نقلت صحيفة واشنطن بوست عن مصادر إسرائيلية أن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب طلب من رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو تحقيق كافة أهدافه في غزة ولبنان قبل تنصيبه رئيسا في يناير المقبل.
وكان ترامب قد تعهد خلال حملته الانتخابية بالعمل على استعادة “السلام” في الشرق الأوسط دون تقديم أي تفاصيل. وقد أفادت الصحيفة بأنه لم يقدم خططا أو توضحيات حول الطريقة التي يعتقد أنها الأمثل لانتهاء حروب إسرائيل في المنطقة.
وتواصل إسرائيل تضييق الخناق على المناطق الشمالية المدمرة في قطاع غزة، الذي يعاني من الدمار والمجاعة، فيما لا يزال أكثر من 100 ألف فلسطيني في الشمال يحاولون البقاء على قيد الحياة الحصول على الغذاء أو المساعدات الجديدة. وفقا للصحيفة.
وقالت “واشنطن بوست” إن إسرائيل تعمل على قطع تدفق المساعدات الجديدة في محاولتها استئصال ما أسمتها “خلايا حماس” التي لا تزال تعمل في الشمال.
وكانت لجنة مراجعة المجاعة التابعة للأمم المتحدة قد حذرت من وجود “احتمال قوي” بأن المجاعة وشيكة في شمال غزة. وكتبت لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة: “لذلك، يمكن افتراض أن المجاعة وسوء التغذية والوفيات الزائدة بسبب سوء التغذية والمرض تتزايد بسرعة في هذه المناطق”.
عرض هذا المنشور على Instagram
مجاعة ودمار
ونشرت المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، لويز ووتريدج، مقطع فيديو لجولتها الأخيرة عبر أجزاء من شمال غزة، حيث تظهر مشهدا لا نهاية له من المباني المدمرة والشوارع المهجورة المليئة بالحطام.
وكتبت ووتريدج عبر الإنترنت: “لا توجد وسيلة لمعرفة أين يبدأ الدمار أو أين ينتهي. بغض النظر عن الاتجاه الذي تدخل منه إلى مدينة غزة، فإن المنازل والمستشفيات والمدارس والعيادات الصحية والمساجد والشقق والمطاعم – كلها سويت بالأرض تماما. المجتمع بأكمله أصبح الآن مقبرة”.
وذكرت الصحيفة أن الخسائر البشرية الكبيرة التي خلفتها الحرب الإسرائيلية على غزة منذ أكثر من 13 شهرا قيد المراجعة.
وبحسب تحليل نشره مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة عن الضحايا في غزة منذ 7 أكتوبر 2023 أن ما يقرب من 70% من الشهداء كانوا من النساء والأطفال. وكانت الأعمار الأكثر تمثيلا بين الشهداء تتراوح بين 5 و9 سنوات.
وذكرت “واشنطن بوست” في تقريرها أن “حوالي 80%من الشهداء لقوا حتفهم داخل المباني السكنية أو المساكن، مما أدى إلى تعزيز احتمالات عشوائية الهجمات الإسرائيلية.
وقال رئيس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك في البيان: “تشير مراقبتنا إلى أن هذا المستوى غير المسبوق من قتل وإصابة المدنيين هو نتيجة مباشرة للفشل في الامتثال للمبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي”.
وينفي المسؤولون الإسرائيليون مثل هذه الاتهامات مرارا وتكرارا، ويصرون على أن سلوكهم يتوافق مع القانون الدولي. وهي رواية دعمتها إدارة بايدن التي أصبحت الآن عاجزة، والتي حمت إسرائيل باستمرار من اللوم الدولي.
عرض هذا المنشور على Instagram
موعد نهائي
ومع ذلك، تواجه إسرائيل موعدا نهائيا فرضته الولايات المتحدة الأسبوع المقبل لتحسين الوصول إلى المساعدات الإنسانية إلى غزة أو مواجهة قيود محتملة على المساعدات العسكرية الأمريكية. وقد تكون هذه هي المرة الأولى التي تطبق فيها إدارة بايدن بالفعل قوانين أمريكية تشترط المساعدات العسكرية للدول الأجنبية.
وردا على الضغوط الأمريكية الواضحة، قالت إسرائيل إنها ستفتح معبرا جديدا في جنوب غزة. لكن المنظمات الإنسانية تحذر من أن عبور مثل هذه المساعدات إلى المناطق الشمالية من غزة غالبا ما يكون معرقلا، وذلك بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية وانهيار أي مظهر من مظاهر القانون والنظام في المنطقة.
وبحسب الصحيفة، قد يلغي ترامب أي قيود مفروضة على المساعدات العسكرية الأمريكية للدولة اليهودية بمجرد توليه منصبه. وقد كان نتنياهو وحلفاؤه من أقصى اليمين أول المرحبين بإعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة.
ويرى نتنياهو وحلفاؤه أن الرئيس الأمريكي من المرجح أن يمنحهم مرة أخرى الضوء الأخضر لتنفيذ أجندتهم الشاملة.
ويشتبه المحللون في أن نتنياهو قد يقاوم الموافقة على وقف إطلاق النار الرسمي على أي من جبهات الحرب حتى يتولى ترامب السلطة، وهي الخطوة التي من شأنها أن تمنح الرئيس القادم انتصارا رمزيا وتحرم سلفه من ذلك.
وقال مصدر مطلع على تفكير إسرائيل لصحيفة فاينانشال تايمز: “هناك تفاهم بين نتنياهو وترامب على أنهما سيعملان على إنهاء الحروب”، مشيرا إلى أن أي اختراق دبلوماسي قد يأتي بعد تنصيب ترامب.
وأضاف المصدر “يريد نتنياهو مساعدة ترامب في تحقيق هذا الإنجاز. لم يضمن ذلك، لكن الفكرة هي أنه سينتظر أي نوع من التحرك الكبير في لبنان أو غزة حتى 20 يناير”.
عرض هذا المنشور على Instagram
أسوأ من أي شيء
وأشار بعض المسؤولين الإسرائيليين إلى أنه لن يُسمح لسكان مناطق معينة في شمال غزة بالعودة، مما يعزز مزاعم جماعات حقوق الإنسان والعاملين في المجال الإنساني بأن إسرائيل ربما تنفذ تطهيرا عرقيا بحكم الأمر الواقع في الشمال.
وقال الدبلوماسي النرويجي السابق ورئيس المجلس النرويجي للاجئين يان إيجلاند الذي قام بجولة في المنطقة الأسبوع الماضي: “إن الوضع في المناطق الشمالية والوسطى من غزة أسوأ من أي شيء يمكنني أن أتخيله كعامل إغاثة منذ فترة طويلة”.
وأضاف في بيان: “ما رأيته وسمعته في شمال غزة كان سكانا يدفعون إلى ما هو أبعد من نقطة الانهيار. أسر ممزقة، ورجال وفتيان محتجزون ومنفصلون عن أحبائهم، وأسر غير قادرة حتى على دفن موتاها. وبعضهم قضى أياما دون طعام، ومياه الشرب غير متوفرة في أي مكان.. إنها مشهد تلو الآخر من اليأس المطلق”.
وقال سعيد كيلاني، أحد سكان شمال غزة الأسبوع الماضي إن العثور على الغذاء أصبح مستحيلا، والمياه مالحة إلى الحد الذي يجعلها غير صالحة “للحيوانات أو النباتات، ومع ذلك ليس لدينا خيار سوى شربها”.
وأضاف أنه خلال الغزو الإسرائيلي الأولي للمنطقة “كنا ننجو من خلال أكل العشب، ولكن حتى ذلك لم يعد موجودا الآن”.
وفي إحصائية لوزارة الصحة الفلسطينية ذكرت أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 3798 مجزرة بحق الأطفال والنساء وأهالي غزة، خلال 400 يوم من العدوان المستمرّ على قطاع غزة.
وقالت الوزارة أن هذه المجازر أدت إلى فقدان عائلات بأكملها، وأن الاحتلال تعمّد قتل أكبر عدد ممكن من العائلات الفلسطينية. وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان في غزة إلى أكثر من 53 ألف شهيد ونحو 103 آلاف جريح.

