الصالون الثقافي بمكتبة قطر يناقش الذكاء الاصطناعي علميا وأخلاقيا

ناقش الصالون الثقافي بمكتبة قطر الوطنية، يوم الاثنين، موضوع الذكاء الاصطناعي من منظور العلم وتحدّيات العمل والأخلاق.

وشارك في النقاش خبراء وأكاديميون متخصصون في علوم الحوسبة والأخلاقيات وعدد من المهتمين والمثقفين والإعلاميين.

وقال وزير الدولة رئيس مكتبة قطر الوطنية الدكتور حمد بن عبدالعزيز الكوّاري، لوكالة الأنباء القطرية (قنا)، إن  تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي صارت الشغل الشاغل لمختلف وسائل الإعلام ومنابر التكنولوجيا وشركات الإنترنت ومحركات البحث.

وأضاف الكواري أن تناول هذا الموضوع في الصالون الثقافي لمكتبة قطر الوطنية يعكس تركيزها على الموضوعات التي تشغل الجميع حرصا منها على توعية المجتمع بأهم القضايا المستقبلية.‏

وخلال الجلسة، قدم  مدير معهد قطر لبحوث الحوسبة بجامعة حمد بن خليفة الدكتور أحمد المقرمد إضاءة عامة حول تطوّر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتعقيداته وأهميته وتأثيراته المحتملة.

وقال المقرمد إن الذكاء الاصطناعي يهدف إلى تصميم وبناء أنظمة قادرة على تنفيذ مهام مختلفة اعتمادا على قدرة الآلة على التعلم الذاتي واتخاذ القرارات بشكل ‏مستقل.‏

وأضاف “لقد أصبحنا نستخدم الذكاء الاصطناعي في العديد من أمور حياتنا اليومية.. لقد أسهم الذكاء الاصطناعي في تسريع وتيرة إنجاز كثير من الأعمال الروتينية”.

ويرى المقرمد أن الذكاء الاصطناعي منح الإنسان فرصة نقل تركيزه إلى مراقبة الجودة وتحسين تخصيص الموارد والإنتاجية.

كما منح الذكاء الاصطناعي الإنسان – بحسب المقرمد- فرصة لتحليل الأخطاء والتحسين المستمر للعمليات وإتاحة مجال أكبر للإبداع بدلا من تكرار العمليات الروتينية.

وساهمت جامعة حمد بن خليفة في تطوير الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي والتي تم الإعلان عنها عام 2019.

أما الدكتور غانم السليطي، خبير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بمعهد قطر لبحوث الحوسبة بجامعة حمد بن خليفة، فرك خلال مداخلته على تأثير الذكاء الاصطناعي على المهن المختلفة كالطب والقانون والتعليم والهندسة والتصميم والمحاسبة

وقائل السليطي إن الذكاء الاصطناعي -في اعتقاده الشخصي- أداة لتطوير وتعزيز القدرات والوظائف البشرية، مضيفا “هو لا يحل محل البشر وإنما يساعدم على أداء وظائفهم بشكل أفضل”.

وكان منتدى الاقتصاد العالمي لسنة 2021، قد توقع أن يفقد نحو 85 مليون شخص وظائفهم بسبب الذكاء الاصطناعي بحلول 2025.

لكن السليطي يعتقد أن هذه التقنيات الجديدة ستساعد على خلق 97 مليون وظيفة بحلول 2025.

وأضاف: “تشير الدراسات والتقارير الحديثة إلى أن الوظائف المكتبية للمهنيين المتخصصين سوف تتأثر بالذكاء الاصطناعي أكثر من وظائف العمّال”.

ومع تطوّر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ستظهر وظائف لم تكن موجودة من قبل مثل خبراء صيانة أنظمة الذكاء الاصطناعي وتدريبها وأخلاقيات استخدامها، وهو ما يعني نشأة صناعات ومهن جديدة، بحسب السليطي.

وفي السياق، قال الدكتور محمد غالي، أستاذ الدراسات الإسلامية وأخلاقيات الطب الحيوي بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة حمد بن خليفة، إن النقاشات الشرعية والأخلاقية حول موضوع الذكاء الاصطناعي ما تزال في بداياتها.

وأضاف غالي أن معظم ما صدر إلى الآن مجرد فتاوى موجزة ردا على أسئلة واستفسارات حول قضايا جزئية.

وتابع “في رأيي الشخصي، المبادئ الحاكمة المتداولة حاليا مثل العدالة والشفافية واحترام الخصوصية قد تمت صياغتها بشكل عام وفضفاض للغاية حتى لا يكاد يختلف معها أحد تقريبا، بما في ذلك شركات التكنولوجيا العملاقة”.

وأضاف: “بالنظر إلى الوضع الحالي وتوقع التطورات القادمة، يبدو أن تقنيات الذكاء الاصطناعي ستضفي المزيد من التعقيد على المسائل الأخلاقية”.

ولفت غالي إلى أن السيناريو الأسوأ “هو أن يتحول إنتاج المعرفة إلى سوق تجاري تتحكم فيه الشركات الضخمة للتكنولوجيا، لأنها ستتمكن من الحصول على أكبر قدر ممكن من الملكيات الفكرية”.

ويرى غالي أن هذا التطور “سيشكل تحديات جسيمة ليس فقط على مستوى المبادئ الأخلاقية الكبرى، بل وأمام تطبيقها على أرض الواقع بما يتفق مع ثقافات الشعوب ومعتقداتها الدينية”.

وأعرب عن أمله في أن يكتسب عموم الناس الوعي بمثل هذه المخاطر وأن ينتج عن ذلك ضغط على هذه الشركات لتغيير سلوكها إزاء هذه الجوانب الأخلاقية.

كما نبّه غالي إلى ما يكتنف بعض تطبيقات الذكاء الاصطناعي من مثالب، خصوصا أثناء تقديم المعلومة للمتلقي، حيث إن هذا الذكاء ينهل من جميع ما يوجد على الشبكة العنكبوتية، دون تمييز بين الغث والثمين، ولا يفقه شيئا فيما يقول، حيث يتساوى عنده العالم والجاهل.

جدير بالذكر أن الصالون الثقافي هو مبادرة مكتبة قطر الوطنية لتحقيق رسالتها الساعية لتمكين المواطنين والمقيمين من التأثير الإيجابي في مجتمعهم عبر توفير بيئة استثنائية للتعلّم والاستكشاف.

ويهدف الصالون إلى إتاحة منبر فكري وحوار مفتوح بين نخبة المتخصصين والجمهور العام بما يثري المشهد الثقافي ويعزز الوعي المجتمعي بأهم القضايا والتوجّهات المعاصرة.