بدأت دولة قطر وساطة من أجل عملية تبادل عاجلة للأسيرات بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال، في تحرك دبلوماسي هو الأكثر تطورا منذ بدء عملية طوفان الأقصى.
وشنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يوم السبت (7 أكتوبر 2023) عملية عسكرية مباغتة هي الأكبر منذ عقود، ما دفع “إسرائيل” لإعلان حالة الحرب لأول مرة منذ حرب السادس من أكتوبر 1973.
وتمكن مقاتلو المقاومة من أسر عشرات الجنود والمجندات الإسرائيليات إلى جانب ضباط كبار في جيش الاحتلال، ما مثل صدمة لتل أبيب.
ووفقا لوكالة أنباء “شينخوا” الصينية، فإن الحكومة القطرية تقود وساطة متقدمة لإجراء صفقة تبادل أسيرات عاجلة بين المقاومة وحكومة الاحتلال.
ونقلت الوكالة عن مصدر في حركة “حماس” أن الدوحة تسعى بدعم أمريكي إلى اتفاق يقضي بالإفراج عن الإسرائيليات اللاتي تم أسرهن يوم السبت (7 أكتوبر 2023)، مقابل إطلاق سراح الأسيرات الفلسطينيات في سجون الاحتلال.
وقال المصدر إن قياديا في الحركة أبلغ قطر عدم ممانعة المقاومة الفلسطينية إجراء الصفقة على أن تضمن الإفراج عن جميع الأسيرات الفلسطينيات البالغ عددهن 36 أسيرة.
وكان القيادي في حركة حماس الفلسطينية، موسى أبو مرزوق، قال في مداخلة مع قناة “الغد” يوم الأحد (8 أكتوبر 2023) إن لدى الحركة أكثر من 100 أسير إسرائيلي، بينهم ضباط كبار.
ولم يصدر أي بيان رسمي في قطر بشأن هذه المعلومات حتى الآن، فيما عيَّن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الجنرال احتياط غال هيرش مسؤولا عن قضية الأسرى والمفقودين.
وأظهرت مقاطع فيديو أسر جنود المقاومة لعدد من الإسرائيليات خلال العملية العسكرية.
View this post on Instagram
حضور قطري
ومنذ الساعات الأولى للحرب التي أفقدت جيش الاحتلال توازنه وأصابته بصدمة كبيرة، بدأ الحضور الدبلوماسي القطري في الظهور، بشكل لافت.
فقد تلقى سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اتصالا هاتفيا (الأحد 8 أكتوبر 2023) من الرئيس الفلسطيني محمود عباس، تناول تطورات الأوضاع وسبل خفض التصعيد والتهدئة.
وقال سمو الأمير خلال الاتصال إن تخفيض التصعيد يمثل أولوية لدولة قطر، التي تبذل كافة مساعيها الدبلوماسية مع مختلف الأطراف المعنية لتحقيق هذا الهدف.
كما أجرى رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني مشاورات مع عدد من نظرائه لبحث التهدئة.
وأدانت قطر الممارسات الإسرائيلية وأعلنت دعمها الكامل للشعب الفلسطيني وحملت تل أبيب مسؤولية العنف بسبب استفزازاتها الأخيرة في المسجد الأقصى والقدس المحتلة والضفة.
وأكدت الخارجية ضرورة تحرك المجتمع الدولي بشكل عاجل لإلزام إسرائيل بوقف انتهاكاتها السافرة للقانون الدولي وحملها على احترام قرارات الشرعية الدولية، والحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني.
كما دعت الدوحة للحيلولة دون اتخاذ هذه الأحداث ذريعة لإشعال نار حرب جديدة غير متكافئة ضد المدنيين الفلسطينيين في غزة.
وقال المتحدث باسم الخارجية الدكتور ماجد الأنصاري إن تصريحات مسؤولي الاحتلال تنذر بحرب غير إنسانية على الفلسطينيين في قطاع غزة.
ويوم السبت، بحث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني تطورات الوضع في فلسطين.
وقالت الخارجية الأمريكية إن الوزير أنتوني بلينكن بحث في اتصال هاتفي مع الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، المعارك الدائرة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال.
واكد الخارجية في بيان أن الوزيرين اتفقا على التنسيق الوثيق بشأن الوضع في غزة وإسرائيل.
وقال مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، لوكالة رويترز إن الولايات المتحدة تعمل مع حكومات أخرى لضمان عدم انتشار الأزمة واحتوائها”، وإن الولايات المتحدة تتابع الوضع عن كثب.
وقالت الإدارة الأمريكية إنها تجري اتصالات مع الحلفاء من أجل الموقف، لكنها أكدت أنها ستدعم إسرائيل بشكل كامل من أجل حماية نفسها.
وكان الشيخ محمد بن عبد الرحمن قد بحث في اتصالات يوم السبت مع عدد من نظرائه تداعيات الحرب الدائرة بين المقاومة الفلسطينية وجيش الاحتلال.
وشملت مباحثات رئيس الوزراء نظراءه في مصر وتركيا والسعودية والأردن وفرنسا والإمارات.
رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يبحث هاتفيا مع وزير الخارجية التركي تطورات الأوضاع في الأراضي الفلسطينية، مؤكدا ضرورة تضافر جهود البلدين من أجل التهدئة وخفض التصعيد وتجنيب المدنيين تبعات المواجهات@MBA_AlThani_@MofaQatar_AR#طوفان_الأقصى… pic.twitter.com/XwAR7RsDfx
— منصة مشيرب – Msheireb Platform (@msheirebQa) October 7, 2023
وساطات سابقة
تمتلك دورلة قطر حضورا كبيرا في قطاع غزة وسبق لها التوسط لوقف القتال بين المقاومة وجيش الاحتلال في أكثر من عدوان.
وقبل أيام قليلة من الحرب، توسطت لإعادة فتح معبر بيت حانون (إيرز) الذي أغلقته حكومة الاحتلال الإسرائيلي قبل أسبوعين في وجه آلاف العمال الفلسطينيين الذين يعلمون في الأراضي المحتلة (الداخل الإسرائيلي).
وتعمل قطر جنبا إلى جنب مع مصر والأمم المتحدة على تسهيل المفاوضات بين الجانبين، وهي تستمد نفوذها من خلال الدعم المالي والإنساني الكبير الذي تقدمه لقطاع غزة المحاصر منذ 2007.
يعمل رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة السفير محمد العمادي، بشكل متواصل على تثبيت التهدئة وتسهيل عمليات المساعدة المقدمة للفلسطينيين.
تقوم قطر بتقديم منحة أميرية سنوية بمقدار مليون 500 ألف دولار لدفع رواتب الموظفين ومساعدة الأسر المتعففة، فضلا عن إقامة العديد من المدارس والمشافي لتخفيف وطأة الحصار.
إلى جانب ذلك، فإن عددا من قادة حركة حماس السياسيين يقيمون في الدوحة ومنهم رئيس المكتب السياسي السابق للحركة خالد مشغل، رئيس المكتب الحالي إسماعيل هنية.
وخلال الفترة الماضية، أثبتت الدوحة قطرة كبيرة على تحقيق نجاحات في ملفات صعبة بعدما توسطت في اتفاق لتبادل السجناء بين الولايات المتحدة وإيران الشهر الماضي.
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قالت وكالة بلومبيرغ إن الدوحة أصبحت المكان المفضل لإدارة جو بايدن من أجل بناء جسور مع أطراف صعبة بينها حماس.
وقبل أيام من الحرب الحالية، ساعدت الدوحة في إعادة فتح معبر بينت حانون الذي تل أبيب لنحو أسبوعين في وجه العمال الفلسطينيين الذين يعلمون في الضفة.
وقال المتحدث باسم الخارجية القطرية ماجد الأنصاري (3 أكتوبر 2023) إن الجهد القطري في خفض التصعيد في غزة مستمر، وإنه أحد الثوابت في السياسة الخارجية القطرية خلال السنوات الأخيرة.
وتعمل الولايات المتحدة على استغلال النفوذ القطري لدى فصائل المقاومة من أجل الحيلولة دون اتساع رقعة الحرب لتشمل أماكن أخرى بينها لبنان.
وتبادل حزب الله وإسرائيل إطلاق النار يوم الأحد (8 أكتوبر 2023) بعد أن أطلق الحزب صواريخ على الجولان المحتل (شمال إسرائيل).
وقد أعلنت واشنطن دعما عسكريا كبيرا لدولة الاحتلال وقالت إنها سترسل حامة طائرات للتمركز شرقي المتوسط لدعم أمن إسرائيل.
وأكدت الولايات المتحدة وجود مواطنين أمريكيين بين القتلى الذين سقطوا من الجانب الإسرائيلي فيما تحدثت تقارير عن وجود آخرين بين الأسرى.
وغالبا ما تعمل الدوحة على التوصل لتهدئة بين المقاومة ودولة الاحتلال لتجنيب سكان قطاع غزة مزيدا من الدمار بسبب الغارات العنيفة التي تشنها إسرائيل عليه.
وسقط أكثر من 500 شهيد في القطاع فضلا عن آلاف الجرحى فيما أعلن جيش الاحتلال (9 أكتوبر) استدعاء 300 ألف من جنود الاحتياط، وفرض حصار كامل على غزة.
ووافق مجلس الوزراء الإسرائيلي على تعبئة عشرات الآلاف من جنود الاحتياط. وقطعت إسرائيل الكهرباء عن غزة وقالت إنها ستتوقف عن إمدادها بالوقود والسلع.
وقال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إن “إسرائيل ستحول جميع مخابئ حماس إلى أنقاض”، مضيفا “سنعمل في كل مكان وبكل قوتنا. هذه الحرب ستستغرق وقتا وستكون صعبة لكننا سننتصر”.