نيويورك تايمز: عباس بدأ اتصالا مبكرا مع ترامب أملا في تحقيق السلام

عباس يتواصل مع ترامب
محمود عباس وترامب في مدينة بيت لحم بالضفة الغربية عام 2017.

قالت صحيفة نيويورك تايمز إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس سارع للبحث عن قناة اتصال مع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب عبر والد وزج ابنته تيفاني.

وأشارت الصحيفة في تقرير إلى أن عباس التقى والد تيفاني وسلمه رسالة تدين محاولة اغتيال ترامب فضلا عن مسارعته لتهنئته بعد الفوز في الانتخابات.

وترى الصحيفة أن هذه الخطوات كلها جزء من استراتيجية واسعة النطاق يحاول من خلالها عباس إعادة بناء العلاقة التي كانت متوترة خلال فترة ترامب الرئاسية السابقة والتي إعلن خلالها عن دعمه المطلق لإسرائيل.

لقد اعترف ترامب بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة واشنطن إليها واعترف بسيادة تل أبيب على الجولان السوري المحتل بالمخالفة للقانون الأمريكي نفسه، وقطع المساعدات عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا)، وقدم ما تعرف بـ”صفقة القرن” التي كانت توفر اتفاقات تطبيع عربية إسرائيلية وتتجاهل طموحات الفلسطينيين، كما تقول الصحيفة.

وأشارت الصحيفة إلى أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أظهرت موقفا حذرا من ترامب، وقالت إن بعض سكان القطاع يأملون في أن يفي الرئيس الأمريكي الجديد بوعده بوقف الحرب بينما أبدى آخرون تشككا في هذا الأمر.

 

عباس يتقرب من ترامب

في المقابل، منع عباس كبار مسؤولي السلطة من التعامل مع إدارة ترامب، لكن الصحيفة تقول إنه ربما غير مساره بعد وعود ترامب التي قطعها لمسلمي بلاده قبل الانتخابات بوقف الحرب.

ووفقا للصحيفة، فقد كان عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أول مهنئي ترامب بالفوز. وفي رسالته له، قال عباس إن المسؤولين الفلسطينيين “يتطلعون إلى العمل معك من أجل السلام والأمن والازدهار لمنطقتنا”.

ونقلت الصحيفة عن زياد أبو عمرو، وهو أحد المقربين من عباس ومسؤول فلسطيني كبير، أن عباس تحدث مع ترامب عبر الهاتف يوم الجمعة الماضية وناقش الاثنان إمكانية الاجتماع في المستقبل القريب.

لكن جهود عباس للتواصل مع ترامب بدأت قبل الانتخابات بوقت طويل، كما تقول الصحيفة، فقد ساعد والد زوجة تيفاني ترامب، مسعد بولس، وهو رجل أعمال لبناني أمريكي عمل كمبعوث غير رسمي لحملة ترامب للناخبين العرب الأمريكيين.

وقالت الصحيفة إن بشارة بحبح، وهو مؤيد فلسطيني أمريكي لترامب، جث عباس على التواصل مع ترامب في الأشهر الأخيرة، مشيرة إلى أن عباس التقى بولس على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي.

مسعد بولس، لبناني أمريكي، وهو والد زوج تيفاني ترامب، التقى عباس في يوليو الماضي

وفي حين وصف المسؤولون الفلسطينيون الاجتماع بأنه جزء من جهد للتواصل مع ترامب، قال بولس لنيويورك تايمز إنه كان “لقاء شخصيا بحتا” وإنه لم يبلغ ترامب بالاجتماع قبل أو بعده.

وقال أبو عمرو، الذي حضر الاجتماع، إن بولس نقل رغبة ترامب في إنهاء الحروب في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في قطاع غزة.

ولم ترد كارولين ليفيت، المتحدثة باسم ترامب، على أسئلة حول الاجتماع. ولكن عندما سُئلت عن دور بولس في أكتوبر الماضي، قالت إن الحملة ممتنة لـ “تواصله الفعال للغاية” مع الأمريكيين العرب.

بالإضافة إلى ذلك، قال بولس وبحبح إنهما ساعدا في تسهيل تسليم رسالة من عباس إلى ترامب في يوليو الماضي تدين محاولة اغتياله، وهي الرسالة التي نشرها ترامب على موقع Truth Social.

وفي الرسالة، تمنى عباس لترامب “القوة والسلامة” وقال إن محاولات الاغتيال “عمل حقيرة”. ورد ترامب بأن رسالة عباس كانت “لطيفة للغاية” وأعلن أن “كل شيء سيكون على ما يرام”.

البحث عن علاقة جيدة

وقال أبو عمرو: “نريد الحفاظ على علاقة عمل جيدة لأنه لا يمكن لأحد أن يتجاهل الدور الذي يمكن أن تلعبه الولايات المتحدة في حل الصراع”.

تقول الصحيفة إن عباس واجه تحديات كثيرة حتى في ظل إدارة جو بايدن، بما في ذلك المطالبات الدولية بإصلاحات للسلطة الفلسطينية يمكن أن تساعدها في لعب دور في قطاع غزة.

ومع عدم وجود نهاية في الأفق حتى الآن للحرب، اتخذت حكومة نتنياهو -الأكثر تطرفا في تاريخ إسرائيل- مواقف عدائية ضد السلطة بشكل متكرر. وقد رفضت دعوة إدارة بايدن إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وفي اجتماع سبتمبر الماضي مع بولس، قال عباس إنه مستعد لإحلال السلام مع إسرائيل على أساس حل الدولتين وأعرب عن استعداده لاستضافة مراقبين دوليين في دولة فلسطينية مستقبلية لضمان أمن إسرائيل، كما قال بحبح.

بشارة بحبح، فلسطيني أمريكي مؤيد لترامب تقول نيويوك تايمز إنه ساعد في تسهيل وصول رسالة من محمود عباس إلى ترامب.

وقال بحبح إن الزعيم الفلسطيني قال أيضا إنه لن يكون هناك “قتال، ولا توغلات، ولا هجمات على الإطلاق” من دولة فلسطينية مستقبلية. وأكد أبو عمرو تعليقات بحبح.

لقد تعهد عباس منذ فترة طويلة بمعارضة العنف واقترح أن قوة حلف شمال الأطلسي بقيادة الولايات المتحدة يمكن أن تحرس دولة فلسطينية مستقبلية.

وعلى الرغم من خطوات عباس، فإن تاريخ ترامب في دعم إسرائيل لم يفت المسؤولين الفلسطينيين، كما تقول نيويورك تايمز التي نقلت عن السفير الفلسطيني في بريطانيا حسام زملط، والذي كان سفيرا في واشنطن بداية إدارة ترامب، قوله: “عندما نسمع ترامب يقول إنه يريد السلام، فإننا نأخذ ذلك على محمل الجد”،

ومع ذلك، يقول زملط: “لكن السلام يجب أن يقوم على الاستقلال الفلسطيني وتقرير المصير، وإذا حاول ترامب الضغط علينا، فلا يزال بإمكاننا أن نصرخ: لا” .

أما حركة حماس التي كانت صريحة في انتقادها لإدارة بايدن، فإنها -وفق الصحيفة- تقيس بعناية رد فعلها على فوز ترامب حيث قالت يوم الأربعاء إن موقفها من الإدارة الأمريكية الجديدة “سيتوقف على مواقفها وسياساتها العملية تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة”.

لقد تحمل الفلسطينيون في غزة وطأة الهجوم الإسرائيلي، وقال البعض إنهم يأملون أن يتمكن ترامب من إنهاء الحرب في غزة.

وقال مهند الفرا، الذي كان يمتلك متجرا لقطع غيار السيارات ويقيم الآن في خان يونس مع عائلته، لنيويورك تايمز: “آمل أن يتدخل ترامب كمنقذ لإضفاء بعض النظام، وأن يجلب انتخابه تغييرا إيجابيا لهذه المدينة التي مزقتها الحرب”.

في المقابل، كان آخرون أكثر تشاؤما، حيث  قال مهند شعث، وهو ناشط شبابي ومجتمعي في مدينة غزة: “لقد انحازت الولايات المتحدة دائما إلى جانب دولة الاحتلال الإسرائيلي، لذا أشك في أن الكثير سيتغير، خاصة إذا استمر ترامب في تنفيذ خططه القديمة”.

الرابط المختصر: https://msheireb.co/44c