وسط التحديات العالمية المتزايدة من تقلبات اقتصادية، وأزمات، وصراعات، وكوارث إنسانية، برزت الدبلوماسية القطرية كعنصر أساسي في مساعي إحلال السلام وتحقيق الاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وقدمت دولة قطر مساهمات هامة في تعزيز السلام والأمن في عدة مناطق حول العالم، شملت فلسطين، أفغانستان، لبنان، السودان، القرن الإفريقي، تشاد، فنزويلا، وأوكرانيا.
وتعتمد سياسة قطر الخارجية على مبدأ الاستقلالية والحياد، مما يجعلها طرفا فاعلا في تعزيز الحوار والوساطة في حل النزاعات بالطرق السلمية، وتتماشى هذه السياسة مع المادة السابعة من دستور دولة قطر، التي تنص على أهمية تعزيز الأمن والسلم الدوليين من خلال تشجيع فض المنازعات عبر الحوار وسبل الحل السلمي.
وأثبتت الوساطة القطرية قدرتها الفائقة في تحويل النزاعات إلى فرص للسلام، من خلال بناء جسور الحوار وتحويل الخلافات إلى تفاهمات، واستطاعت قطر أن تكون ركيزة أساسية للسلام المستدام.
وتلتزم الدوحة في إطار هذه الجهود بميثاق الأمم المتحدة وتؤكد على أهمية دور مجلس الأمن والمجتمع الدولي في دعم هذه الوساطات.
“هذه قضية مرجلة”.. هكذا كانت مواقف #سمو_الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني خلال عام من الدفاع عن #فلسطين#منصة_مشيرب pic.twitter.com/F992wioz3k
— منصة مشيرب – Msheireb Platform (@msheirebQa) October 7, 2024
الوساطة في غزة
كان للصوت القطري دور محوري في الأزمة الفلسطينية، حيث تعاونت مع كل من مصر والولايات المتحدة لتحقيق وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة، وتسهيل إطلاق سراح الأسرى، وتوفير المساعدات الإنسانية والطبية لأكثر من مليوني فلسطيني في القطاع المحاصر.
كما أسهمت في تحقيق اتفاقات بين حركة حماس وإسرائيل، شملت إدخال المساعدات الإنسانية والأدوية، واستقبال جرحى فلسطينيين في قطر ضمن مبادرة سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
الملف السوري
وفي سوريا كان للدبلوماسية القطرية دورا بارزا في الوقوف مع الشعب السوري وخياراته، حيث شاركت قطر بداية الشهر الجاري في اجتماع وزراء الخارجية ومسار أستنا في الدوحة.
وضم الاجتماع وزراء خارجية قطر والسعودية والأردن ومصر والعراق، فيما شارك من جانب مسار أستانا وزراء خارجية إيران وتركيا وممثل عن روسيا.
ودعا المجتمعون وفقا لبيان وزارة الخارجية، إلى إيجاد حل للأزمة بما يضمن وقف العمليات العسكرية، وحماية المدنيين من تداعياتها، وتعزيز الجهود الدولية المشتركة لزيادة المساعدات الإنسانية للشعب السوري.
وشدد البيان على ضرورة وقف العمليات العسكرية تمهيدا لإطلاق عملية سياسية جامعة استنادا إلى قرار مجلس الأمن رقم 2254. وأكد ضرورة التشاور والتنسيق من أجل المساهمة الفاعلة في إيجاد حل سياسي للأزمة.
واستمع المجتمعون خلال اللقاء لإيجاز من مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة لسوريا غير بيدرسون، حيث أكدوا دعمهم لجهود الأمم المتحدة للوصول لحل سياسي للأزمة السورية.
🔴 أكد وزير الدولة بوزارة الخارجية محمد بن عبدالعزيز الخليفي أنه أجرى مع القائد العام للإدارة الجديدة في سوريا أحمد الشرع مشاورات معمقة حول مستقبل سوريا، وذلك خلال زيارته اليوم على رأس وفد قطري رفيع إلى دمشق .
🔴 وقال وزير الدولة بوزارة الخارجية إنه أكد للقائد العام للإدارة… pic.twitter.com/10lFPcF4gB
— منصة مشيرب – Msheireb Platform (@msheirebQa) December 23, 2024
الأزمة الروسية الأوكرانية
وفيما يتعلق بالحرب الروسية الأوكرانية، واصلت قطر مساعيها الحثيثة لتحقيق حلول إنسانية، حيث ساعدت في لم شمل العائلات المشتتة بسبب النزاع.
واستقبلت الدوحة 20 عائلة من روسيا وأوكرانيا، وقامت بتقديم الرعاية الصحية لهم، ونجحت الوساطة القطرية في لم شمل 14 طفلا مع أسرهم، مما ساعد في فتح باب الأمل لتوسيع المفاوضات. وقد عبر الكرملين الروسي عن امتنانه للدوحة بسبب استعدادها للمضي قدما في مفاوضات مباشرة قد تساهم في إنهاء الصراع بين موسكو وكييف.
وكشفت صحيفة “واشنطن بوست” في أغسطس الماضي أن أوكرانيا وروسيا كانتا تستعدان لإرسال وفود إلى الدوحة للتفاوض على اتفاق تاريخي يهدف إلى وقف الضربات على البنية التحتية للطاقة من الجانبين، مما قد يسفر عن وقف جزئي لإطلاق النار.
وقامت قطر بدور الوسيط، حيث اجتمع القطريون بشكل منفصل مع الوفدين الأوكراني والروسي في إطار هذه المفاوضات غير المباشرة.
ومع ذلك، تعرضت المحادثات لانتكاسة إثر التوغل المفاجئ لأوكرانيا في منطقة كورسك غرب روسيا الأسبوع الماضي، مما أدى إلى تأجيل الروس لاجتماعهم مع المسؤولين القطريين، واعتبروا الهجوم “تصعيدا”.
View this post on Instagram
القضايا الإنسانية الإقليمية
وتواصل قطر جهودها في تسوية القضايا الإنسانية المعقدة على الصعيدين الإقليمي والدولي، حيث نجحت في إطلاق سراح مواطن نمساوي كان محتجزا في أفغانستان. مما يعكس فاعلية الوساطة القطرية في معالجة قضايا إقليمية وإنسانية حساسة.
على مدار عقدين من الزمن، نجحت الدوحة في تقديم دور محوري في العديد من الوساطات الإقليمية والدولية، حيث ساهمت في إنهاء نزاعات معقدة في منطقة الشرق الأوسط والعالم.
View this post on Instagram
وشملت هذه الجهود ملفات هامة في اليمن، لبنان، السودان، تشاد، وأفغانستان، إضافة إلى استضافتها للمفاوضات بين حركة طالبان والولايات المتحدة.
وأثبتت بذلك الدبلوماسية القطرية أنها تمثل نموذجا مهما في جهود الوساطة العالمية، حيث استطاعت أن تحقق نجاحات دبلوماسية مميزة ساهمت في حل العديد من النزاعات المعقدة، بما يعكس التزام دولة قطر الثابت بالسلام، الاستقرار، والإنسانية في كافة أنحاء العالم