اشتدت حدة القتال بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية حماس في أنحاء قطاع غزة في الوقت الذي يتوقع فيه الوسطاء استئناف محادثات وقف القتال وإطلاق سراح الأسرى، في الدوحة خلال الأسبوع الجاري.
وشن الجيش الإسرائيلي هجمات برية على منطقتي جباليا والزيتون شمالي القطاع، في حين اشتبك مقاتلو المقاومة معه في مدينة رفح جنوبا.
وكشفت المعارك الأخيرة عدم مصداقية ادعاءات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن تدمير غالبية قوات حماس، باستثناء 4 كتائب يقول إنها تتمركز في رفح.
وأدى التصعيد في رفح إلى تعقيد المسار السياسي لوقف الحرب وقد أعلنت الحكومة المصرية يوم الأحد عزمها الانضمام إلى الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية.
عرض هذا المنشور على Instagram
عودة المفاوضات بالدوحة
ومن جانب آخر، قال مسؤولون مصريون لصحيفة “وول ستريت جورنال” إن الوسطاء يتوقعون العودة للمفاوضات مرة أخرى في الدوحة هذا الأسبوع.
وقال نتنياهو، يوم الأحد، في كلمة مسجلة إن إسرائيل تمارس ضغوطا عسكرية على حركة حماس في رفح في محاولة لتأمين إطلاق سراح الأسرى، وتدمير قوات الحركة المتبقية.
وقال نتنياهو “نحن قريبون جدا من تحقيق تدمير ما تبقى من كتائب حماس” مؤكدا أن “هذا شرط مسبق للنصر”
ولا يزال هناك حوالي 130 أسيرا في غزة من بين 240 وقعوا في يد المقاومة خلال هجوم الـ7 من أكتوبر الماضي، الذي مثّل أقوى هزيمة عسكرية لإسرائيل خلال العقود الماضية.
ويوم الأحد، تحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع وزير الجيش الإسرائيلي يوآف غالانت، مؤكد اعلى معارضة الولايات المتحدة لعملية برية كبيرة في رفح.
وأوقف الرئيس الأمريكي جو بايدن شحنة ذخائر كانت متجهة إلى إسرائيل وهدد بوقف بيع المزيد من الأسلحة لها إذا استمرت في توسيع عملية رفح.
عرض هذا المنشور على Instagram
تهاوي المسار السياسي
وأعلنت حماس انهيار المفاوضات وقالت إن دخول رفح لن يكون نزهة للإسرائيليين، وتوعدت فصائل المقاومة عموما بإلحاق هزيمة كبيرة بجيش الاحتلال فيها.
بالتوازي مع ذلك، تقول “وول ستريت جورنال”، إن الصراع بشكله الحالي يخلق احتكاكا كبيرا بين إسرائيل ومصر، الخصمين السابقين اللذين وقعا اتفاق تطبيع في عام 1978.
ووقفت مصر على الحياد منذ أول الحرب ولم تستجب لدعوات فتح معبر رفح لإدخال المساعدات وإخراج الجرحى، كما لم تتخذ موقفا عمليا بعد دخول القوات الإسرائيلية محور فيلادلفيا الحدودي؛ الفاصل بينها وبين غزة، في خرق واضح لمعاهدة السلام، رغم تهديداتها السابقة.
ونقلت صحف أمريكية عن مسؤولين مصريين أن إسرائيل أبلغت القاهرة بأنها ستشن عملية محددة الوقت في المحور، في حين نقلت يديعوت آحرونوت عن مسؤولين إسرائيليين أن عملية رفح قد تستغرق 9 أشهر.
ومنذ بداية الحرب، كان الموقف المصري مما يحدث على الحدود مثار انتقادات واسعة على المستوى الشعبي، بالنظر إلى الخطر الكبير الذي يهدد أمنها القوي جراء ما تقوم به إسرائيل في القطاع.
وبعد 7 أشهر من الحرب، قالت مصر يوم الأحد إنها ستتدخل لدعم قضية جنوب أفريقيا التي تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في محكمة العدل الدولية، مشيرة إلى مخاوف بشأن تزايد حجم العمليات الإسرائيلية في غزة.
ونتيجة للقتال في رفح، تم إغلاق المعبر من الجانب المصري، مما أدى لتوقف دخول المساعدات وخروج المصابين للعلاج.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن النقص الحاد في الوقود يعني عدم القدرة على تشغيل المولدات الكهربائية في المستشفيات وسيارات الإسعاف..
وبحسب مسؤولين مصريين فإن مصر تمنع أي شاحنة تحمل على متنها مساعدات إنسانية تنطلق من أراضيها من دخول غزة عبر معبر كرم أبو سالم، الحدودي مع إسرائيل.
وقال المسؤولون لـ”وول ستريت جورنال” إن القاهرة غاضبة لأن إسرائيل أعطتها مهلة قصيرة قبل الاستيلاء على معبر رفح الأسبوع الماضي، وأشاروا إلى أن القاهرة هددت بالتوقف عن العمل كوسيط في المفاوضات وتعليق معاهدة السلام.
وقال المسؤول الكبير في حركة حماس حسام بدران، يوم الأحد، إن العملية الإسرائيلية في رفح هي “تمرد ضد العالم”.
وقال نائب القائد السابق في الجيش الإسرائيلي أمير أفيفي، الذي أشرف على العمليات في غزة: “حتى الان لم تقم إسرائيل بالضغط على حركة حماس بما يكفي لإجبارها على إطلاق سراح الرهائن (الأسرى)”.
وقال أفيفي إن الطريقة الوحيدة لفرض اتفاق وقف إطلاق النار هي تهديد الحركة وجوديا، مشيرا إلى أن الحركة “لن تتعرض لتهديد وجودي دون توغل واسع النطاق في رفح”.
لكن احتدام القتال في مختلف مناطق القطاع يشير إلى عدم وجود خطة إسرائيلية لوضع غزة بعد الحرب، ويؤكد أن حماس ستظل مسيطرة على الأمور، كما تقول العديد من الصحف الأمريكية.
وتحاول الولايات المتحدة إحياء حكم السلطة الفلسطينية في القطاع والاستعانة بقوات عربية ودولية لدعمها، وهو ما رفضته حماس وقالت إنها ستعتبره احتلالا.
ورفض نتنياهو أيضا الرؤية الأمريكية لمستقبل القطاع وألمح مرارا إلى أنه سيبقي على قواته فيه بشكل دائم، وهو ما يقول خبراء إسرائيليون إنه غير ممكن ويعرض إسرائيل لمزيد من الخسائر.
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي يأمل في الوقت نفسه أن تتمكن إسرائيل من العمل مع سكان غزة المحليين لإدارة الشؤون المدنية بدعم من دول عربية أخرى، وهو خيار رفضه شيوخ العشائر الفلسطينيين وقال بعض قادة الجيش الإسرائيلي إنه غير واقعي.
عودة إلى الدوحة
وتأتي عودة الدوحة للمفاوضات بعد أسابيع من إعلان رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إعادة تقييم الوساطة وموقف الأطراف منها بشكل دقيق.
وشهدت الفترة الماضية سجالا قطريا إسرائيليا بسبب محاولات نتنياهو ووزارء متطرفين في حكومته إلقاء اللوم على الدوحة في عدم موافقة حماس على التوصل لاتفاق يلبي الشروط الإسرائيلية.
وأعلنت قطر مرارا أنها تعمل بمنطق الوسيط المحايد وقالت إنها لا تضغط على أي طرف وإنها لا تستغل وجود مكتب سياسي لحماس على أراضيها لتبتز الحركة.
وأكدت حماس تمسكها بالوساطة القطرية، كما أعلن المسؤولون الأمريكيون والمصريون تقديرهم للدور القطري في هذه المفاوضات، وقد أمضى رئيس المخابرات الأمريكية وليام بيرنز يومين في الدوحة الأسبوع الماضي من أجل إنقاذ المفاوضات.