هل يمكن أن يحل الذكاء الاصطناعي محل المفتي؟

هل يمكن أن يحل الذكاء الاصطناعي محل المفتي؟
الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، الدكتور قطب مصطفى سانو

مشيرب ـ هاجر رضوان

قال الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، الدكتور قطب مصطفى سانو، إن الذكاء الاصطناعي لا يمكن أن يكون بديلا عن المفتي، لكنه يعد أداة قوية يمكن الاستعانة بها في دعم عملية الإفتاء.

وأوضح سانو في مقابلة خاصة مع مشيرب على هامش مؤتمر الدوحة الحادي عشر للمال الإسلامي، أن العلاقة بين الذكاء الاصطناعي والمفتي تشبه تماما العلاقة بين الطبيب وأدواته. 

وأضاف أن “الذكاء الاصطناعي لا يعالج المريض، لكنه يساعد الطبيب في تشخيص الحالة، كذلك المفتي هو من يصدر الحكم الشرعي بعد فهم الواقع وملابسات السؤال، لكن يمكنه أن يستفيد من هذه التقنية في الوصول السريع للنصوص الشرعية والمراجع”.

وأشار الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يدعم المفتي عبر تنظيم المعلومات، وتوفير الأدلة بسرعة، لكنه لا يملك القدرة على مراعاة الظروف الشخصية لكل مستفتِ، والتي تشكل جوهر الفتوى.

فقه متجدد

وفي تعليقه على تطور الفقه الإسلامي، أكد سانو أن “الفقه لا يمكن أن يتوقف عند مسائل الماضي”، مشددا على ضرورة أن يتجدد الفقه بتجدد القضايا والوقائع.

وأوضح أن التجديد لا يعني التخلي عن الفقه القديم، بل البناء عليه وتطويره ليواكب المستجدات، مبينا أن “كل جيل يواجه أسئلة جديدة، وقضاياه تحتاج إلى اجتهادات معاصرة تستند إلى الأصول وتُراعي الواقع”.

وحذر من الجمود الفقهي، داعيا إلى فقه يتعامل مع التحديات المعاصرة مثل الذكاء الاصطناعي، الاقتصاد الرقمي، وأدوات التمويل الحديثة، بما يحقق المصلحة ويصون المقاصد الشرعية.

العملات والبلوك تشين

وقال الدكتور سانو، حول ما يخص العملات الرقمية المشفرة، إن المجامع الفقهية لم تُصدر بعد حكما نهائيا بشأنها، مؤكدا أن المسألة لا تزال محل دراسة عميقة من قبل الفقهاء والمتخصصين في الاقتصاد والسياسة المالية.

وأشار إلى أن دورة المجمع القادمة والتي ستُعقد في قطر قد تشهد إصدار موقف جماعي بشأن هذه العملات، في ظل تنامي استخدامها في الأسواق العالمية، وتأثيرها المباشر على حياة الناس.

وأضاف: “لا يمكن لعالم واحد أن ينفرد بإصدار حكم قاطع على العملات الرقمية، فالأمر يتطلب اجتهادا جماعيا يستند إلى معطيات علمية واقتصادية دقيقة”.

وفي سياق متصل، أشاد سانو بإمكانيات تقنية البلوك تشين، واصفا إياها بـ “الأداة الحاسمة في ضبط التزام المؤسسات المالية الإسلامية بالمعايير الشرعية”.

وأوضح أنه يمكن تخزين القرارات الفقهية والمعايير على سجل موزع، ليُعرض عليه أي عقد أو معاملة مالية، ويجري التحقق بشكل تقني من مدى التزامها بالضوابط. 

وقال الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي: “البلوك تشين يمنع التلاعب والتحايل، ويُسهم في تعزيز الشفافية والانضباط الشرعي”.

وأكد أن استخدام هذه التقنية إلى جانب الذكاء الاصطناعي يمكن أن يُحدث نقلة نوعية في صناعة المال الإسلامي، ويُحقق تكاملا بين التقنية والفقه لمواجهة التحديات المعاصرة.

الدكتور مصطفى سانو

ويشغل الدكتور قطب مصطفى سانو منصب الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي الدولي، وهو أستاذ في الفقه وأصوله، وسبق أن تولى عدة مناصب أكاديمية وحكومية، منها وزير الدولة بوزارة التعليم العالي في بلده السودان.

ويُعد الدكتور سانو من أبرز الأصوات الفقهية المعاصرة التي تدعو إلى الاجتهاد الجماعي وتحديث أدوات الفقه الإسلامي لمواكبة العصر.

مؤتمر الدوحة للمال الإسلامي

وفي الثامن من أبريل الجاري، استضافت الدوحة فعاليات المؤتمر الحادي عشر للمال الإسلامي تحت شعار “تكامل البلوك تشين والذكاء الاصطناعي ومستقبل التمويل الإسلامي”، بمشاركة واسعة من هيئات حكومية ومنظمات دولية ومؤسسات مالية وأكاديمية.

ويُعقد مؤتمر الدوحة للمال الإسلامي سنويا في العاصمة القطرية، ويجمع كبار العلماء والباحثين والخبراء في الاقتصاد الإسلامي.

ويناقش أحدث المستجدات في القطاع المالي الشرعي، بما في ذلك التمويل الرقمي، العملات المشفرة، والتقنيات المالية الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين. 

ويحظى المؤتمر باهتمام دولي متزايد كمنصة رائدة لتطوير الفكر المالي الإسلامي.

الرابط المختصر: https://msheireb.co/5ef