أبرز المحميات الطبيعية البرية والبحرية في قطر

أبرز المحميات الطبيعية البرية والبحرية في قطر
محمية الريم في قطر

في ظل التحديات البيئية المتزايدة التي تواجه العالم، أصبحت حماية الطبيعة وصون مواردها من الضرورات الملحة التي تتبناها الدول في استراتيجياتها التنموية.

واتخذت دولة قطر خطوات رائدة في هذا المجال، حيث وضعت البيئة في قلب اهتماماتها الوطنية، ودمجت مفاهيم الاستدامة ضمن رؤية قطر الوطنية 2030، التي تسعى لتحقيق تنمية متوازنة تجمع بين التقدم الاقتصادي والحفاظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.

وترجمت الدولة هذا الالتزام إلى واقع ملموس من خلال تطوير سياسات بيئية متقدمة، واعتماد قوانين وتشريعات تدعم حماية البيئة، وتعزز من وعي المجتمع بأهمية الحفاظ على مكوناتها.

ولم تكن هذه السياسات حبرا على ورق، بل تحولت إلى ثقافة مجتمعية يمارسها المواطن والمقيم والزائر على حد سواء، فغدت الاستدامة البيئية جزءا من السلوك اليومي في مختلف مناحي الحياة داخل الدولة.

محميات طبيعية

ومن أبرز مظاهر الاهتمام القطري بالبيئة، التوسع الكبير في إنشاء المحميات الطبيعية، التي تلعب دورا محوريا في الحفاظ على التنوع البيولوجي، وحماية المواطن البيئية، وتأمين موائل مناسبة للحيوانات والنباتات، خاصة الأنواع النادرة والمهددة بالانقراض.

وتغطي هذه المحميات اليوم ما نسبته 25.73% من مساحة الدولة، مع خطط طموحة للوصول إلى 30% بحلول عام 2030.

ووفقا لتصريحات مدير إدارة المحميات الطبيعية بوزارة البيئة والتغير المناخي صالح حسن الكواري، فإن قطر تحتضن 12 محمية طبيعية معتمدة، تتنوع بين محميات برية وبحرية، بالإضافة إلى محمية “أم الشيف” التي تم اعتمادها مؤخرا.

وأشار الكواري في تصريح لـ”قنا”، إلى أن المحميات البرية تشكل 23.6% من مساحة اليابسة القطرية، فيما تغطي المحميات البحرية 2.6% من المياه الإقليمية، مع سعي الدولة لرفع هذه النسبة إلى 30% من المنطقة الاقتصادية الخالصة.

المحميات البرية

وتضم المحميات البرية في قطر مواقع بيئية متميزة مثل محمية الشحانية، التي أُنشئت عام 1979 لحماية المها العربي، وتضم كذلك النعام.

كما تشمل محمية المسحبية التي تمتد على مساحة 54 كيلومترا مربعا جنوب غرب الدولة، وتستهدف إعادة توطين غزال الريم والمها العربي.

أما محمية الريم، فهي الأكبر مساحة، حيث تغطي ما يقارب 16% من مساحة اليابسة في قطر، وتتميز بتنوع تضاريسها، ما جعلها موقعا معتمدا من قبل “اليونسكو” ضمن برنامج الإنسان والمحيط الحيوي.

وتكمل محميات العريق، ولوسيل، والرفاع، وصنيع، وأم العمد، وأم قرن، وإركية هذا التنوع، حيث تمثل كل منها بيئة فريدة تجمع بين الغطاء النباتي، وتضاريس الصحراء، وأودية الحياة البرية.

كما تستخدم بعض هذه المحميات لأغراض التوعية والتعليم البيئي، ما يعزز من قيمتها البيئية والعلمية في آن واحد.

المحميات البحرية

أما المحميات البحرية، فهي من الركائز المهمة في جهود قطر لحماية بيئتها الساحلية والبحرية. وتبرز من بينها محمية الذخيرة الواقعة في الشمال الشرقي، والتي تعد موطنا لغابات القرم والشعاب المرجانية، وتضم جزيرة أم الفار.

كما تحظى محمية خور العديد، المعروفة بـ”البحر الداخلي”، بأهمية بيئية كبيرة بفضل تنوعها البيولوجي وتضاريسها الطبيعية، وتمتد على مساحة تزيد عن 1800 كيلومتر مربع.

وتعد محمية أم الشيف من أبرز المواقع البحرية الجديدة، وهي واحدة من أشهر مغاصات اللؤلؤ في الخليج العربي، وتمتاز بتنوع بيولوجي غني وشعاب مرجانية فريدة، الأمر الذي يجعلها مركزا للأبحاث والدراسات العلمية في مجال البيئة البحرية.

التنوع البيولوجي

وفي إطار استراتيجية الحفاظ على التنوع البيولوجي، تنفذ وزارة البيئة والتغير المناخي العديد من البرامج والمشاريع، من أبرزها مشروع إعادة توطين المها العربي وغزال الريم، حيث جرى إطلاق أعداد كبيرة منها في بيئات محمية مناسبة.

كما تنفذ الوزارة برنامجا لحماية السلاحف البحرية التي تتكاثر على شواطئ قطر، إلى جانب جهود مكثفة لإكثار أشجار القرم التي تلعب دورا محوريا في تنقية المياه ودعم الحياة البحرية.

وتحرص الدولة أيضا على مراقبة أنواع بحرية نادرة مثل أسماك قرش الحوت وأبقار البحر، من خلال أنظمة تتبع حديثة تهدف لدراسة سلوكياتها وضمان حمايتها من التهديدات البيئية، إلى جانب مواجهة الأنواع الغازية التي قد تخل بالتوازن البيئي المحلي.

تعزيز السياحة البيئية

وفي الجانب التنموي، تسهم المحميات الطبيعية في تعزيز السياحة البيئية، التي باتت تشهد نموا ملحوظا في قطر.

وأعدت وزارة البيئة والتغير المناخي خطة متكاملة لتطوير هذا القطاع، تشمل تحسين البنية التحتية للمحميات، ووضع خرائط للمواقع البيئية، وتعزيز الخدمات الموجهة للزوار.

وتوفر المحميات تجارب فريدة لعشاق الطبيعة، مثل مراقبة الطيور، والتخييم، ورحلات السفاري، ما يجعلها وجهات سياحية طبيعية ذات جاذبية خاصة.

ويلعب الجانب التوعوي دورا أساسيا في استراتيجية قطر البيئية، حيث تستخدم المحميات كمراكز تعليمية تقدم برامج لزيادة الوعي بأهمية الحفاظ على البيئة والتنوع البيولوجي.

كما تسهم المحميات في غرس قيم الاستدامة لدى الأجيال الجديدة من خلال أنشطة تعليمية وتفاعلية موجهة للأطفال والشباب.

وتبرز الحاجة إلى تحقيق توازن بين التنمية والحفاظ على البيئة، وهو ما تعمل عليه قطر من خلال دمج السياسات البيئية في الخطط الاقتصادية، وتشجيع المشاريع المستدامة مثل الطاقة النظيفة وإعادة التدوير، إلى جانب تعزيز الرقعة الخضراء من خلال زراعة الأشجار وحماية الروض الطبيعية.

التغيّر المناخي

وفي سياق التصدي لتأثيرات التغير المناخي، اعتمدت قطر خطتها الوطنية للتغير المناخي، التي تهدف إلى تقليل انبعاثات الكربون، وتوسيع استخدام الطاقة المتجددة، وحماية المواطن الطبيعية المتضررة.

وتأتي هذه الخطوة ضمن التزامات الدولة الدولية في المؤتمرات البيئية، مثل مشاركتها الفاعلة في مؤتمر اتفاقية التنوع البيولوجي (COP16).

وتمثل المحميات الطبيعية في قطر نموذجا فريدا للتنمية البيئية المستدامة، فهي ليست فقط أماكن لصون الحياة الفطرية، بل منصات علمية وتعليمية وسياحية، تعكس التزام الدولة الجاد بحماية بيئتها، وتجسد رؤيتها الطموحة لتحقيق توازن حقيقي بين التطور الحضاري والمحافظة على الموارد الطبيعية.

الرابط المختصر: https://msheireb.co/5f5