أفردت فايننشال تايمز البريطانية تقريرا واسعا تحدثت فيه عن رجل الدبلوماسية الدولي، والمفاوض القادر على فك شيفرة الأزمات، رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
وقالت فايننشال تايمز: “بعد ساعات فقط من هجوم حماس المدمر على جنوب إسرائيل، كان رئيس الوزراء القطري يستعد للعمل. وأنشأ فرقة ومجموعة عمل للتنسيق مع واشنطن، على اعتبار أن حكومته من القلائل الذين لديهم خطوط مباشرة مع الولايات المتحدة، وإسرائيل، وحركة حماس، والجارة إيران”.
وأضافت: خلال 48 ساعة، تحدث الشيخ محمد، وهو أيضا وزير الخارجية، إلى رئيس الموساد ديفيد بارنيا، ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ونظيره الإيراني، والزعيم السياسي لحماس، إسماعيل هنية.
View this post on Instagram
اختبار حرارة الأزمة
كان المقصود قياس درجة حرارة أزمة تندلع.. لم تكن تل أبيب، المصدومة بعد الهجوم الأشد وطأ على أراضيها منذ تأسيس الكيان عام 1948، في حالة تسمح لها بالتفاوض، وطالبت بالإفراج عن الرهائن لدى حماس، كما قال للصحيفة البريطانية، مسؤول تم إطلاعه على المفاوضات.
وتابعت: “عندما تحدث رئيس الوزراء إلى قادة حماس في الدوحة، أصروا على أن المقاومين لم يخططوا لأسر الكثيرين… وبات أمر إطلاق سراح المدنيين أكثر تعقيدا (بعد بدء الحرب على غزة).
وأردفت: من خلال العمل مع بارنيا ورئيس السي آي إيه، بيل بيرنز، قام الشيخ محمد بن عبد الرحمن (43 عاما) بتنسيق الجهود لتأمين ‘طلاق سراح الرهائن.
محاور رئيسي
وقالت فايننشال تايمز: باعتبارها واحدة من المحاورين الرئيسيين بين إسرائيل وحماس لمدة عقد من الزمان، كان دور قطر حاسما. سبق لها أن أرسلت ملايين الدولارات من المساعدات إلى غزة كل شهر بالتنسيق مع إسرائيل والأمم المتحدة.
وتابعت: لكن الشيخ محمد بن عبد الرحمن، وهو عضو في العائلة الحاكمة، ليس غريبا على الأزمات. فقد تم تعيين خريج كلية الاقتصاد وزيرا للخارجية عام 2016.
ونقلت الصحيفة عن طارق يوسف، مدير مركز بروكنجز- الدوحة، قوله: كثيرون شككوا في قدرة الدبلوماسي الشاب على قيادة السفينة. تم إجراء مقارنات غير سارة مع الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، وهو شخصية لامعة، وشغل منصب رئيس الوزراء ولأكثر من عقد من الزمان كوزير للخارجية.
View this post on Instagram
كسب ثقة الجمهور
وأضاف يوسف: في غضون أشهر، بدأ الشيخ محمد في كسب إعجاب الجمهور الذي رأى فيه قيادة ثابتة وهذا ما تحتاجه قطر.
عام 2013 دخل الشيخ محمد وزارة الخارجية كمساعد وزير، وتزامن صعوده في الرتب مع جهود سمو الأمير الشيخ تميم لإعادة معايرة السياسة الخارجية لقطر، وترسيخها في الشراكة مع واشنطن، وفق الصحيفة.
وسيط دولي للأزمات
وتابعت: تعرض قطر نفسها بقوة على أنها “وسيط دولي للأزمات”، اعتقادا منها بأن حجزت مكانة لها كوسيط يضمن بقاء الدوحة على المسرح العالمي.
جمع الشيخ محمد بين الدبلوماسية ورئاسة جهاز قطر للاستثمار – وهو صندوق ثروة سيادية بقيمة 450 مليار دولار.
مكتشف الأخطاء ومصلحها
قال دبلوماسي غربي عته: “إنه مكتشف الأخطاء ومصلحها… رجل يفهم الفرص والمخاطر”.
دافع الشيخ محمد عن وطنه من الانتقادات التي سبقت تنظيم كأس العالم لكرة القدم 2022؛ وعمل كمحاور بين طالبان والولايات المتحدة؛ وساعد في تسهيل تبادل السجناء بين واشنطن وطهران؛ وتوسط في مفاوضات سرية بين رئيس فنزويلا، نيكولاس مادورو والإدارة الأمريكية.
أوكرانيا على الأجندة
وعندما كانت أزمة غزة مستعرة، أبرم هو وفريقه صفقة لم شمل 4 أطفال أوكرانيين مع عائلاتهم بعد انفصالهم خلال الغزو الروسي.
ووفق فايننشال تايمز، بعد تعيين الشيخ محمد رئيسا للوزراء في مارس، تساءل البعض عن مدى قدرته على التركيز على واجباته المحلية، وخاصة الخطط الاقتصادية في الدوحة، كما يقول المحللون.
كسب الإشادات
والتحدي الدبلوماسي التالي ليس بعيدا أبدا. حتى الآن، تم الإشادة بقطر لدورها في الوساطة ولكن عندما يستقر الغبار أخيرا، قد تصبح علاقات الدوحة بحماس، بما في ذلك استضافة مكتبها السياسي، مشكلة.
يقول يوسف: “في حين أن دور الوسيط يعزز مكانة قطر كلاعب محوري، فإنه يجذب أيضا تدقيقا متزايدا ويترك البلد مكشوفة سياسيا”. “إنها لحظة ذات عواقب وخيمة – ولا يمكن التقليل من المخاطر.”