زيارة سمو الأمير لبغداد.. بادرة إيجابية تنعش آمال العراقيين

زيارة سمو الأمير لبغداد.. بادرة إيجابية تنعش آمال العراقيين

توقع مراقبون أن تشكل الزيارة التي أجراها سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للعراق نهاية الأسبوع الماضي نقلة نوعية في العلاقات خصوصا فيما يتعلق بالتعاون الاقتصادي بين البلدين.

وأجرى الشيخ تميم بن حمد زيارة لبغداد يوم الخميس هي الثانية منذ 2021، وقد بحث خلالها مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني تعزيز التعاون في مختلف العلاقات.

وشهد سمو الأمير توقيع عدد من الاتفاقيات وإعلان تعاون مشترك في عدد من المجالات بينها التجارة والأمن والاستثمار.

ورحبت الولايات المتحدة بالزيارة وقالت إنها تثمن تعاون سمو الأمير مع رئيس الوزراء العراقي، فيما سلطت وسائل الإعلام العراقية الضوء على أهمية الزيارة.

دعم قطري جديد

وخلال المباحثات، أعلن الشيخ تميم بن حمد، عن عزم قطر ضخ 5 مليارات دولار في الاقتصاد العراقي خلال السنوات الخمس المقبلة، وأكد أن الدوحة ستواصل دعم بغداد.

من جهته، قال رئيس وزراء العراق محمد شياع السوداني إن الزيارة تحمل أهمية كبيرة وإن قطر تظل واحدة من أكبر شركاء وداعمي العراق في المنطقة.

وهذه الزيارة هي الأولى التي يجريها زعيم خليجي للعراق منذ سنوات طويلة تخللها حضور بعض الزعماء قمة دول جوار العراق التي عقد قبل عامين.

وتعد الزيارة أيضا الأولى منذ تولي السوداني رئاسة الحكومة العام الماضي بعد سجال سياسي وصل في بعض أوقاته إلى اشتباكات مسلحة بين الفصائل الموالية والمعارضة له.

وتمثل زيارة الشيخ تميم بن حمد جزءا من محاولات إقليمية لإعادة العراق إلى حاضنته العربية والخليجية وإنهاء أزماته السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي خلفتها سنوات الغزو الأمريكي وما بعدها.

 

بادرة إيجابية

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي آدم هودج في بيان نشره موقع البيت الأبيض يوم الخميس الماضي إن واشنطن ترحب بزيارة سمو الأمير لبغداد، وترحب بعودة العراق إلى محيطيه الخليجي والعربي.

كما قال  المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف للقناة الأولى العراقية إن الزيارة “تندرج في إطار تعزيز العلاقات الثنائية والتعاون في تنفيذ وتطوير المشاريع ذات الأولوية في العراق، لا سيما ما يتعلق منها بالتنمية”.

وأضاف الصحاف أن الزيارة “تتزامن كذلك مع مرحلة تاريخية من عمر البرنامج الحكومي العراقي الذي أقر موازنة ذات أهداف تنموية واقتصادية وخدمية طموحة في العراق”.

كما نقلت القناة العراقية الإخبارية عن المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي أن الزيارة “تشكل بادرة إيجابية وفعالة من شأنها أن تسهم في دفع العلاقات القطرية العراقية قدما في مختلف المجالات”.

ولفت العوادي إلى مواقف دولة قطر الداعمة لوحدة واستقرار العراق وازدهاره، ومساندة العراقيين في تحقيق تطلعاتهم في الأمن والتنمية.

وأكد الصحاف حرص رئيس العراقية على الارتقاء بمستوى التعاون الثنائي وإعطاء دفعة قوية لعلاقات البلدين.

وفي السياق، قال مستشار رئيس الوزراء العراقي خالد اليعقوبي إن بغداد حريصة على تعزيز العلاقات التعاون مع الدوحة، خصوصا في ظل مكانة قكر الدولية المهمة وتأثيرها الإقليمي الواسع.

وأضاف اليعقوبي، في مداخلة مع قناة الرابعة العراقية، أن قطر يمكنها لعب دور مهم في تنفيذ الرؤية التنموية التي تتبناها حكومة السوداني.

وشملت الاتفاقيات التي تم توقيعها خلال الزيارة مجالات السياحة والصحة والتجارة والطاقة والكهرباء والمباني السكنية الحديثة.

ونقلت وكالة رويترز عن المتحدث باسم الحكومة العراقية أن الدوحة “مهتمة بأن يكون لها دور استثماري كبير في مشروع للطرق والسكك الحديدية بقيمة 17 مليار دولار يربط بين آسيا وأوروبا”.

وأطلق العراق الشهر الماضي مشروعا ضخما لربط ميناء سلع رئيسي على ساحله الجنوبي بالسكك الحديدية والطرق بالحدود مع تركيا، في خطوة تهدف إلى إنعاش اقتصاد البلاد بعد عقود من الحرب والأزمات.

وتمتلك قطر 25% في مجموعة TTEF.PA التابعة لشركة “توتال إنرجي” (TotalEnergies) للطاقة والتي تبلغ تكلفتها 27 مليار دولار في العراق، إلى جانب 30% من شركة نفط البصرة الذي تعمل عليه “توتال إينرجي” أيضا.

وأعلن الشيخ تميم بن حمد خلال الزيارة دعمه تطوير مشروع منظومة الربط الكهربائي الخليجي والربط بشبكة جنوب العراق لتوفير الاحتياجات العراقية للكهرباء.

 

تجربة رائدة

ويمكن لقطر أن تدعم الرؤية الاستثمارية للعراق وذلك من خلال قدراتها المالية والاستثمارية القادرة على إنجاح العديد من المشاريع، وفق ما قاله المحلل العراقي وائل الركابي لقناة الإخبارية.

وقال الركابي إن “التجربة القطرية رائدة في مجالات السياسة الخارجية والطاقة والمال والنزاهة والرياضة، وهو أمر يحتم علينا التعلم من هذه التجربة العربية الفريدة التي تبعث على الفخر”.

وفي السياق نفسه، قال الخبير الأمني العراقي أحمد الشريفي لقناة “االفلوجة”  إن الحديث عن التجربة القطرية الرائدة “يستند على مقاربة علمية موضوعية”.

وأضاف الشريقي “لقد نجحت قطر في كسر قيود الجغرافيا لتتخطى معيار المساحة أو عدد السكان وتروضه لصالحها”.

ولفت الخبير الغراقي إلى “الدبلوماسية القطرية الناجحة استطاعت قهر الجغرافيا ونجحت في إدارة الأزمات والعلاقات الدولية بفضل استثمارها الحكيم لمواردها”.

وأضاف: “قطر حولت ميناء حمد إلى أحد أهم المرافئ البحرية الكبرى، ونجحت في تشكيل سلاسل إمدادات بحرية عملاقة”.

كما إن مطار حمد الدولي هو شاهد آخر على التجربة القطرية الفذة، باعتباره من أكثر المطارات نشاطا وحداثة ومرونة في التواصل مع العالم، لتصبح قطر عنوانا لتجربة واعدة يجب استلهامها والتعلم منها، بحسب الشريفي.

وفي مداخلة مع قناة “زاركوس” الكردستانية، قال مدير المركز العراقي للداراسات غازي فيصل إن زيارة الشيخ تميم بن حمد لبغداد “استثنائية بكل المقاييس”.

وأضاف “دولة قطر ارتقت إلى مصاف الدول الكبرى بفضل دبلوماسيتها الحكيمة وقدرتها على إدارة الأزمات وأصبحت شريكا دوليا لا غنى عنه.

وخلال المؤتمر الصحفي المشترك مع الشيخ تميم بن حمد، قال رئيس الحكومة العراقية إن بلده “يتمتع الآن بالاستقرار الأمني ​​والسياسي مما يجعله بيئة واعدة للمشاريع”.

وأضاف “العراق استعاد مكانته ودوره الطبيعي في المنطقة وهو مستعد للعمل مع الأشقاء والأصدقاء لتحقيق السلام والازدهار والتنمية”.

ووقع البلدان خلال زيارة سمو الأمير اتفاقات لتوسيع التعاون في مجال الطاقة تحديدا بما في ذلك “إنشاء شركة نفط مشتركة وبناء مصفاة لتكرير النفط”.

ويحتاج العراق بشكل عاجل إلى تطوير موارد الغاز المحلية لتلبية الطلب على الكهرباء، خاصة خلال أشهر الصيف حيث تعتمد البلاد بشكل كبير على واردات الغاز والكهرباء الإيرانية.

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *