بلينكن: إسرائيل لم تقدم خطة لحماية المدنيين في رفح

مئات آلاف المدنيين يعيشون ظروفا مأساوية في رفح

أكد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يوم الأحد أن إسرائيل لم تظهر للولايات المتحدة خطة لحماية المدنيين في قطاع غزة، وقال إنها أيضا لم تظهر كيفية إدارة القطاع بعد انتهاء الحرب.

ودفعت مخاوف إدارة جو بايدن بشأن العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح جنوبي القطاع الرئيس الأمريكي إلى التحذير من أنه سيمنع وصول بعض الأسلحة إلى تل أبيب.

وعلّقت واشنطن شحنة قنابل شديدة الانفجار كان يفترض أن تصل إلى إسرائيل خلال الأسبوعين الماضيين، وذلك لثنيها عن التوغل في رفح، كما قال بايدن.

لكن الإدارة الأمريكية لم تتخذ بعد خطوات جادة لمنع إسرائيل من مواصلة عدوانها المستمر على القطاع منذ 7 أشهر.

 

توسيع عملية رفح

وسيطرت دبابات الاحتلال على معبر رفح البري ومنعت وصول المساعدات إلى السكان، فيما دارت اشتباكات عنيفة في مختلف مناحي القطاع.

وانهارت مفاوضات الهدنة بسبب المراوغة الإسرائيلية ورغبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مواصلة الحرب من أجل تحقيق الأهداف التي أعلنها في أكتوبر، حسب ما أكده في كلمة الأسبوع الماضي.

ودخلت المعارك مرحلة جديدة بعدما أعلنت حركة المقاومة الإسلامية حماس عودة مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى إلى المربع الأول بسبب التعنت الإسرائيلي.

وقتل الاحتلال عشرات المدنيين في رفح خلال الأيام القليلة الماضية فيما شنت المقاومة هجمات قاتلة على القوات الإسرائيلية المتمركزة في شمال ووسط وجنوب غزة.

ويبدي بايدن ومسؤولو إدارته اعتراضات متزايدة على أي عملية برية واسعة في رفح لا تضمن سلامة المدنيين، لكنهم لا يتخذون خطوات جادة تدعم هذه الادعاءات.

وتوفر الإدارة الأمريكية دعما عسكريا وسياسيا غير مسبوق لإسرائيل وقد استخدمت حق النقض الفيتو ثلاث مرات في مجلس الأمن للحيلولة دون إصداره قرارا ملزما بوقف الحرب.

ويوم السبت، قال زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب الأمريكي ستيف سكاليز إن المجلس سيصوت الأسبوع المقبل على تشريع يلزم إدارة بايدن بتسليم مساعدات عسكرية لإسرائيل في غضون 15 يوما، في حال الموافقة عليه.

وقالت إدارة بايدن إنها لا تتخلى عن إسرائيل رغم تعليق بعض الشحنات العسكرية، لكنها أوضحت في الوقت نفسه أن عملية واسعة في رفح من شأنها أن توقف عمليات نقل الأسلحة على نطاق واسع.

وفر مئات آلاف المدنيين من رفح هربا من القصف الإسرائيلي العشوائي الذي استهدف مناطق عديدة من المدينة التي تؤوي أكثر من 1.5 مليون نازح.

وقال بلينكن في برنامج “واجه الأمة” الذي تبثه شبكة “سي بي إس”: “إذا شنت إسرائيل هذه العملية العسكرية الكبرى في رفح، فهناك أنظمة معينة لن نزودها بها”.

وأضاف: “في الوقت الحالي، الشيء الوحيد الذي أخرناه وأحجمنا عنه هو هذه القنابل ذات الحمولة المتفجرة العالية”.

وأضاف أن الولايات المتحدة تناقش الوضع مع إسرائيل “بالنظر إلى التأثير الذي يمكن أن تحدثه تلك الأسلحة، عندما يتم استخدامها في مناطق مكتظة بالسكان”.

وقال بلينكن إن الولايات المتحدة تريد أيضا رؤية خطة لكيفية حماية إسرائيل للمدنيين ولما سيأتي بعد الحرب، واصفا كليهما بأنه “مهم للغاية”.

وأوضح أن المسؤولين الأمريكيين لم يروا خطة لأي من الحالتين، مضيفا “قد تدخل إسرائيل إلى رفح وتحقق بعض النجاح، إلا أن الوضع غير مستدام وسيتم تنفيذه “بتكلفة باهظة للغاية على المدنيين”.

ووفقا للوزير الأمريكي فإن الكثير من مقاتلي حماس سيبقون في رفح، مؤكدا أن الولايات المتحدة لديها نفس هدف إسرائيل المتمثل في نزع سلاح غزة وإبعاد حماس عن الحكم، لكنه قال إن واشنطن تتعامل مع الأمر “بطريقة مختلفة”.

وجاءت تعليقات بلينكن بعد ساعات من مطالبة إسرائيل السكان المدنيين بإخلاء مناطق إضافية في رفح، وبعد أيام من نشر تقرير لوزارة الخارجية كشف عن مخاوف الولايات المتحدة بشأن بعض الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل خلال الحرب.

وقال التقرير إنه لا توجد شروط تبرر حجب المساعدات العسكرية، لكن من المحتمل أن يكون الجيش الإسرائيلي قد انتهك المعايير الدولية عندما يتعلق الأمر بحماية المدنيين.

وقال بلينكن يوم الأحد إنه “من الصعب للغاية تحديد ما حدث بالضبط، خاصة في خضم الحرب”، وأن وزارة الخارجية لم تتوصل إلى أي نتيجة نهائية في التقرير في هذا الوقت.

وقبل يومين نقلت صحيفة “واشنطن بوست” عن مسؤولين أن إدارة بايدن عرضت على نتنياهو تقليص عملية رفح مقابل تزويده بمعلومات استخبارية عن أماكن قادة حماس وبعض الأنفاق المخفية.

لكن هذه التسريبات قد تكون جزءا من حرب نفسية تشنها الولايات المتحدة ضد المقاومة بالنظر إلى الدعم الاستخباري والعسكري غير المسبوق الذي قدمته واشنطن لإسرائيل خلال هذه الحرب.

 

انتشار المجاعة

وفي الخامس من مايو الجاري، قالت مديرة برنامج الغذاء العالمي، سيندي ماكين، إن شمال قطاع غزة يشهد “مجاعة شاملة“، مؤكدة أن هذه المجاعة تتجه نحو الجنوب.

وأكدت ماكين في مقابلة مع برنامج “Meet the Press”، أن المجاعة تنتشر في أنحاء القطاع بعد سبعة أشهر من الحرب.

وقالت المسؤولة الأممية: “هناك مجاعة، مجاعة كاملة في الشمال، وهي تتجه نحو الجنوب”، مؤكدة أن ما تقوله هو الواقع.

وكانت مديرة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية سامانثا باور أول مسؤول أمريكي يقول إن هناك مجاعة في غزة خلال هذه الحرب.

ويوم الأربعاء الماضي، دانت دولة قطر بشدة توغل إسرائيل في رفح، ودعت لتدخل دولي لمنع الاجتياح الكامل للمدينة.

وطالبت قطر بتحرك دولي عاجل يحول دون اجتياح المدينة وارتكاب جريمة إبادة جماعية، وتوفير الحماية التامة للمدنيين بموجب القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.

ودعت دولة قطر مرارا لاتخاذ التدابير اللازمة للوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة، بالإضافة إلى وقف سياسة العقاب الجماعي، ووقف استخدام الغذاء كسلاح حرب.

بالتوازي مع تقديم المساعدات، تواصل دولة قطر العمل الدبلوماسي من أجل التوصل إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الأسرى والمحتجزين.

وتهدف الوساطة القطرية أيضا إلى ضمان وصول المزيد من المساعدات الإنسانية، وحماية المدنيين في القطاع، بما يمهد لإطلاق عملية سياسية جادة تقود إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وفقا لقرارات الشرعية الدولية.

 

عودة للمربع الأول

وقبل يومين، قالت حركة حماس إن مفاوضات الهدنة قد انهارت وعادت إلى المربع الأول بسبب التعنت الإسرائيلي، وتوعدت بأن المعركة لن تكون نزهة بالنسبة للإسرائيليين.

وتعهد نتنياهو اليوم الاثنين بمواصلة الحرب حتى تحقيق كافة أهدافها المتمثلة في القضاء على المقاومة واستعادة الأسرى، وهي الأهداف التي فشل في تحقيقها طيلة الشهور الـ7 الماضية.

وقال وزير الجيش يوآف غالانت اليوم الاثنين إن إسرائيل تواجه حربا وجودية لن تكون حياة الإسرائيليين بعدها كما كانت قبلها، مؤكدا أن مواصلة القتال أمر حتمي.

ويواجه نتنياهو وقادة جيشه مخاوف من صدور مذكرات اعتقال بحقهم من جانب المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وهو الأمر الذي حدا بأعضاء في الكونغرس الأمريكي لتهديد المدعي العام للمحكمة كريم خان من الإقدام على هذه الخطوة.

الرابط المختصر: https://msheireb.co/2hf