قالت صحيفة “إل سالتو” الإسبانية إن السعودية أصبحت تهدد احتكار أوروبا لنجوم كرة القدم، وإن صفقاتها تثير قلق الأندية الأوروبية الكبرى؛ بعدما أصبحت تستهدف النجوم المميزين وليس فقط الكبار أو المنبوذين.
ونشرت الصحيفة تقريرا مطولا في وقت سابق من الشهر الجاري قالت فيه إن المملكة بدأت تنافس أغنياء صناعة كرة القدم العالمية.
وفي حين تعاني العديد من الأندية الأوروبية الكبيرة أزمات مالية فإن الأندية السعودية بدت قادرة على دفع مبالغ مالية كبيرة لجذب قد يصعب على الأوروبيين دفعها.
ففي ديسمبر من العام الماضي، تعاقد النصر السعودي من النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، مقابل 400 مليون يورو، في صفقة هي الأعلى تاريخيا حتى الآن.
وبعد ستة أشهر فقط، في يونيو الماضي، قدم تعاقد الاتحاد مع الفرنسي كريم بنزيما مقابل 200 مليون سنويا.
الصحيفة الإسبانية وصفت عقدي رونالدو وبنزيما بأنهام اعتزل ذهبي، وقالت إنه من غير المألوف أن ينهي لاعب كرة مسيرته بتعاقد خرافي على هذا النحو.
حاولت فرق سعودية أيضا ضم الأرجنتيني ليونيل ميسي مقابل مبلغ قالت تسرييبات إنه كان أكبر مما حصل عليه غريمه البرتغالي رونالدو، لكنها لم تتم.
ومؤخرا، انضم البرازيلي روبرتو فيرمينيو نجم نادي ليفربول إلى الأهلي السعودي مقابل 20 مليون يورو سنويا ولمدة 3 مواسم.
هناك أيضا النجم الكرواتي لوكا مودريتش والحارس الفرنسي هوغو لوريس بين قائمة نجوم الصف الأول تتفاوض معهم السعودية.
قلق أوروبي
وفقا للصحيفة الإسبانية، فإن هذه التعاقدات الضخمة التي تنفذها السعودية والتي شملت لاعبين كانوا مطلوبين لأندية أوروبية “بدأت تثير قلق الأغنياء في عالم القدم”.
السنغالي كاليدو كوليبالي لاعب تشيلسي على جدول أعمال العديد من الأندية الكبرى في أوروبا، لكن انتهى به الأمر في الهلال السعودي.
وقبل كوليبالي، تفوق الهلال على برشلونة ووقع مع المهاجم البرتغالي روبين نيفيس.
تقول الصحيفة إن اللاعبين في الحالتين تعاملا مع الرواتب كأولوية لا يمكن الوصول إليها من قبل الفرق الأكثر شهرة في كرة القدم العالمية، رغم أن الدوري السعودي أقل تنافسية بكثير.
الهجوم السعودي على احتكار أندية أوروبا لنجوم كرة القدم العالميين، أصبح علنيا بداية يونيو الماضي، كما تقول الصحيفة الإسبانية.
فقد أعلنت المملكة في هذا الشهر “مشروع استثمار وخصخصة الأندية الرياضية”، حيث دخل صندوق الاستثمارات العامة الحكومي، الذي يدير أكثر من 600 مليار دولار، على الخط.
واستحوذ الصندوق على 75% من الأندية الـ4 الكبرى في الدوري السعودي للمحترفين: الهلال، النصر، الأهلي، الاتحاد.
تلعب الرياضة دورا مهما في رؤية السعودية 2030 وهي في ذلك لا تختلف كثيرا عن قطر والإمارات، حيث تحاول الدول الغنية بموارد الطاقة تنويع مصادر دخلها.
تقول الصحيفة الإسبانية إن المملكة تعمل ضمن ما تعمل على تحويل الدوري السعودي إلى أحد أهم الدوريات في العالم.
تحاول الرياض منذ سنوات جذب رأس المال الأجنبي إلى البلاد وهي تريد أن تلعب الرياضة دورا في تحقيق هذا الهدف.
ومن أجل الوصول إلى النتيجة المطلوبة، فإن السعودية تجلب بعضا من أفضل لاعبي كرة القدم إلى البلاد، لترفع مستوى المنافسة وبالتالي تجذب عدد أكبر من المشاهدين.
بهذه الطريقة، تحاول السعودية تحويل الدوري المحلي إلى منتج أكثر جاذبية للتلفزيون والجهات الراعية، مع ملاحظة أن هذا الأمر يزيد جذب المستثمرين الدوليين.
سلوك أوروبي قديم
ما تقوم به السعودية اليوم، هو نفسه ما فعلته أوروبا في خمسينيات القرن الماضي عندما جذبت أنديتها بعضا من أفضل لاعبي كرة القدم الأمريكيين.
تقول الصحيفة الإسبانية إن ما فعلته أوروبا في الخمسينيات فتح فجوة زادت في التسعينيات مع زيادة الدخل من التلفزيون.
وتشير الصحيفة إلى أن هذه الفجوة دفعت العديد من الدول باستثمارات ضخمة بهدف تنمية الدوري المحلي، ويمكن أن تساعد أمثلتها في قياس فرص النجاح في السعودية.
ففي سبعينيات القرن الماضي؛ استحوذ اتحاد “إن أيه إس إل” الأمريكي على انتباه العالم بأسره عندما استطاع مدير شركة “وارنر إنك”، ستيف روس، ما لم يحققه ريال مدريد أو برشلونة أو يوفنتوس، وهو إخراج الأسطورة بيليه من البرازيل وإقناعه بالتوقيع لفريقه.
وقد حصل روس على الأموال المطلوبة من إحدى الدوريات التي كانت مدعومة باستثمارات خاصة من رجال أعمال مختلفين، فضلا عن دعم سياسيين مثل هنري كيسنجر.
وفي أوائل التسعينيات؛ أغرت اليابان لاعبين مثل زيكو أو لاودروب واستخدمت مطالبهم لتنمية الدوري الياباني الذي كان حديث الولادة، وفي النهاية نظمت كأس العالم 2002 إلى جانب كوريا الجنوبية.
منذ ذلك الحين، تقول الصحيفة الإسبابنية، أثبت الدوري الياباني وجوده مع أتباع مخلصين وحضور بعض النجوم الدوليين؛ مثل أندريس إنييستا أو ديفيد فيا أو فرناندو توريس.
قطر أيضا كانت الوجهة المفضلة التالية للاعبي كرة القدم الذين يواجهون التقاعد، كما تقول الصحيفة.
وقد قضى جيل روماريو أو باتيستوتا أو غوارديولا بعضا من سنوات نشاطهم الأخيرة على شواطئ الخليج العربي؛ ولم يكن هدف القطريين سرًّا: تنظيم كأس العالم.
تقول الصحيفة إنه بمجرد تحقيق هدف قطر في استضافة المونديال، يواصل الدوري المحلي جذب لاعبين مخضرمين.
تعتقد الصحيفة الإسبانية أن هدف المشروع السعودي الحالي هو نفسه الهدف الذي حققه اليابانيون والقطريون بالفعل: تنظيم كأس العالم لكرة القدم.
ولهذا، تضيف الصحيفة، لن يكون غريبا لو حاولوا مرة أخرى لاستضافة نسخة 2034.
وفي أثناء ذلك؛ سيركز السعوديون برأي الصحيفة على رفع مستوى منتخبهم الوطني، وقبل كل شيء، مستوى الدوري المحلي الذي يملك أموال صندوق الاستثمارات العامة.
ومع توافر هذه الظروف، وفي ظل أزمة الأندية الأوروبية، فإن الفرق السعودية يمكنها تقديم رواتب تفوق قدرة العظماء في أوروبا، وبالتالي فإنهم سيولدون تضخما سيجبر بقية الاتحادات على رفع رواتب اللاعبين.
تتوقع الصحيفة الإسبانية أن يقدم السعوديون استثمارا قويا في كرة القدم يمكنها من خلاله جذب بعض نجوم الكرة الأوروبية الكبار، رغم رفض ميسي ومودريتش عروض الرياض.
لكن الصحيفة حذرت من أن يقع الدوري السعودي في خطأ اتحاد “إن إيه إس إل” الأمريكي أو الدوري الصيني الممتاز.
وترى الصحيفة أن المشروع السعودي لا بد وأن يصبح مربحًا على المدى الطويل، وهذا من خلال منافسة دوري أبطال أوروبا أو الدوري الممتاز أو الدوري الإسباني.
أضف تعليقا