أقدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي على ارتكاب مجزرة جديدة بحق المدنيين الفلسطينيين مساء يوم الثلاثاء 17 أكتوبر 2023، عندما قصفت مستشفى الأهلي المعمداني بمدينة غزة لتقتل أكثر من 500 شخص كانوا يحتمون أو يتلقون العلاج به.
وهذه المجزرة ليست الأولى التي ترتكبها دولة الاحتلال بحق الفلسطينيين منذ نكبة 1948 فقد سبقتها العديد من المجازر التي راح ضحيتها مئات المدنيين.
وسبق لجيش الاحتلال ارتكاب جرائم بشعة بحق الفلسطينيين في قانا ودير ياسين وصابرا وشاتيلا وكفر قاسم، كانت كلها بمثابة جرائم حرب لم تحاسب عليها حتى اليوم.
View this post on Instagram
مجزرة دير ياسين
هذه المجزرة نفذتها عصابات الأرغون وشتيرن الإسرائيلية بدعم من البالماخ والهاغاناه في فجر التاسع من أبريل 1948، لتهجير سكان القرية، وبث الرعب في القرى والمدن الأخرى، وخلفت نحو 254 شهيدا، حسب المصادر التاريخية الفلسطينية.
وقعت المجزرة على أيدي مجموعتيْ الأرغون التي كان يتزعمها مناحيم بيغن (الذي انتخب رئيسا لوزراء إسرائيل 1977-1983)، ومجموعة شتيرن التي كان يترأسها إسحق شامير (الذي انتخب رئيسا لوزراء إسرائيل 1983-1992 بتقطع)، بدعم من قوات البالماخ.
وحدثت المجزرة بعد أسبوعين من توقيع اتفاقية سلام طالب بها رؤساء المستوطنات اليهودية ووافق عليها أهل دير ياسين.
وبدأ الهجوم فجرا عندما اقتحمت قوات العصابتين الصهيونيتين القرية من جهتي الشرق والجنوب ليفاجئوا سكانها النائمين، لكنهم ووجهوا بمقاومة من أبناء القرية، مما دعاهم للاستعانة بعناصر البالماخ الذين أمطروا القرية بقذائف الهاون، وهو ما مهد الطريق لاقتحام القرية.
وتحكي المصادر التاريخية أن عناصر الأرغون وشتيرن كانت تفجر البيوت وتقتل أي شيء يتحرك، وأوقفوا العشرات من الأطفال والنساء والشيوخ والشباب إلى الجدران وأطلقوا عليهم النيران.
كما سُجل حرص تلك العناصر على تشويه جثث الشهداء ببتر أعضائها، وبقر بطون الحوامل مع المراهنة على جنس الجنين.
واقتيد نحو 25 من رجال القرية داخل حافلات وطافوا بهم شوارع القدس كما كانت تفعل الجيوش الرومانية قديما، ثم أعدموهم رميا بالرصاص.
وبحسب المصادر الفلسطينية، فقد راح ضحية المجزرة نحو 254 شهيدا، جلهم من الأطفال والنساء وكبار السن.
استثمرت العصابات الإسرائيلية المجزرة لبث الرعب في سكان القرى الفلسطينية المجاورة، حيث هاجر الكثيرون إلى بلدات عربية مجاورة، كما أدت إلى تأليب الرأي العام العربي ضد الاحتلال.
وبعد نحو عام من ارتكاب المجزرة، أقامت قوات الاحتلال احتفالات بالقرية المنكوبة حضرها أعضاء الحكومة الإسرائيلية، وحاخامات اليهود، لتخليد سقوط دير ياسين في أيدي الاحتلال.
وفي سنة 1980، أعاد الاحتلال الإسرائيلي البناء فوق المباني الأصلية للقرية، وأطلق أسماء العصابات الإسرائيلية (الأرغون وإتسل والبالماخ والهاغاناه) على أماكن فيها.
“مجزرة كفر قاسم” مذبحة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلية بحق العشرات من سكان بلدة كفر قاسم بفلسطين عام 1956، ورغم كونها إحدى المجازر الإسرائيلية الكثيرة فإنها اكتسبت بعدا خاصا لتزامنها مع واقعة العدوان الثلاثي على مصر.
View this post on Instagram
مجزرة كفر قاسم
يقول المتخصصون في التاريخ الفلسطيني إن مجزرة كفر قاسم نفذت ضمن خطة تهدف إلى ترحيل فلسطينيي منطقة “المثلث الحدودي” (بين فلسطين 1948 والضفة الغربية التي كانت آنذاك جزءا من الأردن) التي تقع فيها بلدة كفر قاسم، بواسطة ترهيب سكانها على غرار مذبحة دير ياسين ومجازر أخرى.
ووقعت المجزرة يوم 11 سبتمبر 1956 حيث قتل العصابات اليهودية 20 جنديا أردنيا في هجوم على معسكرهم، ثم قتلت 39 فلسطينيا بقرية حوسان في قضاء بيت لحم، و88 آخرين في قلقيلية في نفس الشهر.
بدأت المجزرة عندما أعطت قيادة جيش الاحتلال الإسرائيلي أمرا يقضي بفرض حظر التجول على القرى العربية في “المثلث الحدودي” الذي يمتد من أم الفحم شمالا إلى كفر قاسم جنوبا، بدءا من الخامسة مساء يوم 29 أكتوبر 1956 وحتى السادسة من صباح اليوم التالي.
وكان القرار حازما إذ أرفِق بقرار أمني يخوّل الجنود إطلاق النار وقتل كل من يتجول بعد سريان الحظر -وليس اعتقاله- حتى ولو كان خارج بيته لحظة إعلان منع التجول، لأن قيادة الجيش كانت تقول “إنها لا تريد التعامل مع السكان بالعواطف”.
وُزعت قوات من جيش الاحتلال على القرى الفلسطينية في المثلث (من بينها كفر قاسم، وكفر برا، والطيرة، وجلجولية، والطيبة، وقلنسوة)، وكان يقودها آنذاك الرائد شموئيل ملينكي الذي يتلقى الأوامر مباشرة من قائد كتيبة الجيش الموجودة على الحدود وهو المقدم يسخار شدمي.
توجهت مجموعة من الجنود إلى بلدة كفر قاسم وقُسمت إلى أربع فرق بحيث بقيت إحداها عند المدخل الغربي للبلدة، وأبلغ قائدُها الضابطُ يهودا زشنسكي “مختارَ” البلدة في ذلك الوقت وديع أحمد صرصور بقرار منع التجول وطلب منه إبلاغ السكان بالتزامه ابتداء من الساعة الخامسة.
أخبر صرصور الضابط زشنسكي بأن هناك أربعمئة شخص يعملون خارج القرية ولم يعودوا بعد، فأعطاه وعدًا بأن هؤلاء سيمرون بسلام لدى عودتهم ولن يتعرض لهم أحد بسوء.
لكن مساء ذلك اليوم شكّل مرحلة مفصلية في تاريخ كفر قاسم والشعب الفلسطيني عامة، ففي تمام الخامسة مساء دوّى صوت رصاص كثيف داخل البلدة فصمّ آذان معظم سكانها، إثر إطلاق الجنود النار على مجموعة من الأهالي كانوا عائدين من حقول زراعتهم في المساء إلى بلدتهم، فقتلوا منهم 49 شخصا وأصابوا العشرات بجروح بالغة، بذريعة خرق منع تجول لم يعلموا بإعلانه المفاجئ.
كان من بين قتلى مجزرة كفر قاسم مسنون و23 طفلا تتراوح أعمارهم بين 8-17 عاما، و13 امرأة، ولم يكن عدد سكان كفر قاسم آنذاك يتجاوز ألفيْ نسمة. وقد سقط عند المدخل الغربي للبلدة وحده 43 قتيلا.
View this post on Instagram
مجزرة صابرا وشاتيلا
صبرا هو اسم حي تابع إداريا لبلدية الغبيري في محافظة جبل لبنان، تحدّه مدينة بيروت من الشمال، والمدينة الرياضية من الغرب، ومدافن الشهداء من الشرق، ومخيم شاتيلا من الجنوب.
سكنت مخيم صبرا نسبة كبيرة من الفلسطينيين، لكنه لا يُعدّ مخيمًا رسميًّا للاجئين رغم ارتباط اسمه بشاتيلا الذي يعدّ مخيمًا دائما للاجئين، إذ أسسته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (الأونروا) عام 1949، لإيواء مئات من الذين تدفقوا إليه من قرى شمال فلسطين بعد النكبة.
واستمرت المجزرة من يوم 16 إلى 18 سبتمبر 1982 ضد اللاجئين الفلسطينيين في صبرا وشاتيلا، ووصفها بعض من عايشها بأنها “الأبشع في التاريخ الإنساني”.
وصنفت منظمة “هيومن رايتس ووتش” ما حدث في صبرا وشاتيلا ضمن “جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية”.
وارتكب مجزرة صبرا وشاتيلا حزب الكتائب اللبناني المسيحي “القوات اللبنانية” بقيادة إيلي حبيقة، وجيش لبنان الجنوبي بقيادة سعد حداد، والجيش الإسرائيلي بقيادة أرييل شارون.
وجيش لبنان الجنوبي أسسته إسرائيل أثناء اجتياحها لبنان في يونيو عام 1982، وهرب أغلب عناصره إلى إسرائيل بعد تحرير الجنوب عام 2000.
مع حلول ظلام يوم 16 سبتمبر 1982، بدأ جنود الجيش الإسرائيلي والمجموعات الانعزالية (مقاتلو القوات اللبنانية وجيش لبنان الجنوبي) التقدم عبر الأزقة الجنوبية الغربية إلى مخيم صبرا وشاتيلا المقابلة لمستشفى عكا في منطقة كانت تسمى “الحرش”، وانتشروا في جميع شوارع المخيم وسيطروا عليه بالكامل.
وعلى مدار 3 أيام بلياليها، ارتكبت المجموعات الانعزالية والجنود الإسرائيليون مذابح بشعة ضد أهالي المخيم العزل، استخدموا فيها الرشاشات والمسدسات والسكاكين والسواطير والبلطات.
ونقل شهود عايشوا المجزرة مشاهد لحوامل بقرت بطونهن وألقيت جثثهن في أزقة المخيم، وأطفال قطعت أطرافهم، وعشرات الأشلاء والجثث المشوهة التي تناثرت في الشوارع وداخل المنازل المدمرة، كما اقتادوا ممرضين وأطباء من مستشفى عكا إلى وجهات أخرى حيث تمت تصفيتهم.
وبعد عقود من المجزرة، ما زال عدد الأشخاص الذين راحوا ضحيتها غير واضح، وتشير التقديرات إلى سقوط قتلى يقدّر عددهم بين 700 و5 آلاف.
ولعل الرقم الذي يبدو أقرب إلى الدقة من بين مجمل ما نشر هو ما توصلت إليه الباحثة الفلسطينية بيان نويهض الحوت، ونشرته في كتابها “صبرا وشتيلا-سبتمبر 1982″، حيث قدّرت عدد القتلى بـ1300 شخص على الأقل، واستندت في ذلك إلى مقارنة 17 قائمة لأسماء الضحايا ومصادر أخرى.
ويعود الخلاف في تحديد أعداد الضحايا إلى دفن عدد منهم في قبور جماعية سواء من قبل القتلة أو من الصليب الأحمر أو الأهالي، كما أن هناك عددا كبيرا من الجثث دفنت تحت ركام البيوت المهدمة، إضافة إلى مئات الأشخاص الذين اختطفوا واقتيدوا إلى أماكن مجهولة ولم يعودوا أو يُعرف مصيرهم.
View this post on Instagram
مجزرة قانا
هي إحدى أكبر وأفظع المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي عبر تاريخه، سميت بمجزرة قانا الأولى، ووقعت يوم 18 أبريل 1996 بمركز قيادة فيجي التابع لـ الأمم المتحدة في قرية قانا بجنوب لبنان.
وقعت مجزرة قانا في قرية قانا التي تقع في جنوب لبنان وتتبع لقضاء صور، يحدها من الشرق دير عامص ومن الشمال عيتنيت ومن الغرب حناويه، أما جنوبا فتحدها صدّيقين.
وفي الفترة ما بين 11 و27 أبريل 1996 شنت إسرائيل عدوانا عسكريا على لبنان، قتلت وجرحت خلاله العشرات، وقصفت أثناءه عددا من المدن والبلدات اللبنانية من بينها العاصمة بيروت، وأطلقت إسرائيل على تلك العملية “عناقيد الغضب”.
وفي يوم الـ 18 من الشهر نفسه ونتيجة لكثافة ودموية القصف، لجأ مئات اللبنانيين معظمهم نساء وأطفال هربا من جحيم القصف إلى مركز تابع لقوات الأمم المتحدة بقرية قانا ظنا منهم أنها ستحميهم.
وبعد الثانية ظهرا بقليل يوم 18 أبريل صوبت إسرائيل مدافعها نحو الكتيبة الفيجية التابعة للأمم المتحدة -حيث يحتمي مئات المدنيين- فقتلت منهم 106، وأصابت نحو 150 شخصا بجروح وعاهات وإصابات بدنية ونفسية متفاوتة الخطورة.
وقد اجتمع مجلس الأمن للتصويت على قرار يدين إسرائيل، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية أجهضت القرار باستخدام حق النقض (الفيتو).