش الاحتلال والتي تقوم بالتنسيق مع الفلسطينيين، إن التقييمات الأمنية ستحدد ما إذا كانت الحدود ستظل مفتوحة.
في المقابل، قال المتحدث باسم حركة حماس حازم قاسم إن إسرائيل تنتهك باستمرار حق السكان الأساسي في حرية التنقل. مضيفا “الاحتلال دائما ما ينتهك هذا الحق عبر الإغلاق المتكرر للمعابر وحصار قطاع غزة”.
وتمنع إسرائيل دخول العديد من البضائع إلى غزة متعللة بمخاوف أمنية فيما تشدد مصر الإجراءات على حدودها مع القطاع، وتحتفظ دولة الاحتلال أيضا بالحق في تقييد الصادرات.
ووفقا لأرقام صندوق النقد الدولي، فإن دخل الفرد في غزة لا يتجاوز ربع مستواه في الضفة الغربية المحتلة، بينما يقول البنك الدولي إن معدل البطالة يبلغ نحو 50٪، في ظل الحصار.