هجوم إسرائيلي واسع على غزة ونتنياهو يحاول إفشال المفاوضات المرتقبة

نتنياهو وضع شروطا جديدة تجعل التوصل لاتفاق أمرا صعبا

شنت قوات الاحتلال هجوما واسعا على مدينة غزة قبيل مفاوضات جديدة ستنطلق في الدوحة غدا الأربعاء لبحث مقترح تبادل الأسرى الذي عاد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووضع أمامه مزيدا من العراقيل.

ومنذ الاثنين الماضي، بدأت قوات الاحتلال هجوما عسكريا جديدا -يقول السكان إنه الأسوأ منذ بدء الحرب- على مدينة غزة. وقد شملت العملية تهجير عشرات آلاف الفلسطينيين.

وزعم جيش الاحتلال وجود مقاتلين وبنية تحتية للمقاومة في عدد من مناطق المدينة بما فيها مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، والتي اتهمت إسرائيل بعرقلة عملها والسعي لوقفها تماما.

ووفقا لصحيفة “واشنطن بوست” فإن نحو 300 ألف ظلوا في مدينة غزة طوال شهور الحرب لكنهم شرعوا بالفرار مع توغل الدبابات الإسرائيلية.

 

تهجير السكان ومنع المساعدات

وقالت الأمم المتحدة إن جيش الاحتلال أصدر أوامر تهجير لأكثر من 80 ألفا وطلبت منهم التوجه نحو الجزء الغربي من المدينة. لكن العديد ممن فعلوا ذلك علقوا في منطقة المعركة عندما بدأت قوات الاحتلال عمليتها فجر يوم الاثنين.

وقال جورجيوس بتروبولوس، رئيس مكتب غزة لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن السكان الذين اتبعوا أوامر الإخلاء وانتقلوا إلى الغرب، وضعوا أنفسهم عن غير قصد في مناطق قتال نشطة.

وفي وقت لاحق من يوم الاثنين، أصدر جيش الاحتلال أوامر للسكان في منطقة العملية بالتحرك جنوب محور نتساريم الذي يقسم غزة إلى قسمين.

وقال بتروبولوس إن جيش الاحتلال لا يهتم بمسألة وصول المساعدات إلى المناطق التي يهاجمها، ولا يكترث لعدد المدنيين الذين سيتضررون من الهجوم.

وأضاف أن عشرات الآلاف أجبروا على الفرار خلال الـ 24 ساعة الماضية، حيث نزح البعض ثلاث مرات خلال الأيام العشرة الماضية.

مبنى محترق في منطقة التفاح شرق مدينة غزة يوم الاثنين

وشملت أوامر الإخلاء الجديدة خلال الأسبوعين الماضيين 70 بالمائة من المدينة، بحسب محمود بصل، المتحدث باسم الدفاع المدني.

ونقلت واشنطن بوست عن مسؤول إغاثي أن الناس عاشوا ليلة صعبة مساء الاثنين وأن معظمهم قضى الليل في الشوارع والطرقات، وكانوا ينامون في أماكن غير مناسبة وسط الخوف والرعب والصواريخ.

كما نقلت الصحيفة عن المتحدثة باسم الأونروا، جولييت توما، أنها ليس لديها أي معلومات عن العمليات في المقر الرئيسي الذي أخلي منه موظفو الوكالة في أكتوبر الماضي.

وقالت توما إن مقر الوكالة -الذي تزعم إسرائيل وجود مقاتلين فيه- كان يستخدم كمقر لإيواء النازحين منذ إخلائه، مشيرة إلى أن جيش الاحتلال أيضا يتخذه قاعدة للعمليات.

وفي السياق، قال مسؤول ملف التغذية في مستشفى أصدقاء المريض الخيرية الدكتور سعيد صلاح إن سكان قطاع غزة جميعا يعانون سوء التغذية بدرجات متفاوتة، مؤكدا أن الوضع في الشمال كارثي لأن 700 ألف فلسطيني يعيشون “مجاعة سياسية“.

وأضاف في مقابلة مع قناة الجزيرة أن 70% من سكان الشمال -البالغ عددهم نحو 700 ألف إنسان- يعانون سوء التغذية البسيط وأن 20% يعانون سوء التغذية بينما 10% يعانون سوء التغذية الشديد وغالبيتهم من الأطفال.

وأكد مكتب الإعلام الحكومي بغزة أن الاحتلال يمنع إدخال المساعدات إلى القطاع منذ 64 يوما، فيما قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن جميع النقاط الطبية والعيادات الطارئة التابعة له في محافظة غزة خرجت عن الخدمة.

 

مفاوضات مرتقبة

في غضون ذلك، سيصل مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز إلى الدوحة غدا الأربعاء لبحث مقترح تبادل الأسرى الجديد الذي وضع نتنياهو شروطا مسبقة له بعد مكالمة أجراها معه الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي.

وقال بيان صادر عن مكتب نتنياهو أن الأخير لن يقبل إلا باتفاق يسمح لإسرائيل باستئناف القتال حتى تحقيق جميع أهداف الحرب.

وأضاف البيان “رئيس الوزراء لن يكون مستعدا للالتزام الكامل بوقف دائم لإطلاق النار حتى القضاء التام على حماس في غزة، ومنع تهريب الأسلحة من مصر إلى غزة وزيادة عدد الرهائن (الأسرى) الأحياء” الذين سيطلق سراحهم.

وانتقد المعارضون السياسيون الإسرائيليون لنتنياهو البيان وكذلك ذوو الأسرى والمتضامنون معهم الذين يشنون حملة من أجل صفقة إطلاق سراح الأسرى حتى لو أدى ذلك إلى وقف الحرب والإفراج عن كافة المعتقلين الفلسطينيين.

وتتعارض شروط نتنياهو مع المطالب التي أكدت فصائل المقاومة أنها لن تتنازل عنها وفي مقدمتها الوقف الكامل للحرب وسحب قوات الاحتلال من عموم القطاع والسماح بعودة النازحين للشمال وإدخال المساعدات وإعادة الإعمار.

وقد طالبت حركة حماس في بيان الوسطاء بالضغط على نتنياهو والعمل على وقف العدوان الذي يستهدف المدنيين بالأساس.

آلاف السكان بدأوا الفرار من غزة بسبب الهجوم الإسرائيلي

وقال مسؤول أمريكي لصحيفة واشنطن بوست إن مدير المخابرات الأمريكية وليام بيرنز سيصل إلى القاهرة اليوم الثلاثاء قبل أن يسافر إلى قطر لعقد اجتماعات متعددة الأطراف.

وقال مسؤول مصري سابق مطلع على مفاوضات وقف إطلاق النار إن اجتماعات تحضيرية بين مسؤولين أمريكيين ومصريين عُقدت يوم الاثنين، مؤكدا أنه ليس متفائلا بالتوصل لاتفاق وأن الكرة في ملعب نتنياهو الذي يبحث عن مبررات لمواصلة الحرب، حسب قوله.

وتعليقا على الشروط التي وضعها نتنياهو، قال ماثيو دوس نائب الرئيس التنفيذي لمركز الدراسات الدولية في واشنطن إن رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يريد إنهاء الحرب ويتعمد إذلال جو بايدن كما لم يفعل مع رئيس أمريكي من قبل.

 

بايدن لن يغير موقفه

وأضاف دوس في مقابلة مع قناة الجزيرة مساء الاثنين أن الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على وقف الحرب لكنها لن تفعل ذلك وستواصل تضليل الرأي العام العالمي رغم ما تبديه حركة حماس من مرونة في المفاوضات.

في السياق نفسه، نقلت صحيفة هآرتس عن مسؤولين قولهم إنه “من الممكن التوصل إلى اتفاق بشأن صفقة التبادل لكنه سيأتي على حساب انهيار الائتلاف الحكومي”.

وأكد المسؤولون للصحيفة أن المشكلة بالنسبة لنتنياهو هي أنه لن تكون لديه حكومة إذا توصل إلى اتفاق.

وتعليقا على هذه التطورات، قال زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لبيد أمس الثلاثاء إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فقد السيطرة على الحرب، والعلاقات الخارجية وعلى حكومته، مؤكدا ان الجميع يفعل ما يحلو له.

ونقلت صحيفة معاريف الإسرائيلية عن لبيد قوله أن الحرب على غزة لا يمكن أن تستمر إلى الأبد، وأن إسرائيل تسعى لحروب قصيرة، وأنه لا يمكن تجنيد الاحتياط إلى الأبد فضلا عن أن الاقتصاد الإسرائيلي لا يتحمل.

ومع ذلك، أفادت هيئة البث الإسرائيلية بأن نتنياهو صدّق سرا على انضمام وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير إلى مجلس الحرب. وكشفت الهيئة أن المجلس ينعقد أحيانا بشكل غير رسمي، وأن نتنياهو طلب عدم نشر شيء بشأن انضمام بن غفير إليه.

من ناحية أخرى، أكد أبو عبيدة -الناطق باسم كتائب القسام- قبل يومين أن المقاومة جنّدت آلاف المقاتلين وأن آخرين جاهزون للانضمام، مؤكدا أن القادم سيكون أسوأ مما مضى بالنسبة لقوات الاحتلال.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *