ميزانية قطر.. فوائض الربع الثالث تستدعي تبني استثمارات ذكية

Smart Investments

سجلت دولة قطر فائضًا كبيرًا في الميزانية خلال الربع الثالث من عام 2022 بلغت قيمته 30 مليار ريال قطري (8.25 مليار دولار أمريكي)، مع تحقيقها لإيرادات بقيمة 81 مليار ريال قطري (22.25 مليار دولار أمريكي). ومع وجود فائض بلغ حوالي 37٪ من الإيرادات، ستدعم هذه الفوائض الاستثمارات.

وتجدر الإشارة إلى استمرار ارتفاع نسبة الدخل المتحقق بشكل مباشر من صادرات النفط والغاز، حيث تظهر البيانات أن هذا الدخل يمثل 93٪ من الإيرادات. ويعكس هذا الأمر أسباب ارتفاع أسعار النفط والغاز هذا العام، الذي نجم بشكل أساسي عن الصراع في أوكرانيا. ويخفي هذا الارتفاع مدى تنوع الاقتصاد؛ فقد يكون هناك تنوع كبير في النشاط، لكن هذا التنوع يظل مخفيًا بمقياس الدخل عندما يصل السعر العالمي للنفط إلى 100 دولار. ومنذ ما يزيد قليلاً عن عامين، وفي أثناء انتشار جائحة كوفيد-19، انخفض السعر العالمي للنفط إلى 10 دولارات. وتُظهر الإحصاءات الحكومية أن الدخل المتحقق من مبيعات النفط والغاز خلال الربعين الأول والثاني من عام 2022 ارتفع بنسبة 67٪ مقارنةً بالدخل المسجل خلال الربعين الأول والثاني من عام 2021.

وهناك فرصة متاحة ومسؤولية واجبة في الوقت نفسه تستدعي استثمار العائدات المتحققة من مبيعات النفط والغاز بحكمة. ويعني ارتفاع معدلات التضخم في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك اقتصادات الدول المتقدمة، أن الاحتفاظ بالنقد غير مربح لأن ارتفاع أسعار الفائدة لم يُعوض بعد. وقد تؤدي سندات الخزانة الأمريكية، التي تعتبر ملاذًا آمنًا من الناحية التقليدية، إلى تحقيق عائدات سلبية، فقد تدفع لك عائدات نسبتها 4٪ أو 4.5٪ لكن التضخم المسجل حاليًا ارتفع إلى حوالي 6٪.

وفي حالة قطر، هناك احتمالات محدودة لتنفيذ استثمارات محلية ضخمة، وهي مشكلة جيدة؛ فقد تم الانتهاء من معظم مشاريع البنية التحتية لبطولة كأس العالم إلى حد كبير، على الرغم من وجود بعض المشاريع التي تخطط الحكومة لتنفيذها في عام 2023 وما بعده. ومن المرجح استمرار تحقيق الميزانية لفوائض خلال الربعين الأول والثاني من العام المقبل لأنه من المتوقع أن تظل أسعار النفط ثابتة عند نفس المستوى أو بالقرب منه، نظرًا لارتفاع الطلب على الغاز والنفط خلال فصلي الشتاء والربيع في نصف الكرة الشمالي. وأيضًا، من المحتمل أن تتعزز شهرة البلاد وسمعتها باعتبارها وجهةً سياحيةً متميزة نتيجةً لاستضافة البلاد لبطولة كأس العالم إلى عام 2023، لا سيَّما وأن الطقس يبدو جذابًا خلال الأشهر الأولى من العام.

ويجب أن ينصب تركيز الاستثمار على الفرص الاستثمارية في الخارج. ويتمتع صندوق الثروة السيادية القطري بميزة نظرًا لتمتعه بالحرية في تبني منظور طويل الأجل. وتتضمن المحفظة الاستثمارية المعقولة مزيجًا من العقارات، والأسهم، والصناديق المدارة، والصناديق غير النشطة، التي تشتمل على مزيج من الاستثمارات الآمنة والمستقرة لإدرار النقد، وقد يكون هذا هو الوقت المناسب لتحويل نسبة من الاستثمارات إلى المجموعة الأخيرة.

وستخضع الأسهم الممتازة للدراسة والنظر، وبينما يتباطأ النمو في معظم أنحاء العالم، عادة ما تكون هناك أسهم واعدة للنمو. وهناك بعض الأسهم المقاومة للركود أو التقلبات الدورية، مثل سلاسل محلات السوبر ماركت ذات الميزانيات المحدودة أو مطاعم الوجبات السريعة. وتستحق شركات الأدوية وقطاعات التصنيع المتخصصة الأخرى الدراسة أيضًا. علاوة على ذلك، فقد أدى ارتفاع أسعار الفائدة والانكماش الاقتصادي في العالم الغربي إلى انخفاض أسعار الأصول، وهو ما يعزز من القدرة على شرائها بأسعار منخفضة نسبيا.

وبالنسبة لدولة قطر، في حين أن الفوائض العالية جدًا في الميزانية قد لا تدوم، فإن قرارات الاستثمار الصحيحة تساعد في ضمان تحقيق منافع طويلة الأجل من المكاسب المؤقتة.

 

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *