خطة إسرائيلية بـ6 ملايين دولار للتأثير على الذكاء الاصطناعي والرأي العام الأمريكي

خطة إسرائيلية بـ6 ملايين دولار للتأثير على الذكاء الاصطناعي والرأي العام الأمريكي

في خطوة تعكس إدراكا متزايدا لقوة الذكاء الاصطناعي في تشكيل الرأي العام، كشف تقرير من مجلة  Responsible Statecraft  عن تعاقد الحكومة الإسرائيلية مع شركة أمريكية محافظة تُدعى Clock Tower X LLC لتنفيذ حملة إعلامية ضخمة تستهدف جيل الشباب (جيل زد)، بميزانية تصل إلى 6 ملايين دولار.

الذكاء الاصطناعي في خدمة السياسة

اللافت في هذه الحملة ليس فقط محتواها الإعلامي، بل الهدف الأعمق منها: التأثير في كيفية استجابة نماذج الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT للقضايا المتعلقة بإسرائيل.

وفقا للعقد، ستعمل الشركة على إنشاء مواقع إلكترونية جديدة ومحتوى رقمي “لتشكيل نتائج الإطارات في محادثات GPT”، أي التأثير في البيانات التي تتغذى بها هذه النماذج، وبالتالي في الطريقة التي “تفكر” بها وتجيب من خلالها.

جيل زد في قلب الاستهداف

ينص العقد على أن 80% من إنتاج الشركة سيكون “موجها لجيل زد عبر المنصات مثل تيك توك وإنستغرام ويوتيوب والبودكاست”، مع هدف الوصول إلى 50 مليون مشاهدة شهريا.

ويبدو أن هذا التوجه يأتي في ظل تراجع واضح في دعم الشباب الأمريكي لإسرائيل، إذ أظهر استطلاع أجرته مؤسسة غالوب في يوليو الماضي أن 9% فقط من الأمريكيين بين 18 و34 عاما يؤيدون العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، بينما اعتبر نحو نصف المشاركين أن إسرائيل “ترتكب إبادة جماعية”.

مدير حملة ترامب يعود إلى المشهد

وراء المشروع يقف اسم مثير للجدل: براد بارسكال، مدير حملة دونالد ترامب الانتخابية عام 2016، والذي استعان حينها بشركة Cambridge Analytica المثيرة للجدل.

بارسكال اليوم هو الرئيس التنفيذي لشركة Clock Tower، إضافة إلى منصبه كمدير استراتيجي لمجموعة Salem Media Group، وهي شبكة إعلامية محافظة تمتلك برامج إذاعية شهيرة مثل The Hugh Hewitt Show وRight View with Lara Trump.

وستعمل Clock Tower على دمج الرسائل الموالية لإسرائيل في محتوى هذه الشبكة الإعلامية، ما يعزز انتشارها في أوساط المحافظين الأمريكيين.

تحسين الظهور عبر الذكاء الاصطناعي

تستخدم الشركة أيضا برنامج MarketBrew AI، وهو نظام يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحليل خوارزميات محركات البحث وتحسين ترتيب المحتوى على جوجل وبينغ.

بكلمات أخرى، تسعى إسرائيل من خلال هذه الحملة إلى إعادة صياغة روايتها في الفضاء الرقمي، ليس فقط عبر الإعلانات أو الفيديوهات، بل عبر إعادة هندسة الإنترنت نفسه لصالحها.

مشروع “545”: دبلوماسية رقمية جديدة

يتولى الإشراف على المشروع من الجانب الإسرائيلي إيران شايوفيتش، مدير مكتب وزير الخارجية الإسرائيلي، الذي يقود مبادرة تُعرف باسم “المشروع 545”، وهدفها “تعزيز الاتصالات الاستراتيجية والدبلوماسية العامة لإسرائيل”.

ويتوقع أن تقدم Clock Tower خلال 30 يوما تقريرا أوليا يتناول الاتجاهات الثقافية والديموغرافية ومشاعر الجمهور الأمريكي تجاه إسرائيل.

نتنياهو: “وسائل التواصل هي سلاحنا الجديد”

في اجتماع مع مؤثرين موالين لإسرائيل، قال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إن “وسائل التواصل الاجتماعي هي السلاح الأهم الذي تملكه إسرائيل اليوم”، مضيفا أن “أدوات المعركة تتغير بمرور الزمن، ولا يمكن القتال بالسيوف بعد الآن”.

كما ألمح نتنياهو إلى أن صفقة استحواذ محتملة على تطبيق تيك توك من قبل مجموعة مستثمرين قد تكون “حاسمة”، خاصة مع الدور البارز الذي يلعبه لاري إليسون، مؤسس أوراكل وأكبر متبرع خاص للجيش الإسرائيلي، في هذه الصفقة.

سباق النفوذ في الفضاء الرقمي

تأتي هذه الحملة بعد انتهاء عقد آخر مع شركة ديمقراطية التوجه، SKDKnickerbocker، التي كانت تدير مزرعة حسابات آلية (bot farm) للترويج للرواية الإسرائيلية على وسائل التواصل الاجتماعي، بتمويل قدره 600 ألف دولار.

انتهى عمل SKDK في أواخر أغسطس، لتبدأ Clock Tower مهامها مباشرة بعد ذلك، في ما يبدو أنه انتقال من التأثير الحزبي إلى التأثير الأوسع عبر الذكاء الاصطناعي والجيل الجديد.

ماذا يعني ذلك؟

بينما تخوض إسرائيل حربا مفتوحة على الأرض، فإنها تخوض في الوقت نفسه حربا رقمية صامتة على العقول، عبر منصات التواصل والذكاء الاصطناعي.

من الواضح أن المعركة لم تعد فقط في الميدان، بل في فضاء الإنترنت ذاته — حيث يتم تدريب الخوارزميات لتروي القصة من زاوية واحدة، وربما قريبا… من منظورٍ مُبرمج بعناية

الرابط المختصر: https://msheireb.co/73j