يبدو أن احتمالات التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في قطاع غزة قد تراجعت بشكل كبير بعد اغتيال إسرائيل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) إسماعيل هنية، الذي كان يدير عملية التفاوض.
وشكّل اغتيال هنية خلال تواجده في طهران مساء الثلاثاء صدمة كبيرة واستدعى تهديدا واضحا من المقاومة برد حتمي، فضلا عن استياء علني من جانب الوسيط القطري تحديدا.
ويعتبر هنية أبرز قادة المقاومة الذين اغتالتهم إسرائيل خلال الحرب الحالية، وقد أكدت حماس أن خليفته سيواصل السير على نفس الطريق.
وفي انتقاد شديد للعملية، قال رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، إن سياسة الاغتيالات السياسية والتصعيد الذي تمارسه إسرائيل ضد المدنيين في قطاع غزة بشكل متعمد خلال كل مرحلة من مراحل التفاوض.
عرض هذا المنشور على Instagram
وكتب رئيس الوزراء عبر منصة “X”: “إن نهج الاغتيالات السياسية والتصعيد المقصود ضد المدنيين في غزة في كل مرحلة من مراحل التفاوض، يدفع إلى التساؤل كيف يمكن أن تجري مفاوضات يقوم فيها طرف بقتل من يفاوضه في الوقت ذاته؟”.
وأضاف أن “السلام الإقليمي والدولي بحاجة لشركاء جادين وموقف دولي ضد التصعيد والاستهتار بأرواح شعوب المنطقة”.
وتزامن الاغتيال مع جهود يبذلها الوسطاء من أجل التوصل لاتفاق وقف إطلاق نار في القطاع في ظل مراوغة وتصعيد متواصل من جانب الاحتلال.
عرض هذا المنشور على Instagram
ماذا بعد اغتيال هنية؟
وفي إسرائيل، أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في خطاب متلفز، مساء الأربعاء، أن إسرائيل “مستعدة لجميع الاحتمالات” محذرا الإسرائيليين من أن “الأيام المقبلة ستكون صعبة”.
وقال نتنياهو إنه لم ولن يخضع لأي ضغوط بشأن إيقاف الحرب في قطاع غزة، مضيفا “لو كنت خضعت لها لما قتلنا مسؤولي حماس أو سيطرنا على محور فيلادلفيا ومعبر رفح“.
ويوم الأربعاء، مسؤولون أمريكيون لموقع أكسيوس إن إسرائيل هي التي شنت الغارة التي أدت لاستشهاد هنية في طهران.
وقال نائب رئيس حركة حماس في قطاع غزة خليل الحية خلال مؤتمر من طهران، إن “الاحتلال يتحدى العالم بأسره عبر استهداف لبنان وإيران لأنه يعلم أن عمله لن يمر”، مشيرا إلى أن “الكيان الصهيوني جدير بأن يدفع ثمنا غاليا لجريمته البشعة”.
وأكد أن الاحتلال الإسرائيلي يهرب إلى الأمام عبر محاولته إشعال المنطقة بعد فشله، لافتا إلى أن “لا أحد في حماس وإيران والمنطقة والعالم يريد حربا، ومن يتحمل المسؤولية هو من أشعل المنطقة”.
وجدد التأكيد على أن حماس والمقاومة مستمرة، إذ إن غياب قائد آخر لا يحرف بوصلة الحركة عن أدائها، وأضاف “من سيخلف القائد هنية سيسير على نفس الدرب”، مؤكدا أن مقاومة إسرائيل هي الخيار.
ولم تصدر الكثير من التصريحات بشأن تداعيات اغتيال هنية على مفاوضات وقف إطلاق النار حيث تسيطر احتمالات الرد الإيراني على المشهد بصفة عامة.
عرض هذا المنشور على Instagram
مباحثات قطرية موسعة
لكن رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن أجرى مباحثات عديدة يوم الأربعاء وكانت تداعيات اغتيال زعيم حماس في القلب منها.
فقد تلقى الشيخ محمد بن عبد الرحمن اتصالين من وزير الخارجية الإيراني بالوكالة علي باقري ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن. كما استقبل وزيري خارجية مصر وبريطانيا لبحث تداعيات هذا التصعيد المباغت من جانب إسرائيل.
وفي الولايات المتحدة، قال مستشار اتصالات الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي إن الضربة الإسرائيلية التي أدت إلى مقتل القيادي البارز في حزب الله اللبناني فؤاد شكر -الثلاثاء- في الضاحية الجنوبية لبيروت، واغتيال هنية في طهران، لا يساعدان في احتواء التوترات الإقليمية، لكنه نفى وجود مؤشرات على تصعيد وشيك.
واعتبر كيربي أنه من السابق لأوانه القول ما إذا كانت الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط ستؤثر على احتمالات التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
عرض هذا المنشور على Instagram
واشنطن قلقة للغاية
لكن موقع أكسيوس نقل عن مسؤولين أمريكيين أن إدارة جو بايدن قلقة للغاية من أن يؤدي اغتيال هنية إلى عرقلة مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، وزيادة خطر اندلاع حرب إقليمية. وأضاف المسؤولون أن مسؤولين إسرائيليين يتوقعون تعليق مفاوضات تبادل الأسرى في المدى القريب.
وجاء اغتيال هنية بعد يومين من عودة نتنياهو من الولايات المتحدة بعد زيارة حصل خلالها على دعم واسع من الكونغرس بعد كلمة أكد خلالها أنه لن يقبل بوقف الحرب وأنه سيواصلها حتى تحقيق أهدافها.
وتحدث نتنياهو خلال كلمته عن رغبته في تشكيل تحالف إقليمي أمريكي لمواجهة “محور الشر الإيراني”، دون إشارة إلى صفقة تبادل الأسرى التي يقول بايدن إنه يضعها على رأس أولوياته خلال فترته المتبقية في البيت الأبيض.
وكان هنية المحاور الرئيسي مع الوسطاء القطريين والمصريين في المفاوضات بشأن الصفقة التي تواجه تعثرا كبيرا بسبب سلوك نتنياهو الذي يزيد الفجوات يوما بعد يوم.
وقال ثلاثة مسؤولين أمريكيين لموقع أكسيوس إن إدارة بايدن “قلقة للغاية” من أن اغتيال الزعيم السياسي لحماس قد يعرقل المفاوضات بشأن الصفقة ويزيد من خطر اندلاع حرب إقليمية. فيما قال مسؤولون إسرائيليون إنهم يتوقعون تعليق المفاوضات في الأمد القريب.
وفي بيان يوم الأربعاء، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إن بلينكن اتصل بالشيخ محمد بن عبد الرحمن بعد وقت قصير من التعليق الذي كتبه على منصة “إكس”، وأكد على أهمية الاستمرار في العمل للتوصل إلى وقف إطلاق النار واتفاق الأسى في غزة.
وأضاف ميلر أن بلينكن أبلغ نظيره رئيس الوزراء أن الولايات المتحدة ستواصل العمل لضمان التوصل إلى اتفاق.
بدوره، مكتب وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت إن الأخير تحدث يوم الأربعاء مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن وأخبره أن “إسرائيل تعمل بشكل خاص خلال هذه الأوقات على التوصل إلى إطار للإفراج عن الرهائن (الأسرى)”.
وقال مسؤول أمريكي لأكسيوس إن واشنطن قلقة جدا من أن اغتيال هنية قد يعرقل محادثات الأسرى ووقف إطلاق النار وربما يجعل من الصعب للغاية تجنب حرب إقليمية.
بعد أن قتلت ضربة إسرائيلية على بيروت أحد كبار القادة العسكريين لحزب الله يوم الثلاثاء، شعر مسؤولو إدارة بايدن أنه حتى لو رد حزب الله، فسيحدث ذلك بطريقة لا تؤدي إلى حرب شاملة.
لكن مسؤولا أمريكيا قال إن اغتيال هنية خلق وضعا أكثر خطورة مع إمكانية أعلى للتصعيد، مضيفا أنه “حائر” من اغتيال إسرائيل لهنية في طهران وتوقيت ذلك.
ويشعر المسؤولون الأميركيون بالقلق من أن يؤدي مقتل المستشار العسكري الأعلى لحزب الله في بيروت إلى جانب اغتيال هنية في طهران إلى خلق ضغط حرج على إيران وحزب الله وغيرهما للرد بطريقة أكثر قسوة مما خططوا له في الأصل.