في خطوة إعلامية مفاجئة ومثيرة للجدل، أعلنت “الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية” المملوكة للدولة المصرية عن عودة الإعلامي الساخر باسم يوسف إلى الشاشة المصرية بعد غياب دام أكثر من عشر سنوات، منذ انتقاله إلى الولايات المتحدة عام 2014 عقب إيقاف برنامجه الشهير “البرنامج”.
ووفقا للبيان الصادر عن الشركة، من المقرر أن يظهر يوسف عبر سلسلة حلقات خاصة تبث على شبكة قنوات ON بدءا من السابع من أكتوبر المقبل، من خلال برنامج “كلمة أخيرة” الذي يقدمه الإعلامي أحمد سالم، في تجربة وصفتها القناة بأنها “نوعية وثرية، تعزز من التنوع والعمق في المحتوى الإعلامي”.
ظهور من “غرفة الغسيل” بلوس أنجلوس
الإعلامي باسم يوسف أكد عبر صفحته على فيسبوك أن الحلقات سيتم بثها من الولايات المتحدة وليس من داخل مصر، مشيرا بشكل ساخر إلى أنه سيطل على الجمهور من “غرفة الغسيل” في منزله بلوس أنجلوس، في تلميح إلى بداياته المتواضعة عندما أطلق برنامجه من المنزل في ذروة أحداث ثورة يناير.
وكشف يوسف أن الحلقات ستركز على استعراض رحلته الإعلامية في المهجر، وتفاصيل ظهوره المتكرر في الإعلام الغربي، خصوصا في سياق الحرب الأخيرة على غزة، والتي أثارت موجة من التفاعل على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي رده على تقارير أفادت بتقاضيه 22 مليون جنيه مصري مقابل هذه الإطلالة، نفى يوسف صحة الرقم، ساخرا بقوله: “الحقيقة أن المبلغ 22 مليون دولار”.
من جانبه، قال الإعلامي أحمد سالم إن استضافة باسم يوسف تأتي في إطار السعي لتقديم محتوى جاد وشامل، مشيرا إلى أنه سيتناول معه قضايا عدة تمس الشأن العام المحلي والإقليمي، خصوصا القضية الفلسطينية، التي لعب يوسف دورا مؤثرا في تسليط الضوء عليها أمام الرأي العام الغربي خلال العامين الماضيين.
وأوضح سالم أن الحوار المرتقب سيكون صريحا، وسيتناول ملفات متنوعة، مؤكدا التزام برنامجه بتقديم محتوى يحترم عقل المشاهد ويعكس التنوع في الرؤى.
ردود أفعال متباينة
عودة باسم يوسف أثارت تباينا واسعا في الأوساط الإعلامية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي. فبينما رحب البعض بهذه الخطوة باعتبارها “رسالة انفتاح” من الدولة تجاه الأصوات المعارضة، شكك آخرون في جدوى هذه العودة ما لم تواكبها مساحة حقيقية من حرية التعبير.
الإعلامي محمد علي خير كتب عبر فيسبوك أن “الاستفادة من باسم يوسف لن تتحقق إلا إذا عاد إلى ملعبه الأصلي، أي السخرية السياسية المحلية”، معتبرا أن الجمهور المصري لا يحتاج لمن يحدثه عن القضايا الإقليمية بقدر ما ينتظر تناولا ناقدا للشأن الداخلي.
في المقابل، عبرت الصحفية نشوى الحوفي عن رفضها لعودة يوسف، قائلة في بث مباشر إن ظهوره “لا يحمل قيمة مضافة”، وطالبت بـ”اعتذار واضح” من يوسف عما وصفته بـ”تطاوله السابق على الدولة ومؤسساتها”.
باسم يوسف.. من “البرنامج” إلى العالمية
وعرف باسم يوسف طريق الشهرة عقب ثورة يناير، حيث أطلق برنامجه الساخر على يوتيوب متأثرا بالبرنامج الأمريكي “ذا ديلي شو”، وسرعان ما انتقل إلى شاشات التلفزيون، أولا عبر قناة ONTV ثم عبر CBC، حيث حظي برنامجه “البرنامج” بنسبة مشاهدة غير مسبوقة في المشهد الإعلامي المصري.
لكن تجربته توقفت بشكل مفاجئ عام 2013 بعد وقف بث إحدى حلقاته بدعوى “عدم الالتزام بالسياسة التحريرية”، ثم انتقل لفترة وجيزة إلى قناة MBC مصر، قبل أن يعلن إنهاء مشواره التلفزيوني في يونيو 2014 ويغادر إلى الولايات المتحدة.
في المهجر، واصل يوسف نشاطه الإعلامي والكوميدي، حيث قدم عروض “ستاند أب كوميدي” في دول عدة، وأصدر كتابا بعنوان “الثورة للمبتدئين”، كما ظهر في برامج ومقابلات عديدة باللغتين العربية والإنجليزية، آخرها لقاء مثير مع الإعلامي بيرس مورغان خلال العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2023، والذي لاقى تفاعلا واسعا وحصد ملايين المشاهدات.
صوت فلسطيني في الإعلام الغربي
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في 2023، تحوّل باسم يوسف إلى أحد أبرز الأصوات العربية المدافعة عن القضية الفلسطينية في الغرب، من خلال ظهوره في قنوات أمريكية وبريطانية وانتقاده للسياسات الإسرائيلية.
وقد تحدث مرارا عن معاناة الفلسطينيين، خصوصا عائلة زوجته التي واجهت النزوح والقصف، وهاجم “الازدواجية الإعلامية” الغربية في تغطية العدوان على غزة.
وآخر ظهور له كان في بودكاست أمريكي شهير رد خلاله بشكل ساخر على تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في حلقة أثارت جدلا واهتماما كبيرا على مواقع التواصل.