أكد مستشار رئيس مجلس الوزراء المتحدث الرسمي باسم الخارجية الدكتور ماجد الأنصاري، أن من عناصر نجاح اتفاقيات مثل اتفاقية وقف إطلاق النار أن تتم بأجواء سرية تضمن عدم إفشاء أي معلومة لأن إفشاء أي معلومة يعد سببا في افشال جهود المفاوضات.
وبين الأنصاري في مقابلة مع “تلفزيون قطر”، أن هذا ما تم خلال الستين يوما الأخيرة، حيث أن القليل من التفاصيل التي كانت تجري في غرفة المفاوضات كانت تظهر للعلن، والأمر نفسه ينطبق على الاتفاق.
وأكد المتحدث باسم الخارجية، أن الاتفاق بكامله ليس معلنا بين الطرفين لوجود الكثير من التفاصيل الفنية واللوجستية المرتبطة بشكل أساسي بتنفيذ الاتفاق على الارض، وحرصا على إنجاحه و سلامة من يقومون بتنفيذه، وعلى نجاح تبادل الأسرى.
ونوّه إلى أن هذه التفاصيل الفنية لم تكن متاحة لوسائل الاعلام، إلا أن روح الاتفاق العامة والبنود الأساسية معلومة لدى وسائل الاعلام .
مستشار رئيس مجلس الوزراء المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية ماجد الأنصاري في لقاء مع تلفزيون قطر: من عناصر نجاح اتفاقيات مثل اتفاقية وقف إطلاق النار في غزة، أن تتم المفاوضات بأجواء كاملة من السرية#منصة_مشيرب#اتفاق_غزة #هدنة_غزة pic.twitter.com/broPw9S8ds
— منصة مشيرب – Msheireb Platform (@msheirebQa) January 21, 2025
دور الوساطة
وأشار الأنصاري إلى أن دور قطر كوسيط بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وبين الاحتلال الإسرائيلي منذ وقت بعيد عام 2006، مبينا أن الدولة قامت خلال كل تلك السنوات بأدوار وساطة مختلفة بين الطرفين، تضمّن العمل الكبير الذي كان داخل قطاع غزة من خلال لجنة إعادة الاعمار، وكذلك جهود الوساطة السابقة في الحروب المختلفة في السنوات الماضية.
وأكد مستشار رئيس مجلس الوزراء، أنه منذ السابع من أكتوبر، ومنذ تبين حقيقة ما حدث في ذلك اليوم وما تبعها من ردود الفعل الإسرائيلية، بدأت الاتصالات بين قطر بتوجيه من سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وعبر رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني لبدء الجهد التفاوضي.
وأضاف: “منذ الثامن من أكتوبر كانت هذه الاتصالات حثيثة بين الجانبين وخلال أسبوع بدأت الوساطة القطرية فعليا”.
ليس التأجيل الأول
وذكر الأنصاري أن التأجيل الذي جرى قُبيل الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار في مؤتمر رئيس الوزراء في الخامس عشر من الشهر الجاري، لم يكن التأجيل الأول، حيث أنه كان هناك ترقب للإعلان عن الاتفاق في موعد الإحاطة الأسبوعية التي سبقت الإعلان.
وأشار إلى أن الأمور تعسرت وقتها ولم تنتهِ الاتفاقية وبقيت لآخر لحظة أمور عالقة بين الطرفين.
وأضاف أنه في مثل هذه المفاوضات لا يمكن وضع مدى زمني، لأنه من الممكن أن تظهر أي قضية في آخر لحظة، ويمكن أن يرمي أي من الطرفين ورقة على الطاولة تؤخر الوصول إلى اتفاق، وهذا بالضبط ما حصل.
ونوّه إلى أن الإعلان عن الاتفاق رافقه قضايا عالقة بين الطرفين تم حلها في غرفة المفاوضات في الدور الذي يعلو الدور الذي أعلن فيه عن الوصول الى اتفاق.
وأضاف الأنصاري أنه بعد الوصول إلى اتفاق كانت هناك قضايا أخرت بداية وقف إطلاق النار ولم تحل إلا في لحظة إعلان وقف إطلاق النار في الحادية عشرة والربع بتوقيت فلسطين.
وتابع: “هذا يعطي لمحة عن صعوبة العمل في إطار الوصول لاتفاق، والجهد الذي بذله الزملاء في الفرق التفاوضية إلى جانب الضغط النفسي الذي يقع المفاوضون تحته بسبب هذه العملية الصعبة والمعقدة”.
بعد جولة مفاوضات في #الدوحة.. رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني يعلن التوصل لاتفاق بين حكومة الاحتلال الإسرائيلي وحركة #حماس، لوقف إطلاق النار في قطاع #غزة، و #تبادل_الأسرى بين الطرفين.#منصة_مشيرب#وقف_اطلاق_النار#حرب_غزة#صفقة_تبادل_الأسرى pic.twitter.com/ldiG2Bdzot
— منصة مشيرب – Msheireb Platform (@msheirebQa) January 15, 2025
كواليس المفاوضات
وعن الطريقة التي كانت تجري فيها المفاوضات، أوضح أن الاجتماعات كانت تتم مع الوسطاء، حيث يلتقي الطرف الإسرائيلي بفرق الوساطة، ومن ثم يتم نقل ما يتم في غرفة المفاوضات إلى الطرف الفلسطيني، حيث كانت قطر هي الواصل الرئيسي بين الطرفين طيلة فترة المفاوضات.
وأكد الأنصاري أن تنفيذ الاتفاق والمعلومات والاتصالات تتم حتى الآن من خلال الوسطاء، عبر غرفة العمليات في العاصمة المصرية القاهرة.
وعن ضمانات صمود الاتفاق، قال الأنصاري أن الضامن الأول هو التزام كلا الطرفين بتطبيق الاتفاق، وأضاف: “لذلك نحن نعمل مع شركائنا في المجتمع الدولي للضغط على طرفي الاتفاق للالتزام بتنفيذه بحذافيره.
وتابع: “الضمان الآخر هو وجود ضامنين ومراقبين لتنفيذ الاتفاق، من خلال الجهود التي تبذلها غرفة العمليات في القاهرة، والتي تقوم بمراقبة كل تفاصيل الاتفاق، ومتابعة أي خرق أو انطباع حول وجود خرق لدى أحد الأطراف”.
وبين أن غرفة العمليات المشتركة تتواصل بدورها في حال وجود أي خرق مع الطرف الآخر، لضمان حلحلة هذه الأمور قبل أن يتم تصعيد الموضوع وإفشال وقف إطلاق النار، أو العودة إلى القتال.
وأشار إلى أن ذلك حصل خلال ال48ـ ساعة الماضية، عندما كان هناك اتصالات حول خروقات معينة كان يتم تداركها بشكل مباشر .
ولفت إلى أن الضمان الثالث مرتبط بالمجتمع الدولي، مؤكدا أنه يجب أن يبقى الضغط الدولي على الأطراف مستمرا وبدون توقف وعلى أعلى المستويات،.
وأشار إلى أن سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أجرى اتصالات مع أقرانه بهدف إيصال المعلومات حول هذا الاتفاق و الطلب بالضغط المستمر من أجل انجاح الاتفاق، وهذا ما فعله كذلك رئيس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.
عراقيل
وقال المتحدث باسم الخارجية “إن أبرز ما كان يعرقل التوصل إلى اتفاق هو الموضع السياسي، فهناك من يريد أن يتكسب من الموضوع السياسي، وهناك من يريد أن يتكسب من هذه الحرب سياسيا، وآخر يريد أن يقول لجمهوره بأنه مستمر في هذه الحرب حتى إنهاء الطرف الآخر” .
وأضاف: “هناك كذلك من كان يريد أن يحافظ على مكانته ومنصبه السياسي، وعدد الأصوات التي يتحصل عليها من خلال قتل البرياء في قطاع غزة، وهذا ما كنا نعمل عليه مع المجتمع الدولي للحيلولة دون وقوع مثل هذه الأسباب”.
وتابع: “بالرغم من هذه المواقف، التي كانت ولازالت هي العائق للتوصل إلى اتفاق، توصلنا الى اتفاق”.
مستشار رئيس مجلس الوزراء المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية ماجد بن محمد الأنصاري: تجاوزنا العقبات الرئيسية بين الطرفين، ونرى أننا وصلنا للمراحل النهائية بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة#منصة_مشيرب@MofaQatar_AR@majedalansari pic.twitter.com/95mMSuxwJW
— منصة مشيرب – Msheireb Platform (@msheirebQa) January 14, 2025
اللحظات الأصعب
وعن اللحظات الأصعب التي مرت بها المفاوضات، أشار الأنصاري إلى أنه في كثير من الأحيان لا يمكن حصرها تكون فيها المفاوضات على حافة الانهيار، وكانت الفرق التفاوضية والوسطاء والشركاء ترى ذلك الانهيار الوشيك ومع ذلك كانت هناك جهود حثيثة تبذل من جميع الأطراف لدفع الطرفين لاستكمال المفاوضات والتوصل لاتفاق.
ولفت إلى أن اللحظة الأصعب خلال 460 يوما الأخيرة هي اللحظة التي انهارت فيها الصفقة الـأولى (نوفمبر 2023)، لأن البناء كان على أساس أن يكون بابا لاتفاق آخر أوسع، ومن ثم إلى سلام مستدام في القطاع ونهاية للحرب على قطاع غزة.
وأضاف: “مع الأسف تحولت تلك النقطة إلى نقطة لإعادة الحرب من جديد، وتوسعت الحرب بشكل كبير جدا وتداعياتها الإقليمية وصلت الى خمس عواصم عربية بسبب انهيار الصفقة الأولى”.
وأكد الانصاري أنه وبالرغم من انهيار الاتفاق الأول كانت الفرق التفاوضية تجري اتصالات للعودة للتفاوض وبدأت المفاوضات مباشرة بعدها بأيام قليلة.
دور ترامب
وأوضح رئيس الوزراء أن تصريحات دونالد ترامب والعمل الحثيث الذي قام به مبعوثه إلى المنطقة ستيف ويتكوف وكان له دور كبير في التوصل إلى اتفاق.
وأشار إلى أن الأيام الاربعة الأخيرة كانت المفاوضات فيها تجري على مدار الساعة بقيادة رئيس الوزراء وزير الخارجية، وكانت تواصل الفرق الليل بالنهار، وفي الليلة التي سبقت التوصل إلى اتفاق استمرت المفاوضات حتى الرابعة فجرا.
وأضاف: “كما استمرت المفاوضات بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار لإنهاء بعض التفاصيل حتى فجر اليوم التالي”.
ولفت إلى أن وجود المبعوث الأميركي في الدوحة كان له دور كبير جدا في الضغط على الطرف الإسرائيلي، مبينًا أن ويتكوف كان في غرفة المفاوضات حتى الدقيقة الأخيرة، وضل يواصل الجهد بتعليمات من الرئيس الأمريكي لضمان استمرار الاتفاق.
🔴 استقبل سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، اليوم في مكتبه في قصر لوسيل، مبعوث الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، ومنسق شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي الأمريكي بريت ماكغورك.
🔴 جرى خلال المقابلة، استعراض تطورات الأوضاع… pic.twitter.com/VPKuHa6u3r
— منصة مشيرب – Msheireb Platform (@msheirebQa) January 13, 2025
حملات مغرضة
وعن الحملات المغرضة قال الأنصاري: “إننا نرصد كل ما يقال في هذه الحملات ونتابعها في إطار متابعتنا المعتادة للإعلام الدولي”، واستشهد بما قاله رئيس مجلس الوزراء في مقابلة على قناة الجزيرة مؤخرا حين قال: “نحن لا نلتفت إلى هذه الحملات، وليس لهؤلاء الذين ينتقدون قطر سوى الصراخ”.
وأضاف: “هذه الحملات لم تبدأ مع انطلاق المفاوضات حول الحرب على غزة فحسب، بل كلما قامت قطر بجهد مساوٍ لحجم قطر على الساحة الدولية وليس حجمها الجغرافي، في الوقت الذي يكون هذا الجهد مقدرا لدى المجتمع الدولي”.
وأكد أن قطر اليوم لاعب أساسي فيما يتعلق بصناعة السلام، كما عرّف سمو الأمير في إحدى المقابلات بأن قطر هي صانعة للسلام ومُصدر للطاقة.
وتابع: “بالنسبة لنا تصدير السلام وصناعته تحتل نفس الأهمية التي يحتلها إنتاج الطاقة الذي يعد أساسا للاقتصاد القطري، واليوم نرى دورها مقدرا من قبل المجتمع الدولي بسبب السياسات الخارجية التي قادها سمو الأمير”.
وبين أن الدولة تحظى بحضور عالٍ جدا على مستوى الإعلام، مضيفا: “لولا النجاحات والإنجازات التي حققتها قطر لما كان يطلب منه التحدث إلى الوسائل الإعلامية العالمية.”
لحظة الإعلان
وعن لحظة التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار أوضح الأنصاري أن “أمير البلاد قالها صراحة، إن مشاهد فرحة الأشقاء في قطاع غزة ورؤية الطفل الفلسطيني يرفع رأسه للسماء ويشعر بالأمل بمستقبل أفضل عوضا عن ترقب الصواريخ والدمار وطائرات الاستطلاع تمحو كل شعور بالتعب”.
وأثنى الأنصاري على فريق التفاوض، واصفا إياهم بالجنود المجهولين الذين لا يعرفهم إلا من انخرط بالعملية التفاوضية، مؤكدا أن هؤلاء الأشخاص واصلوا الأيام بدون انقطاع، واستمرت جهودهم لشهور دون إجازة يوم واحد، الأمر الذي أثر على صحتهم وحياتهم من أجل الوصول لهذا الاتفاق.
وأكد أنه وبعد التوصل للاتفاق انتقل فريق التفاوض القطري للعمل مباشرة إلى مراقبة تطبيق الاتفاق.
وفي رسالته إلى سكان دولة قطر قال الأنصاري: “إن بلادكم تقوم بدور كبير على المستوى الخارجي وهذا الجهد لن يضيع، والله حفظ البلاد لجهودها وللقرارات شجاعة من قياداتها بأن يكون لها دور في حفظ السلام عالميا وحقن دماء الأبرياء.