سجال متزايد.. هل يحاول نتنياهو وحكومته المتطرفة إفشال الوساطة القطرية؟

يبدو بنيامين نتنياهو وحكومته المتطرفة راغبين في إفشال الوساطة االتي تقودها دولة قطر لوقف الحرب وإنقاذ الأسرى وإدخال مزيد من المساعدات الإنسانية لسكان غزة الذين يعيشون مجاعة كاملة، وفق تقارير الأمم المتحدة.

فقد دأب نتنياهو ووزراؤه المتطرفون على إطلاق تصريحات من شأنها التشويش على جهود الوساطة وربما التشكيك في نوايا الوسيط القطري، وهي أمور تقول الدوحة إنها لن تفعل سوى عرقلة محاولات إنقاذ مزيد من الأرواح.

وفي حين أكد المتحدث باسم وزارة الخارجية ماجد الأنصاري أن الدوحة تواصل العمل من أجل تحقيق الهدف النهائي المتمثل في وقف الحرب تمهيدا لحل شامل وعادل للقضية، إلا أنه استنكر وبشدة الأحاديث المسربة لنتنياهو والتي يقول فيها إن الوساطة القطرية تمثل إشكالية له.

ورغم التنديد القطري الرسمي بهذه التصريحات التي اعتبرها الأنصاري “معرقلة لجهود إنقاذ الأرواح”، إلا أن وزير المالية المتطرف بتسئيل سموتريتش، سارع بالرد قائلا إن الدوحة هي “الراعي الرسمي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)”.

 

تصعيد مستمر

ليس هذا وحسب، فقد اتهم سموتريتش الغرب بالنفاق، وقال إنه يبني موقفه مع قطر بناء على المصالح، مطالبا إياه بالضغط عليها لإطلاق بقية الأسرى المتواجدين في غزة، ومؤكدا أن قطر “لن يكون لها أي دور في غزة ما بعد الحرب”.

وتعكس تصريحات سموتريتش ووزير الأمن الداخلي إيتمار بنغفير وغيرهما من المتطرفين، خشية اليمين من أن يؤدي الدور القطري لإقامة دولة فلسطينية لا يريدونها، برأي المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأمريكية السفير باتيرك ثيروث.

إلى جانب ذلك، فإن الأمر يبدو محاولة لقتل كل فرص التفاوض من أجل استعادة الأسرى الذين يمثلون أكبر ورقة ضغط على نتنياهو في حربه التي لا يريد لها أن تتوقف.

وسبق أن أكد القيادي في حركة حماس أسامة حمدان، مماطلة رئيس الوزراء الإسرائيلي في ملف تبادل الأسرى، وعدم رغبته في إنجازه، وقال إن الوسطاء من قطر وغيرها، قدموا كثيرا من المقترحات التي عطّل نتنياهو تنفيذها.

الموقف نفسه ذهب إليه ذوو الأسرى، حيث قالت الهيئة التي تمثلهم -في بيان- إن نتنياهو هو المسؤول عن هذا التسريب الذي يسيء للقطريين، متهمة إياه بتعريض حياة أبنائهم للخطر.

وكان رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قد التقى عددا من ذوي الأسرى في وقت سابق ووعدهم بعمل كل ما يلزم لاستعادة أولادهم.

لكن الشيخ محمد أكد أيضا أن ما سلوك حكومتهم يعقد جهود الوساطة، حسب ما نقله موقع “أكسويس” قبل أقل من أسبوعين.

 

اتهامات إسرائيلية لنتنياهو

وقالت هيئة عائلات الأسرى، اليوم الخميس، إن نشر حديث نتنياهو الذي يهاجم فيه الدوحة “يعد جريمة ويعرّض الأسرى للخطر، مؤكدة أن المصدر الوحيد للتسجيل والتسريب “هو مكتب نتنياهو والمقربون منه”.

ودعت الهيئة أعضاء مجلس الحرب إلى وقف “الجنون”، والتصرف بمسؤولية لإنقاذ حياة 136 إسرائيليا.

من جهتها، قالت حماس في بيان اليوم الخميس، إن تصريحات قادة إسرائيل الأخيرة ضد الدوحة “تعكس حقيقة موقفهم الذي يعرقل التوصل لاتفاق بشأن الأسرى”.

ونقل البيان عن طاهر النونو -المستشار الإعلامي لمكتب حماس السياسي- أن الحركة “تستنكر استهداف قادة الاحتلال لدولة قطر الشقيقة لمواقفها العروبية والإنسانية تجاه ما يجري في قطاع غزة من عدوان ومجازر”.

وأكد أن “قطر تقوم بدورها السياسي النشط لوقف العدوان على شعبنا وتحقيق إنجاز في ملف تبادل الأسرى”.

وتلعب قطر دورا محوريا في هذه الأزمة وقد نجحت في التوصل لهدنة أولى أواخر أكتوبر الماضي جرى خلال تبادل عشرات المحتجزين من الجانبين.

وقال المسؤولون القطريون مرارا إنهم لن يدخروا جهدا من أجل التوصل لوقف مستدام للقتال وتبادل الأسرى ورفع الحصار عن الغزيين والتحرك نحو حل سياسي شامل لقضية فلسطين.

لكن الدوحة لم تتنازل في الوقت نفسه عن موقفها الرافض لكل ما تقوم به إسرائيل من جرائم في غزة والضفة، وأكد رئيس الوزراء وزير الخارجية أكثر من مرة رفض الدوحة تهجير سكان القطاع إلى أي مكان.

وقال الشيخ محمد بن عبد الرحمن في مقابلة قناة “CBS” الأمريكية، أواخر نوفمبر، إن حديث إسرائيل عن إزالة حماس، غير واقعي وإن قطاع غزة والضفة الغربية لا بد وأن يكونا تحت قيادة فلسطينية واحدة يختارها الفلسطينيون.

وأكد أن السبيل الوحيدة لعدم اندلاع حرب أخرى هو وجود حل سياسي للقضية ومنح الفلسطينيين أفقا لإقامة دولة يختارون هم من يحكمها.

ويرفض نتنياهو وحكومته المتطرفة إقامة دولة فلسطينية ويسعون للسيطرة الأمنية على كافة الأراضي في غزة والضفة، وهو ما أكد الأنصاري قبل يومين أنه يهدد استقرار المنطقة التي لن تقبل بتهجير جديد.

وتعتبر الولايات المتحدة قطر شريكا رئيسيا في المفاوضات الجارية بين المقاومة وإسرائيل، وقد أكد كبار مسؤولي البيت الأبيض ثقتهم في أن القطريين يبلون بلاء حسنا في هذا الصدد.

كما أكدت الخارجية الأمريكية، في السابق، أن العمل جار مع الدوحة لمنع اتساع رقعة الحرب، وهو السبب الذي دفع الوزير أنتوني بلينكن لزيارة قطر أكثر من مرة خلال الشهور الثلاثة الماضية.

في الوقت نفسه، أكد سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، رفضه كل ما تقوم به إسرائيل من قتل ومحاولات تهجير لسكان غزة، وقال إن فلسطين “قضية مبدأ وشرف”.

كما أكد سموه سابقا أنه من غير المقبول منح إسرائيل ضوءا أخضر للقتل دون حساب، ودعا لمحاسبتها دوليا على جرائمها، مشيرا إلى أن الدوحة ستواصل العمل على المفاوضات في كل الحالات.

الرابط المختصر: https://msheireb.co/1k6