خان يونس.. شهادات صادمة ومشاهد مروعة من “المنطقة الآمنة”

“هذه ليست آثار زلزال مدمر، ولا قنبلة ذرية ألقيت على المنطقة.. بل هي خان يونس“.. هكذا يمكن وصف حال المدينة الواقعة جنوبي قطاع غزة والمصنفة “منطقة آمنة” وفق غرفة عمليات مجلس الحرب الإسرائيلي.

“في كل بيت شهيد، جريح، الكلمات تعجز عن وصف حجم الدمار والمعاناة التي مررنا بها”. هذا ما قالته صفاء قنديل العائدة للتو بعد اعلان قوات الاحتلال الإسرائيلي انسحابها من المدينة مساء الأحد الفائت.
وأضافت قنديل (46 عاما) لوكالة فرانس برس” “كنا نأمل أن نجد المنزل أو بقاياه أو نأخذ منه شيئا ليغطينا”.
وقالت: “لم نجد المنزل”.
لكن هذا ليس أسوأ ما في خسارتها، فقد قتل ابنها وزوجته الحامل على يد الجيش الإسرائيلي.

وأردفت “مأساتي كبيرة”، مضيفة أن الجيش قتل أيضا “والد وأخ وأخت وخالة زوجة ابنها وبقية أفراد أسرتها في جريمة بشعة للغاية”.
وختمت صفاء دون أن تتمالك نفسها وبصوت متهدج: “بكينا بشكل هستيري عند رؤية الدم”.

 

 

من جهتها قالت مها ثائر: “أشعر بحزن شديد وصدمة لا توصف.. بيتي مدمر.. لم نجد له جدرانا ولا أبواب ولا شبابيك، أغلب الأبراج في خان يونس نسفت بالكامل”.
وتضيف مها: “رغم أنها لا تصلح للحياة، لكنها خيار أحسن من العيش في الخيام”.

وأردفت واصفة حال جيرانها: “وجدوا بيوتم مدمرة بالكامل ولا يعرفون أين سيمكثون”.

ولخصت المشهد بقولها “رائحة الموت تنتشر في المكان. لم تعد هناك مدينة، بل أنقاض. لم أمنع نفسي عن البكاء بينما كنت أسير في طرقات الحي الذي كنت أسكن فيه”.

دمار شامل

الدمار الذي لحق بالمدينة يفوق الوصف لدرجة أن العديد من السكان العائدين من رفح المجاورة، حيث لجأ أكثر من 1.5 مليون من سكان غزة، يكافحون من أجل إيجاد طريق منازلهم.

وقال سليم شراب: “نحن لا نستطيع التعرف على الأماكن، لأنه لا يوجد شيء يشبه نفسه”.
ووصف آخرون المشهد: غابت ملامج كل شئ.. إبادة للبشر والمباني وكل مظاهر الحياة.

وأكد آخرون للوكالة الفرنسية: رائحة الموت تفوح في الهواء، حيث يقوم الناس بالحفر بأيديهم لانتشال الجثث من تحت الأنقاض.

وأفاد مراسل الأناضول أن جثث عشرات الشهداء الفلسطينيين الذين تم انتشالهم  نقلوا إلى المستشفيات بمدينتي رفح ودير البلح.

وناشد الدفاع المدني في المدينة الأمم المتحدة يوم الاثنين توفير معدات هيدروليكية للوصول إلى الجثث التي يقولون إن معظمها متحلل بشدة.

انسحاب لا نتائج

وأفادت وسائل إعلام عبرية، الأحد، نقلاً عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين كبار، أن قرار الجيش سحب جميع قواته من مدينة خان يونس، لا علاقة له بالمفاوضات بشأن صفقة الرهائن.

وقالت يومية هآرتس: “أوضح أحد الضباط، بعد أن عملت الفرقة 98 في منطقة خان يونس لمدة أربعة أشهر، كانت مثل هذه المناورات واسعة النطاق لكن تنتج عوائد قليلة”.

وقال القادة العسكريون، الذين فضلوا عدم الكشف عن أسمائهم، إن الجيش الإسرائيلي “أدرك منذ فترة طويلة أن إبقاء العديد من القوات ثابتة بشكل أساسي في غزة بدلاً من نقلهم للقتال في مناطق جديدة يعرضهم للخطر لأن مواقعهم الثابتة حولتهم إلى أهداف للخلايا المقاتلة”. وقال الصحيفة.

وبشكل يومي، تعلن كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، عن قتل وجرح عدد من جنود إسرائيليين وتدمير آليات عسكرية، وتبث مقاطع فيديو توثق عملياتها.

وقال القادة العسكريون الإسرائيليون إن “الانسحاب ليس إجراءً لبناء الثقة لمساعدة المفاوضين الذين ذهبوا إلى القاهرة لإجراء محادثات جديدة (الأحد)… لقد تقرر لأسباب عملياتية بحتة بناءً على الوضع الأمني في المنطقة وليس بسبب”المطالب الأمريكية”.

عودة التفاوض

ومع تسارع الحديث في الأيام الأخيرة عن عودة المفاوضين إلى القاهرة لاستئناف البحث عن مخرج لتنفيذ صفقة تبادل ووقف النار، نقلت وكالة رويترز عن القيادي في حماس علي بركة من بيروت، أن المكتب السياسي للحركة اجتمع ورفض شروط إسرائيل.

وكان قيادي آخر في الحركة قال لرويترز إن مفاوضات القاهرة التي جرت الأحد لم تحرز أي تقدم.

وأضاف القيادي، الذي لم تفصح عنه الوكالة “ليس هناك أي تغيير في مواقف الاحتلال ولذا لا جديد في مفاوضات القاهرة… لا يوجد تقدم حتى اللحظة”.

وقدم مدير وكالة المخابرات المركزية بيل بيرنز في القاهرة الأحد اقتراحا جديدا لدفع الاتفاق بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل.

ونص المقترح على إطلاق سراح 40 محتجزا إسرائيليا من قطاع غزة مقابل وقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع، حسبما نقل موقع أكسيوس عن ثلاثة مسؤولين إسرائيليين اليوم الاثنين.

وسيكون هذا أطول توقف للقتال في غزة منذ بدء الحرب وربما يدفع باتجاه وقف شامل ودائم للقتال الذي أودى بحياة أكثر من 33 ألف فلسطيني فضلا عن إصابة نحو 7 آلاف ومثلهم من المفقودين.

وستشمل الصفقة أيضا إطلاق سراح ما لا يقل عن 900 أسير فلسطيني، بينهم أكثر من 100 يقضون أحكاما بالسجن المؤبد (ينتمون لفصائل المقاومة).

ولم يتضمن المقترح عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيفرج عنهم خلال المرحلة الثانية من الصفقة كما لم يشمل وقفا دائما للقتال ولا انسحابات لقوات الاحتلال من القطاع.

والتقى مدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز في القاهرة يوم الأحد مع رئيس الموساد الإسرائيلي ديفيد برنيع ورئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ورئيس المخابرات المصرية اللواء عباس كامل، في محاولة لكسر الجمود في المفاوضات.

وكان وفد كبير من حماس موجودا في القاهرة في نفس الوقت وعقد اجتماعات منفصلة مع الوسطاء المصريين والقطريين.

وقال سامي أبو زهري، القيادي بحماس في تصريح صحفي، الاثنين: نتعامل بمرونة مع المفاوضات الجارية في العاصمة المصرية القاهرة بينما تصر تل أبيب على حصر الموضوع في تبادل الأسرى وعودة محدودة للنازحين.

ولاحقا كشف مصدر فلسطيني للأناضول عن مقترح جديد يشمل: تبادل للأسرى وعودة النازحين إلى شمال قطاع غزة بشرط أن تكون العودة لمخيمات إيواء.

وأكدت حركة حماس أكثر من مرة أن نجاح المفاوضات يعتمد 4 محددات هي: وقف الحرب، وانسحاب قوات الاحتلال من كامل القطاع، وعودة النازحين إلى الشمال، وإدخال المساعدات ضمن صفقة تبادل أسرى

ووصف متحدث باسم وزارة الخارجية ماجد الأنصاري اللقاءات في القاهرة بأنها “مشجعة”، وأضاف “لقد كان الضغط الذي مارسته الولايات المتحدة فعالا”.

وأضاف الأنصاري “لا أستطيع الخوض في تفاصيل الاقتراح ولكن يمكنني القول إنه يسد الفجوة بطريقة لم يتم القيام بها في الشهرين الماضيين”.

وتابع “نحن ننتظر الرد من الجانبين”. “إذا سألتني إذا كنت أكثر تفاؤلا اليوم مما كنت عليه قبل يومين، سأقول نعم”.

وقال المسؤولون الإسرائيليون إن بيرنز قدم اقتراحا يعتمد على الشروط التي تمت مناقشتها خلال المفاوضات السابقة في مارس الماضي، وقال مسؤول إسرائيلي لأكسيوس إن المقترح يطلب المزيد من التنازلات من كلا الطرفين.

 

ووفقا لوزارة الصحة في غزة قد بلغ عدد الشهداء إلى نحو 33207 ألفا، فضلا عن آلاف الجرحى والمفقودين.

 

الرابط المختصر: https://msheireb.co/27w