تبنت الولايات المتحدة مجددا الرواية الإسرائيلية بشأن مستشفى الشفاء شمالي قطاع غزة، وقالت إن مفاوضات الهدنة مستمرة في الدوحة وإن التوصل لاتفاق لا يزال ممكنا.
وقال مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في مؤتمر صحفي مساء الاثنين إن قوات الاحتلال هاجمت مستشفى الشفاء بعد تعرضها لإطلاق نار من جانب مقاتلين تابعين لحركة المقاومة الإسلامية حماس، كانوا يتواجدون بداخلها.
ووفقا لوزارة الصحة في القطاع، فقد قتلت قوات الاحتلال عددا من المتواجدين داخل المستشفى وأصابت آخرين، كما جرى اعتقال عشرات المدنيين والصحفيين خلال الهجوم.
وقال مراسل قناة الجزيرة إسماعيل الغول إن قوات الاحتلال قيدتهم وعصبت أعينهم وأجبرتهم على خلع ملابسهم لمدة 12 ساعة، مؤكدا أن قوات الاستخبارات الإسرائيلية جرفت المقابر الموجود في ساحة المستشفى وأحرقت سيارات البث الصجفي.
عرض هذا المنشور على Instagram
موقف ليس جديدا
وهذه ليست المرة الأولى التي تتبنى فيها واشنطن الرواية الإسرائيلية لتبرير اقتحام المستشفى الأكبر بقطاع غزة وتعريض حياة المدنيين المتواجدين فيه للخطر، فضلا عن قتل وإصابة بعضهم.
ويلقي هذا الموقف شكوكا بشأن جدية إدارة جو بايدن في الضغط على إسرائيل من أجل احترام القوانين الدولية خلال عدوانها على القطاع والذي دخل شهره السادس.
ورفض سوليفان الإجابة على سؤال بشأن “النعومة الكبيرة” التي تبديها واشنطن تجاه مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يرفض الانصياع لأبسط الطلبات الأمريكية خلال الحرب.
لكنه قال إن نتنياهو زاد عزلة إسرائيل دوليا وإن إسرائيل لم تحقق أهدافها من الحرب، مؤكدا أن ما يريد نتنياهو فعله في رفح يمكن تحقيقه بطرق أخرى غير الحرب.
وقال سوليفان إن المفاوضين يواصلون اجتماعاتهم في الدوحة من أجل الهدنة، وإن التوصل لاتفاق لا يزال ممكنا، مؤكدا أن واشنطن مارست ضغوطا كبيرة على حماس وأنها ستواصل القيام بالشيء نفسه.
وأكد أن المفاوضات هي الطريقة الأمثل لاستعادة الأسرى، وأن واشنطن ستواصل الضغط في هذا الاتجاه.
عرض هذا المنشور على Instagram
نتنياهو يضع عراقيل جديدة
ويواصل المفاوضون بحث مقترح قدمته حماس من أجل التوصل لهدنة وتبادل للأسرى، لكن نتنياهو يواصل في الوقت نفسه وضع العراقيل أمام المضي قدما في التوصل لصفقة.
ونقلت وسائل إعلام عبرية عن رئيس وفد التفاوض الإسرائيلي نتسان آلون، أن نتنياهو قلّص صلاحيات الوفد ووضع خطوطا حمراء أكثر صرامة بشأن مطالب حماس، وأنه (آلون) يعتقد أن المفاوضات ستفشل في ظل هذه القيود.
ونقلت جيروزاليم بوست عن المفاوضين أن نتنياهو تحدث بصرامة معهم وأمرهم بعدم تجاوز الصلاحيات الممنوحة لهم خلال المفاوضات، وطالبهم بعدم اتخاذ أي قرار دون الرجوع لمجلس الحرب.
ورغم الخلاف الظاهري بين بايدن ونتنياهو إلا أن سوليفان أعاد التأكيد على تمسك واشنطن بإلحاق الهزيمة بحركة حماس على يد الإسرائيليين.
كما أكد سوليفان أنه لا توجد خطوط حمراء أمام إسرائيل في حربها الحالية، وذلك بعد حديث بايدن الأسبوع الماضي عن أن دخول مدينة رفح جنوبي القاطع يمثل “خطا أحمر”.
وكان نتنياهو قد رد على حديث بايدن بأن إسرائيل ليس أمامها خطوط حمراء إلا تحقيق أمنها، في تصعيد علني ضد الرئيس الأمريكي الذي يعيش أزمة داخلية بسبب الحرب الإسرائيلية.
وأيد بايدن يوم الجمعة خطابا قاسيا لزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ تشاك شومر قال فيه إن نتنياهو ضل طريقه ودعا إلى إجراء انتخابات جديدة في إسرائيل بمجرد انتهاء الحرب.
وفي تصريحاته الأخيرة، كان بايدن يحاول الانفصال عن نتنياهو واستراتيجيته في الحرب على غزة، مع التمسك بإسرائيل ومعركتها ضد حماس.
وبعد شهر من انقطاع التواصل بينهما، أجرى بايدن يوم الاثنين أول مكالمة هاتفية مع نتنياهو الذي قال موقع “أكسيوس” إنه اشتكى خلال الاتصال من خطاب شومر وتصديق بايدن عليه.
وقال سوليفان إن نتنياهو “أثار مخاوفه بشأن مجموعة متنوعة من الأشياء التي ظهرت في الصحافة الأمريكية، ومن وجهة نظر بايدن”، مضيفا “هذه ليست مسألة سياسة بل سياسة واستراتيجية”.
وأضاف أن واشنطن طلبت من إسرائيل إرسال وفد أمني لواشنطن من أجل توضيح بعض الأمور المتعلقة بالعملية التي تريد إسرائيل شنها في رفح، والتي تثير مخاوفا بشأن السلام بين مصر وإسرائيل.
أما نتنياهو فقال إنه اتفق مع بايدن على تحقيق كافة أهداف الحرب وخصوصا القضاء على حماس وإنهاء أي تهديد أمني لإسرائيل في غزة.
ضعف أمريكي
في غضون ذلك، نقلت واشنطن بوست عن مسؤولين أمريكيين أن استراتيجية بايدن في هذه الحرب تقترب من الفشل، وأن نقاشا داخليا دار خلال نوفمبر الماضي بشأن دعم إسرائيل علنا من عدمه.
وقال لورانس فريمان -كبير الباحثين في مركز الدراسات الدولية- إن الولايات المتحدة غير جادة في الضغط على نتنياهو الذي يرفض أي حل سياسي للقضية الفلسطينية ويرغب في تهجير الفلسطينيين من غزة.
وأضاف في مقابلة مع الجزيرة أن إدارة بايدن تعتقد أنها قادرة على تغيير سياسة نتنياهو “لكن هذا غير صحيح، لأن بايدن يتلقى يوميا الصفعة تلو الأخرى من بعض أعضاء الحزب الديمقراطي وبعض الإيرلنديين”.
وأكد فريمان أن بايدن يخشى اللوبيات الصهيونية والمال السياسي فضلا عن أن “المؤسسات السياسية الأمريكية تتسم بالفساد وغياب الأخلاق”.
وأكد فريمان أن بايدن “لا يملك جرأة الاعتراف بأن نتنياهو هو عدو الإنسانية وعدو الفلسطينيين”، مشيرا إلى أن واشنطن تعرف نوايا نتنياهو جيدا ولا تريد التحرك لكبح جماحه.
وختم بالقول إن الولايات يمكنها إرسال رسالة قوية لإسرائيل من خلال وقف دعمها العسكري، مضيفا “أنا لا أثق بأي شخص في إدارة بايدن، وهم لا يعرفون ما الذي سيفعله نتنياهو في رفح، والحقيقة أنه يريدها حربا دموية لكي يظل في السلطة”.
ووفق واشنطن بوست فقد أكد مسؤولون أمريكيون أن حالة إحباط كبيرة تسود داخل إدارة بايدن التي تعيش حالة عدم يقين بشأن ما ستصل إليه هذه الحرب.