الدوحة تحتضن مفاوضات إيرانية أوروبية بشأن الاتفاق النووي

قال نائب الأمين العام للاتحاد الأوروبي، إنريكي مورا، يوم الأربعاء، إنه أجرى محادثات مكثفة مع كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري في الدوحة.

وأضاف مورا -وهو منسق المفاوضات النووية- على تويتر أن المحادثات استمرت يومين وتناولت “الطريق إلى الأمام بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي)” وقضايا أخرى.

وتبادل المسؤولان الآراء “بشكل جيد” بشأن الخليج واستراتيجية الاتحاد الأوروبي الجديدة والاتفاق الإيراني السعودي لاستئناف العلاقات، بحسب مورا.

من جهته، أكد كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري يوم الأربعاء أنه التقى مورا في الدوحة مساء الثلاثاء، وأجرى معه لقاء بناءً.

وقال باقري في تغريدة على “تويتر”، “أجريت لقاء جادا وبناء في الدوحة مع نائب مسؤول السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي”.

وأضاف “تبادلنا الآراء وناقشنا مجموعة من القضايا بما في ذلك المفاوضات النووية”.

 

وجاء الاجتماع بعد يوم من زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى الدوحة ولقائه سمو أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ورئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن.

وتناولت مباحثات عبد اللهيان مع المسؤولين القطريين “سبل المضي قدما فيما يتعلق بتبادل الأسرى”، وفق ما نقلته شبكة “CNN” الأمريكية يوم الأربعاء.

كما بحث الوزير الإيراني في الدوحة “الإفراج عن مليارات الدولارات من الأموال الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية”، بحسب “CNN”.

وكان عبد اللهيان قد أكد بعد الزيارة أنه بحث سبل تطوير عملية تحسين العلاقات مع دول الجوار التي تنتهجها إيران، حسب تعبيره.

ولم يتطرق عبد اللهيان إلى أي مباحثات تتعلق بتبادل أسرى أو الإفراج عن أموال، لكن وزير الخارجية العماني بدر البوسعيد قال لموقع “مونيتور” الأمريكي قبل أيام أن هناك مفاوضات على وشك الانتهاء بهذا الشأن.

وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن أمير عبد اللهيان سافر إلى سلطنة عُمان، الأربعاء، لعقد اجتماعات سياسية.

وسبق أن لعبت قطر وسلطنة عمان أدوار وساطة في تبادل الأسرى بين إيران والدول الغربية، كما استضاف البلدان مفاوضات أمريكية إيرانية غير مباشرة.

وكان موقع “أكسيوس” الأمريكي قد نقل عن مصادر في وقت سابق من الشهر الجاري أن العاصمة العمانية مسقط استضافت الشهر الماضي مباحثات أمريكية إيرانية سرية من أجل إحياء الاتفاق النووي.

وكانت المحادثات أول تواصل غير مباشر بين الولايات المتحدة وإيران منذ أشهر، وقد جاءت في ظل مخاوف أمريكية متزايدة من تقدم إيران النووي.

ونقل الموقع عن مصادر أن منسق الشرق الأوسط في البيت الأبيض، بريت ماكغورك، سافر سرا إلى عمان في 8 مايو الماضي للتباحث مع المسؤولين العُمانيين بشأن تواصل دبلوماسي محتمل مع إيران بشأن برنامجها النووي.

ووفقا للموقع، فقد وصل وفد إيراني إلى مسقط في نفس التوقيت، وكان من بين أعضائه كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين علي باقري.

ولم يلتق ماكغورك بالمسؤولين الإيرانيين، في حين قام المسؤولين العُمانيون بنقل الرسائل بين الجانبين.

وقبل إعلان المسؤولين الإيراني والأوروبي عن المفاوضات، كان الإعلامي الإيراني عباس أصلاني، المقرب من الوفد الإيراني المفاوض قد كشف عن هذه المشاورات.

وقال أصلاني -وهو رئيس تحرير صحيفة “إيران ديلي” الإيرانية الحكومية بالإنكجيزية- في تصريحات لموقع “العربي الجديد”، إن باقري التقى مورا في العاصمة القطرية يوم الثلاثاء.

وأضاف أنهما “سيواصلان المباحثات يوم الأربعاء، مشيرا إلى أن اللقاء تتناول تطورات الاتفاق النووي وقضايا دولية.

هذه المباحثات “من شأنها أن تؤثر إيجابا على المباحثات السرّية بين إيران وأمريكا بوساطة عُمان”، كما يقول أصلاني الذي أكد أنه  “لا توجد صلة مباشرة بينهما، لكن هناك علاقة تأثير وتأثر”.

مباحثات سرية أخرى

أصلاني قال إن مفاوضات الدوحة “جاءت بعد لقاء آخر جمع بين كبير المفاوضين الإيرانيين مع نظرائه في الدول الأوروبية الثلاث، فرنسا وبريطانيا وألمانيا، الأسبوع الماضي، في أبوظبي”.

وأضاف أن هناك صلة بين هذه اللقاءات لأن “الملف النووي والاتفاق النووي يتصدران المباحثات مع الأوروبيين”.

وكانت زيارة عبد اللهيان الأخيرة للدوحة ومسقط جزءا من هذه المباحثات، بحسب الإعلامي الإيراني الذي أكد أن “هناك مباحثات أخرى سرية بين واشنطن وطهران بوساطة قطرية عمانية”.

ووصف أصلاني هذه المفاوضات بأنها “ذات مغزى وتجعل تلك المباحثات ذات أهمية أكبر مما كانت عليه قبل عدة أشهر”.

وتركز المباحثات الحالية بين إيران والولايات المتحدة على صفقة تبادل السجناء والإفراج عن أرصدة إيرانية مجمّدة، بحسب أصلاني.

ويمثل مورا -وفق أصلاني- القناة الرئيسية لتبادل الرسائل بين طهران وواشنطن بشأن الاتفاق النووي والمباحثات النووية.

وكشف الإعلامي الإيراني أيضا  عن أنه “كان مقررا في حال توصل المباحثات بشأن صفقة تبادل السجناء وتحرير أرصدة إيرانية إلى نتيجة محددة، أن تنطلق مباحثات بشأن مستقبل المفاوضات النووية”.

ورجح أصلاني أن يكون اللقاء بين باقري كني ومورا يأتي في هذا السياق؛ لأن المباحثات حول صفقة تبادل السجناء قد اقتربت من التوصل إلى اتفاق.

وأضاف “هناك اتفاق يتجه نحو التنفيذ.. لكننا بحاجة للتريث فقد سبق أن توصل الطرفان إلى اتفاق مماثل سابقا ولم ينفذ”.

هل تحاول إيران الاستفادة من دبلوماسية قطر؟

علاقات متوازنة

لقد ظلت قطر وعُمان تحديدا بمنأى عن الخلاف السعودي الإيراني الذي تفاقم خلال السنوات الماضية، وتحول لحرب بالوكالة في اليمن.

وحاولت الدوحة ومسقط إيجاد مساحة للتفاهم بين الرياض وطهران من أجل تخفيف التوتر بالمنطقة، وظلتا في الوقت نفسه متمسكتين بأمن السعودية وكافة دول المنطقة.

وأكد البلدان مرارا على ضرورة إنهاء سياسة التدخل في شؤون الغير والالتزام بحسن الجوار والعمل على تجفيف الأزمات عبر الحوار.

في الوقت نفسه، حافظت الدوحة على علاقات جيدة ومتوازنة مع طهران التي تتشارك معها في حقل الشمال، وهو أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم.

وعرضت قطر القيام بأي دور من شأنه تصحيح العلاقات الإيرانية الخليجية أو الإيرانية الأمريكية، وقالت إن الحوار هو السبيل الوحيد لإنهاء الخلافات وتجنيب المنطقة مزيدا من الحروب.

خلال العام الماضي، استقبلت الدوحة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، واستضافت محادثات غير مباشرة بين إيران والولايات المتحدة في مسعى لإحياء الاتفاق النووي.

وفي وقت سابق من الشهر الجاري، دعت الدوحة الحكومة الإيرانية لتقديم المعلومات اللازمة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وقالت إن التعاون الإيجابي هو السبيل الوحيد لحل القضايا العالقة بين الجانبين.

وقال ممثل قطر لدى الوكالة الدولية للطاقة أحمد الحمادي خلال اجتماع مجلس محافظي الوكالة يوم 7 يونيو، إن هذا التعاون لن يتأتي إلا عبر احترام تام لولاية الوكالة من جهة ولحقوق والتزامات إيران من جهة أخرى.

وأكد الحمادي على ضرورة تهيئة الجوانب الفنية، لاستئناف العمل باتفاق 2015 النووي الذي جرى تجميده بعد انسحاب الولايات المتحدة عام 2018.

وقال إن الاتفاق -الذي تعمل الولايات المتحدة على إحيائه- يعتبر آلية دولية مهمة في نظام عدم الانتشار النووي.

وأكدت قطر مرارا على رفضها انتشار الأسلحة النووية بالمنطقة وقالت إنها تدعم أيضا حق الدول في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.

الرابط المختصر: https://msheireb.co/32

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *