تولي دولة قطر اهتماما كبيرا بالمتقاعدين من المواطنين وتعمل على توفير مستقبل أكثر أمنا لهم بعد الخروج من وظائفهم، والاستفادة من خبراتهم في سوق العمل الخاصة لتعزيز التنمية الاقتصادية.
وفي هذا السياق، دشنت وزارة العمل يوم الأحد (24 سبتمبر 2023) منصة “استمر”، وهي منصة معنية بتوظيف المواطنين المتقاعدين الراغبين في العمل بالقطاع الخاص.
وتهدف المنصة لدعم عملية استثمار الخبرات وتعزيز وجود الكوادر الوطنية المؤهلة في القطاع الخاص وإتاحة فرص تحصيل أعمال مناسبة للراغبين في العمل من المتقاعدين القطريين بما يناسب خبراتهم.
ولا تقف مهمة المنصة عند حد توفير فرص العمل ولكنها تشرف على عملية التوظيف بشكل كامل بداية من تقديم الطلبات إلى المقابلات وتقديم العروض النهائية، وستتم هذه الإجراءات إلكترونيا.
وستمكن المنصة الباحثين عن العمل من رؤية جميع الوظائف الشاغرة في القطاع الخاص، وتقدم للمؤسسات والشركات في القطاع الخاص كذلك فرصة الاطلاع على مجموعة أكبر من المرشحين خلال عملية التوظيف.
“استمر” منصة قطرية لتوظيف المتقاعدين
تسخير التكنولوجيا في التوطين
مدير إدارة التأهيل وتنمية المهارات بوزارة العمل عبد الرحمن تلفت، قال إن منصة “استمر” تعكس رغبة الوزارة في تسخير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات لتحقيق أهداف برنامج توطين الوظائف في القطاع الخاص.
في السابق، كان بإمكان المتقاعدين البحث عن فرص عمل من خلال منصة كوادر المخصصة لتوظيف القطريين، لكن المنصة الجديدة ستكون لتوفير عمل للمتقاعدين حصرا.
ومنذ تحديد اختصاصاتها في عام 2021، عملت وزارة العمل على إيجاد آليات ناجعة وفعَّالة لزيادة توطين الوظائف في القطاع الخاص وتدريب الكوادر الوطنية، بحسب ما أكده تلفت خلال تدشين المنصة الجديدة.
تنظر الحكومة القطرية للمتقاعدين على أنهم رافد مهم للكوادر الوطنية في القطاع الخاص، وهو ما دفع وزارة العمل لإنشاء منظومة إلكترونية شاملة لزيادة نسب تعيينهم في منشآت القطاع الخاص.
وتعمل الحكومة على توظيف المواطنين المتقاعدين بشكل طوعي في مؤسسات ومنشآت القطاع الخاص، نظرا لامتلاك هذه الفئة خبرات متراكمة لا بد من الاستفادة منها في إطار تعزيز وجود الكوادر الوطنية في مؤسسات القطاع الخاص.
وبدأت المنصة باستقبال طلبات المتقاعدين الراغبين بالعودة إلى سوق العمل اعتبارا من 24 سبتمبر الجاري لحصر أعدادهم ثم تحديد القطاعات التي سيتم توظيفهم فيها.
وقد دعت وزارة العمل شركات ومؤسسات القطاع الخاص إلى المساهمة في إنجاح المنصة وتوفير الفرص الوظيفية المناسبة للمتقاعدين ضمن خبراتهم بما يسهم في تفعيل دور المتقاعدين في التنمية الاقتصادية.
وتعمل الدولة على توفير فرص وظيفية للمتقاعدين في القطاعات الخاصة المختلفة كقطاع التعليم الخاص والقطاع الطبي الخاص وقطاع الضيافة والفندقة والقطاع الأمني الخاص.
ويحق للمواطن المتقاعد من الجهات المدنية أو العسكرية، العمل في القطاع الخاص من دون أن يتأثر معاشه التقاعدي، وذلك وفقا لقانون التأمينات الاجتماعية رقم 1 لسنة 2022 وقانون التقاعد العسكري رقم 2 لسنة 2022.
View this post on Instagram
زيادة المعاشات والتأمينات
في أبريل 2022، أصدر سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قانونين بشأن التأمينات الاجتماعية، والتقاعد العسكري، وقرارا بزيادة معاشات المتقاعدين اعتباراً من الشهر نفسه.
ونص القرار على أن يكون الحد الأدنى للمعاشات بالنسبة للمتقاعدين المدنيين أو العسكريين 15 ألف ريال، أي ما يعادل 4 آلاف دولار، وألا يتجاوز 100 ألف ريال. كما وجه سمو الأمير بإضافة بدل سكن بقيمة 4 آلاف ريال.
وكان عدد من المستفيدين من هذه القرارات 28 ألفا و381 مواطنا وقت صدورها، بتكلفة إجمالية وصلت إلى 28 مليار ريال.
وشملت القرارات الأخيرة زيادة التغطية التأمينية على دخل المواطن القطري، وذلك بإضافة بدل السكن إلى راتب حساب الاشتراك للموظف المدني، وإضافة بدل السكن وعلاوة الاختصاص للعسكري، بنسب تغطية لا تقل عن 70% ولا تتجاوز 87% من إجمالي الراتب الشهري للموظف أو العسكري.
وكانت النسبة لا تتجاوز أكثر من 67% في الأنظمة السابقة، حيث كانت تشمل التغطية للراتب الأساسي والعلاوة الاجتماعية فقط، مع الإبقاء على تسوية راتب حساب المعاش بنسبة 100% لمن تصل مدة اشتراكه 30 عاما وتنتهي خدمته لأسباب الوفاة والعجز وبلوغ سن التقاعد.
كما تضمنت القوانين الجديدة توسيع نطاق التغطية التأمينية لتشمل المواطنين العاملين في القطاعين الحكومي والخاص كافة، والخضوع اختياريا لبعض الفئات ممن لا يعملون في جهة عمل، مثل العاملين لحساب أنفسهم وأُسرهم.
وشملت التحديثات أيضا التغطية التأمينية منتسبي الخدمة الوطنية ممن لا يشغلون وظائف مدنية، والعسكريين ممن انتهت خدمتهم دون استحقاق راتب تقاعدي قبل صدور القانون رقم 13 لسنة 2006 بتقاعد ومعاشات العسكريين بالاشتراك عن مدة الخدمة السابقة للحصول على معاش.
ووفقا لبيانات الهيئة العامة للتقاعد والتأمينات الاجتماعية، فقد ارتفعت نسبة التطور الشهري الإجمالي التراكمي لمشتركي التقاعد المدنيين النشطين إلى 0.69% خلال شهر أغسطس، إلى 83.012 مشتركا.
View this post on Instagram
تحفيز على العمل
في الوقت نفسه، وضعت الحكومة مزايا جديدة لتحفيز المواطن على الانخراط في سوق العمل الخاص وتشجيع القطاع الخاص على توطين الوظائف لديه.
ومن أهم المزايا التي استحدثتها الحكومة، خفض معدل راتب حساب المعاش ليكون على متوسط راتب حساب الاشتراك لآخر ثلاث سنوات بدلاً من خمس سنوات، لضمان أعلى متوسط للحساب.
كما تم السماح لصاحب المعاش بالجمع بين المعاش المستحق عن الخدمة في جهة حكومية وراتب الوظيفة في القطاع الخاص، مع إمكانية تحمل الخزانة العامة للدولة نسبة من الاشتراك الشهري المقرر على جهة العمل من القطاع الخاص، وفقا للضوابط التي يصدر بها قرار من مجلس الوزراء.
وأقر القانون منح مكافأة عن مدة الاشتراك التي تزيد على 30 عاما لمن تنتهي خدمته بالوفاة أو العجز أو بلوغ سن التقاعد، مقابل رفع تدريجي على مدار 5 سنوات لسن التقاعد المبكر من 40 سنة إلى 50 سنة، وزيادة المدة المؤهلة لاستحقاق المعاش كحدٍ أدنى من 15 سنة إلى 25 سنة.
وكان الهدف الأساسي من هذه القرارات هو تحفيز المواطن على البقاء في سوق العمل لأطول مدة ممكنة والحد من الأثر السلبي للتقاعد المبكر الذي تجاوزت نسبته 60% من إجمالي المتقاعدين، وخسارة سوق العمل المحلي الخبرات الوطنية والذي له آثار كبيرة على تحقيق رؤية واستراتيجية الدولة.
واعطت القوانين الجديدة مجلس الوزراء منح بعض المزايا التأمينية، مثل منح زيادة دورية على المعاش لمواجهة غلاء المعيشة وعدم تآكل المعاش بمرور الزمن، ومنح سلف لأصحاب المعاشات لمواجهة أعباء الحياة، وفقا لضوابط تحددها اللائحة التنفيذية للقانون.
كما منحت القوانين مزايا عديدة للمرأة العاملة، وذلك باستثنائها من تخفيض المعاش في حال الاستقالة لرعاية ولد من ذوي الإعاقة، وزيادة نسبة نصيب الأرملة إلى 100% من المعاش في حال عدم وجود مستحقين آخرين.
وتم أيضا إقرار عدم تخفيض معاش المرأة في حال استقالت من العمل وهي في الـ 55 من عمرها، أي قبل سن المعاش بخمس سنوات.
ووفرت الحكومة إقرار نظام تقسيط سداد المبالغ المستحقة للصندوق، بكلفة مخفضة وأقساط ميسرة، إضافة لمنح المؤمن عليه ممن لا تتوافر فيه شروط استحقاق المعاش التقاعدي تعويض الدفعة الواحدة، ورد الاشتراكات لمن قلت مدة اشتراكه عن سنة واحدة.
ونظم القانون أيضا مسألة انتقال الحق في المعاش للمستحقين عند وفاة المؤمن عليه أو صاحب المعاش.
ووفقا لهيئة التقاعد، فغن نظام التقاعد الجديد في قطر من أسخى أنظمة التقاعد حول العالم، إذ يمنح مزايا تأمينية عالية مقارنةً بالحد الأدنى والأقصى للمعاش ومدد الخدمة ونسبة الاشتراكات وغيرها من شروط استحقاق المعاش.
وأكدت الهيئة ضمان الدولة لسد أية عجوزات أو مبالغ تستحق لمنح الحقوق التأمينية للمواطن القطري، والتي تصل كلفتها التقديرية إلى مليارات الريالات، من خلال تحمل الخزانة العامة العجز الاكتواري، وغيرها من المنافع التي تكفل للمواطن وأسرته الحماية الاجتماعية الكريمة.
وفي مارس الماضي، طالب أعضاء مجلس الشورى شركات القطاع الخاص، وتحديدا الشركات الكبرى وشبه الحكومية، باستقطاب المتقاعدين من المواطنين لسد الاحتياجات والشواغر الوظيفية.
كما طالبوا بضرورة الاهتمام بتعيين ذوي الإعاقة في القطاع الخاص، في ظل ما يتمتعون به من مهارات وقدرات وظيفية.