تزامنا مع ضربات المقاومة.. القضاء الإسرائيلي يوجه ضربة قاصمة لنتنياهو

أبطلت المحكمة العليا الإسرائيلية أمس الاثنين بفارق ضئيل قانونا مثيرا للجدل يمثل جزءا من الإصلاح القضائي لحكومة بنيامين نتنياهو، مما يقلص من قدرة رئيس الوزراء على الإفلات من محاكمات قائمة وأخرى مرتقبة.

ويمكن للحكم الدراماتيكي أن يعيد إسرائيل إلى أزمة دستورية وسياسية وسط الحرب التي تشنها على قطاع غزة والمخاوف بشأن حرب محتملة مع لبنان.

وكان نتنياهو يسعى من خلال هذه الإصلاحات القضائية إلى تحصين نفسه من المحاكمة بتهم الفساد، وقد حظي بدعم من اليمين المتطرف لتمرير هذه الإصلاحات.

وفي الوقت الذي تتزايد فيه خسائر إسرائيل في غزة، من المتوقع أن يواجه نتنياهو محاكمة بسبب الحرب التي لم ينجح حتى الآن في تحقيق أي من أهدافها.

ومن المتوقع أن يؤدي رد فعل نتنياهو وحلفائه اليمينيين المتطرفين، على قرار المحكمة، إلى انسحاب بيني غانتس من حكومة الحرب الحالية.

وإذا ترك غانتس، وهو جزء من تحالف الوحدة الوطنية المعارض، مجلس الحرب، فسيترك ذلك إسرائيل مع حكومة يمينية متطرفة لاتخاذ قرارات بشأن معارك غزة.

وقال موقع “أكسيوس” الأمريكي إن انسحاب غانتس ربما يؤثر على الدعم الأمريكي للحرب.

 

يثير الخلافات

وقال حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو في بيان إنه “من المؤسف” أن المحكمة قررت نشر حكم يتناول الخلاف المركزي في المجتمع الإسرائيلي وسط الحرب على غزة.

وأضاف الحزب أن “حكم المحكمة يتعارض مع إرادة الشعب في الوحدة خاصة في زمن الحرب”.

وقال غانتس في بيان إنه يجب على الجميع الالتزام بحكم المحكمة، وإنه “لا يوجد فائزون وخاسرون اليوم”.

وأضاف غانتس “لدينا هدف مشترك واحد – الفوز في الحرب.. بعد الحرب سنحتاج إلى تسوية العلاقة بين مختلف فروع السلطة من خلال الحوار والتوافق الواسع”.

وقال زعيم المعارضة يائير لابيد إن المحكمة تتمسك بواجبها في حماية مواطني إسرائيل، مضيفا “إذا استأنفت الحكومة الصراع بشأن المحكمة العليا فسوف تظهر أنها لم تتعلم شيئا مما حدث في السابع من أكتوبر”.

ويرفض نتنياهو تحمل مسؤولية الإخفاق الأمني والعسكري الذي ألحق بها هزيمة مدوية على يد فصائل المقاومة الفلسطينية بقيادة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، خلال عملية “طوفان الأقصى”.

وتعهد نتنياهو وحكومة حربه بالقضاء على حماس وإخلاء غزة من السلاح وفرض رؤية إسرائيل الأمنية عليها، لكنه فشل في ذلك رغم مرور 3 أشهر على الحرب.

وتكبدت إسرائيل أكبر خسائر عسكرية في تاريخها تقريبا على يد المقاومة التي توعدت بإنهاء حياة نتنياهو السياسية خلال هذه الحرب.

ولم تعد إسرائيل قادرة على مواصلة الحرب على ما يبدو بعدما باتت محاصرة بخسائر العسكرية والاقتصادية، وأصبحت تدير المعركة بطريقة فوضوية.

وقرر جيش الاحتلال قبل يومين سحب 5 أولوية من غزة وقال إن القرار يأتي لإنعاش الإسرائيلي، لكن الخبير العسكري اللواء فايز الدويري قال إن القرار “يعكس إدراك إسرائيل عجزها عن مواصلة الحرب”.

وطلبت إسرائيل دعما عسكريا من الولايات المتحدة يشمل طائرات أباتشي وقطع غيار دبابات ميركافا، وهو ما يعزز فكرة أنها تعرضت لخسائر كبيرة في القطاع.

وقبل أيام قليلة، قال القائد السابق للشرطة دان حالوتس، إن هذه الحرب لن يكون بها أي نصر، ولن تحمل سوى الخسارة.

وأكد حالوتس أن النصر الوحيد “هو أن يترك نتنياهو وظيفته”، مضيفا “علينا دفع الإسرائيليين نحو تحقيق هذا الهدف”.

 

أزمة متزايدة

وحاليا، يواجه نتنياهو غضبا كبيرا في الداخل حيث يطالب جزء كبير بالتفاوض مع حماس من أجل استعادة الأسرى، كما تزايدت الأصوات المطالبة برحيل نتنياهو من السلطة.

وتم إقرار التشريع الذي ألغته المحكمة في يوليو الماضي، وهو يحد من إشراف المحكمة العليا على الإجراءات والسياسات الحكومية وينهي قدرة المحكمة على إلغاء القرارات الحكومية والتعيينات على أساس “المعقولية”.

كان هذا القانون أول تشريع في الإصلاح القضائي الذي أجراه نتنياهو – وهي خطة زعزعت استقرار اقتصاد إسرائيل وعلاقاتها العسكرية والخارجية، وقد ألغت المحكمة العليا القانون بأغلبية 8 مقابل 7.

وقضت المحكمة بضرورة إلغاء القانون لأنه يلحق ضررا خطيرا وغير مسبوق بالطابع الديمقراطي لإسرائيل.

وحكم 12 من أصل 15 قاضيا في المحكمة العليا بأن المحكمة تتمتع بسلطة إجراء الرقابة القضائية على القوانين الأساسية والتدخل في الحالات القصوى عندما يتجاوز الكنيست سلطته التشريعية.

وتم تسريب مسودة حكم قبل أيام إلى القناة 12 الإسرائيلية بطريقة غير مسبوقة. وبعد التسريب، دعا نتنياهو وحلفاؤه السياسيون المحكمة إلى عدم نشر الحكم.

وقال نتنياهو إن الحكم سيكون مثيرا للانقسام إذا حدث في منتصف الحرب في غزة، وألمح البعض إلى أنهم يعتقدون أن الحكم سيكون غير شرعي لأن اثنين من القضاة الذين أيدوا إلغاء القانون قد تقاعدوا بالفعل.

وواجه نتنياهو وائتلافه اليميني لعدة أشهر احتجاجات جماهيرية مناهضة للحكومة بشأن الخطة.

وتوقف الآلاف من جنود الاحتياط الإسرائيليين، بما في ذلك الطيارون المقاتلون وأعضاء وحدات الاستخبارات والسايبر ووحدات العمليات الخاصة في الجيش الإسرائيلي، عن الحضور إلى الخدمة بعد إقرار مشروع القانون.

وفي الأسابيع التي سبقت إقرار القانون، حذرت أجهزة المخابرات الإسرائيلية نتنياهو أربع مرات من أن الأزمة الداخلية المحيطة بالإصلاح القضائي تضعف قوة الردع الإسرائيلية وتشجع أعداءها في المنطقة على التفكير في مهاجمتها.

ومنذ هجوم حماس، ادعى الكثيرون في إسرائيل أن الإصلاح القضائي الذي أجراه نتنياهو خلق أزمة داخلية صرفت انتباه إسرائيل عن التهديدات الخارجية وأدت إلى فشل استخباراتي وأمني في 7 أكتوبر.

وتزامن الحكم الأخير مع خلاف متزايد في مجلس الحرب حيث رفض وزير الجيش يوآف غالانت وعضو المجلس بيني غانتس الظهور مع نتنياهو في مؤتمر صحفي مشترك قبل أيام قليلة.

وطلب غالانت ورئيس أركانه من نتنياهو وضع أهداف عسكرية قابلة للتحقيق بدلا من تلك التي أطلقها في أول الحرب والتي لم يتمكنوا من تحقيق ولو جزء بسيط منها.

ورشقت كتائب القسام تل أبيب وضواحيها بوابل من الصواريخ مع بداية العام الجديد في رد عملي على مزاعم جيش الاحتلال بتقليص قدراتها العسكرية والصاروخية.

ونقلت صحيفة “يديعوت آحرونوت”، عن مسؤولين عسكريين إسرائيليين كبار، أن “حماس” يمكنها الاحتفاظ بقدراتها الصاروخية لعامين أو ثلاثة أعوام قادمة.

وقال المراسل العسكري للصحيفة يؤآف زيتون، إن “إسرائيل” بدأت في إعداد ملاجئ محصنة وحواجز إضافية على امتداد المناطق المجاورة لغزة في المستوطنات، من أجل حماية تلك المناطق من هجمات بالصواريخ.

وكانت القناة الـ13 العبرية، قالت إن تقديرات جيش الاحتلال، تشير إلى أن العدوان، “لن ينجح” في خفض إطلاق الصواريخ على الأراضي المحتلة إلى مستوى الصفر.

الرابط المختصر: https://msheireb.co/1db