تشارك دولة قطر في مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ “COP28” الذي يعقد خلال الفترة من 30 نوفمبر الجاري إلى 12 ديسمبر المقبل في مدينة إكسبو دبي.
جاء ذلك في إطار السعي للحفاظ على متوسط ارتفاع درجات الحرارة العالمية تحت عتبة 1.5 درجة مئوية، وحشد التمويل اللازم لذلك بحلول عام 2030، بما يتماشى مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ.
تأتي مشاركة قطر في إطار حرصها على المساهمة في الجهود الدولية المبذولة لمواجهة الآثار المترتبة على التغير المناخي، وبسجل مشرق من الإنجازات.
وتولي قطر التغير المناخي أهمية خاصة، ذلك أن التنمية البيئية هي واحدة من الركائز الـ4 التي قامت عليها رؤية قطر الوطنية 2030.
وتؤكد قطر ضرورة بذل المزيد من العمل للتخفيف من حدة التغير المناخي وتحدياته التي تواجه العالم، وما يصاحبها من تأثيرات تهدد الاقتصادات والأنظمة البيئية ونمط الحياة البشرية، والتكيف معها لمستقبل تنعم فيه الأجيال المقبلة بمناخ صحي وآمن ومزدهر.
وتعود الجهود القطرية لأكثر من ربع قرن من الزمن، حيث صادقت الدوحة على الاتفاقية الإطارية بشأن تغير المناخ عام 1996.
وتوالت بعدها الخطوات والفعاليات والأنشطة القطرية المرتبطة بمواجهة تحديات التغير المناخي.
View this post on Instagram
الدوحة تستضيف قمة المناخ
ففي عام 2012 استضافت الدوحة الدورة الثامنة عشرة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ، بمشاركة أكثر من 20 ألف مندوب ومسؤول رفيع المستوى من الحكومات والمنظمات التابعة للأمم المتحدة والمجتمع المدني.
كما استضافت منتدى الدوحة للكربون والطاقة، الذي شارك فيه خبراء دوليون لوضع توصيات في مجال السياسات العامة لذلك القطاع وللحكومات بشأن تغير المناخ، والطاقة البديلة، وجمع الكربون وتخزينه.
ولم تدخر قطر جهدا لضمان نجاح المفاوضات التي أفضت إلى إقرار اتفاق باريس للمناخ 2015، وكانت من أول الموقعين على هذه الاتفاقية المهمة.
وفي قمة العمل المناخي في نيويورك سبتمبر 2019، والتي عقدت بالتزامن مع الدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أن تغير المناخ يشكل أولوية وطنية لدولة قطر.
وشدد سموه على أن الدولة وضعت طموحات جريئة وواقعية للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في جميع القطاعات.
— منصة مشيرب – Msheireb Platform (@msheirebQa) December 1, 2023
مساهمة قطرية
وأعلن سموه أمام القمة عن مساهمة دولة قطر بمبلغ مائة مليون دولار أمريكي لدعم الدول الجزرية الصغيرة النامية والدول الأقل نموا للتعامل مع تغير المناخ والتحديات البيئية.
ومارس الماضي ناقش مؤتمر الأمم المتحدة الـ5 المعني بأقل البلدان نموا الذي عقد بالدوحة موضوع التصدي لتغير المناخ ودعم البيئة.
وأعلن سمو الأمير في كلمة افتتاحية أمام المؤتمر عن تقديم مساهمة مالية بإجمالي 60 مليون دولار أمريكي، يخصص منها مبلغ 10 ملايين دولار لدعم أنشطة برنامج عمل الدوحة لصالح أقل البلدان نموا، ومبلغ 50 مليون دولار لدعم النتائج المتوخاة لبرنامج عمل الدوحة وبناء القدرات على الصمود في أقل البلدان نموا.
وزارة خاصة واستراتيجية للبيئة
وأنشأت الدولة وزارة البيئة والتغير المناخي في 2021،
وتتمثل مهمتها في حماية البيئة وجودتها وصون مواردها للأجيال، وذلك من خلال إطار تنظيمي فعال.
وسبتمبر 2021، وافق مجلس الوزراء على الخطة الوطنية للتغير المناخي، وهي إطار استراتيجي يعكس طموحات قطر على المدى الطويل في مجال الاستدامة والحاجة الملحة للاستجابة بفعالية للأزمة المناخية.
كما تم في أكتوبر 2021، إطلاق استراتيجية قطر الوطنية للبيئة والتغير المناخي، الهادفة إلى حماية البيئة القطرية وتعزيزها للحفاظ على جودة حياة الشعب القطري وضمان المرونة الاقتصادية على المدى الطويل.
واتخذت قطر العديد من الإجراءات لتطوير التقنيات المراعية لتغير المناخ وتبني الطاقة النظيفة، والاستخدام الأمثل للمياه، وتحسين جودة الهواء، وتعزيز كفاءة استخدام الغاز والطاقة، وإعادة تدوير المخلفات، وزيادة المساحات الخضراء.
أم الحول للطاقة
ويوليو 2021، أطلقت قطر محطة أم الحول للطاقة، واحدة من أكبر محطات تحلية المياه وإنتاج الطاقة في المنطقة.
وتحرص المحطة على الحد من التلوث وحماية البيئة، وتدير أنشطتها بصورة صديقة للبيئة على المستويات كافة.
محطة الخرسعة
ويناير 2020، أعلنت قطر مشروع بناء محطة الخرسعة، وهي أول محطة كبرى لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، التي ستؤمن الطاقة المستدامة والنظيفة بتكلفة معقولة للمواطنين والشركات، وتسهم في تحقيق خفض الانبعاثات بما يقدر بنحو مليون طن سنويا.
كأس عالم صديق للبيئة
وبصفتها دولة مستضيفة لبطولة كأس العالم 2022، نجحت قطر بتنظيم بطولة صديقة للبيئة وأول بطولة “محايدة الكربون” عبر استخدام الطاقة الشمسية في الملاعب، واستخدام تكنولوجيا تبريد وإضاءة موفرة للطاقة والمياه.
لوسيل ومشيرب
كما أنشأت عددا من المدن الصديقة للبيئة، مثل مدينة لوسيل ومشيرب العقارية، اللتين تتكامل فيهما التكنولوجيا الخضراء مع التصميم الحضري، وتعزيز النقل الأخضر عبر إنشاء شبكة المترو.
كما دشنت العديد من المبادرات البيئية مثل مبادرة المليون شجرة 2019، وأسفرت عن زيادة عدد الحدائق والساحات الخضراء إلى 143 عام 2023 مقارنة بـ 56 فقط عام 2010
وافتتحت نوفمبر الماضي معرض “إكسبو 2023 الدوحة” للبستنة، الذي يعد أول معرض دولي من نوعه وفئته في المنطقة، ليؤكد التزام قطر بتحقيق الاستدامة ودعم الحلول المبتكرة للتصدي للتحديات المناخية التي تتسبب في التصحر، وتهدد أمن الماء والغذاء والطاقة.
واعتبارا لكونها واحدة من أبرز مصدري الغاز الطبيعي المسال، الذي يعد واحدا من أكثر أنواع الوقود نظافة في العالم، تعمل قطر على تلبية احتياجات الدول الأخرى من الطاقة، مع تخفيض انبعاثات الكربون الناتجة عن استخدام الفحم، كما تستخدم الغاز الطبيعي المضغوط كوقود في قطاع النقل لتقليل انبعاثات الغازات الدفيئة، وهناك مشروع حقن غاز “CO2” في الأرض لتحسين استخلاص النفط لالتقاط انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
70 ألف مشارك
ويحضر مؤتمر المناخ “COP28” أكثر من 70 ألف شخص بالإضافة إلى حشد كبير من رؤساء دول وحكومات ووزراء وممثلي منظمات غير حكومية وأصحاب أعمال ومجموعات ضغط وصحفيين.
وبدأ المؤتمر بمراسم افتتاح في 30 نوفمبر، تلاه “قمة القادة” التي تستغرق يومين ويلقي خلالها قرابة 140 رئيس دولة وحكومة كلمات، قبيل محادثات تستمر حوالى عشرة أيام.
وتتمثل المهمة الرئيسية للمؤتمر في إجراء تقييم لأول مرة للتقدم الذي أحرزته الدول نحو تحقيق هدف اتفاق باريس 2015 المتمثل في الحد من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى أقل بكثير من درجتين مئويتين، مع استهداف 1.5 درجة مئوية.
وقد خلص تقرير للأمم المتحدة نشر منتصف نوفمبر الماضي، إلى أن الالتزامات الراهنة للدول تؤدي إلى خفض الانبعاثات بنسبة 2 بالمئة بين 2019 و2030.
صندوق الخسائر
وكان مؤتمر المناخ في شرم الشيخ 2022 قد توصل إلى ما يعرف بصندوق الخسائر والأضرار، لكن العديد من التفاصيل المتعلقة به ظلت دون حل.
وتم التوصل مؤخرا إلى مسودة اتفاق سيتم عرضها على المؤتمر للموافقة النهائية، وقد يؤدي عدم الرضا من جانب الدول الغنية والنامية على حد سواء إلى عرقلة الموافقة أو يتطلب مفاوضات إضافية.
وقدر تقرير حديث للأمم المتحدة، أن البلدان النامية سوف تحتاج 387 مليار دولار سنويا لتمكينها من التكيف مع التغيرات الناجمة عن التداعيات القاسية للمناخ.
يذكر أن المسيرة الدولية لمفاوضات مكافحة التغير المناخي بدأت خلال قمة الأرض، التي عقدت في ريو دي جانيرو البرازيلية 1992، بينما انطلقت الدورة الأولى لقمة المناخ “COP1” في برلين الألمانية 1995، وعقب ذلك تقرر عقدها سنويا.