هل يكون الخليج رافعة اقتصاد تركيا في مئويتها الجديدة؟

بعدما تمكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من حسم أصعب معاركه الانتخابية منذ ظهوره في عالم السياسة قبل عشرين عاما، يتوقع البعض أن تمثل منطقة الخليج العربي واحدة من أهم روافعه الاقتصادي وهو يقود بلاده نحو مئويتها الجديد.

وكان جليا خلال الفترة التي سبقت الانتخابات التركية التي جرت في مايو الماضي أن البلاد أقرب للتصويت على مشروعين أحدهما يتجه شرقا ويمثله أردوغان والآخر يتجه غربا وتمثله المعارضة.

وإلى جانب قضية مستقبل اللاجئين العرب في تركيا، كان تحسين الوضع الاقتصادي ورفع قيمة الليرة والحد من معدلات التضخم، أبرز العناوين التي ركزت عليها المعارضة لاستمالة جانب الناخبين.

وخسرت الليرة 74% من قيمتها أمام الدولار خلال العامين الماضيين، فيما اقترب التضخم من الـ58%، قبل التصويت.

لكن النتيجة النهائية للانتخابات التي كانت محط اهتمام عالمي واضح، كشفت أن من يدعمون مشروع أردوغان ما يزالون هم الأغلبية.

تحسين الاقتصاد

في أول خطاب له بعد إعلان فوزه بولاية جديدة تمتد حتى 2028، وعد الرئيس التركي بتحسين الاقتصاد وقال إن التضخم سيتراجع كما تراجعت أسعار الفائدة.

وخاض أردوغان صراعا خلال السنوات الماضية من أجل خفض معدلات الفائدة بينما كانت الكثير من الدول -وما زالت- ترفعها إلى معدلات غير مسبوقة.

وكان الخفض الأخير للفائدة في تركيا بعد زلزال فبراير الماضي المدمر، حيث جرى خفضها 5 نقاط مئوية إلى 8.5%.

وانتهجت أنقرة خلال الأعوام الثلاث الماضية سياسة جديدة قوامها تفكيك الخلافات مع الدول العربية وخصوصا الخليجية منها.

وتمخضت هذه السياسة عن اتفاقيات بمليارات الدولارات مع كل من السعودية والإمارات، تضاف إلى استثمارات قطرية ضخمة.

استثمارات قطرية

تقدر قيمة الاستثمارات القطرية المباشرة في تركيا بـ33 مليار دولار وفق ما أكده  رئيس مكتب الاستثمار التابع لرئاسة الجمهورية التركية، أحمد بوراك أوغلو، في أكتوبر 2021.

وتشمل هذه الاستثمارات قطاعات متنوعة منها العقارات والمال والسياحة والصناعات الثقيلة والاتصالات.

وتمتلك الشركات العقارية القطرية العديد من المشاريع أبرزها مشروع “قطر الوطني” في اسطنبول، وهو مجمع سكني وتجار فاخر.

كما تعمل شركة “تنميات” القابضة القطرية مع “سارفاز” العالمية للاستثمار العقاري بتركيا، على إنشاء أكبر مدينة ترفيهية سياحية ثقافية في العالم، بإحدى المدن الساحلية التركية.

وتستثمر الدوحة أيضا في مطار اسطنبول الجديد وهو أحد أكبر مطارات العالم، وفي قناة اسطنبول التي ستربط البحر الأسود ببحر مرمرة لتخفيف الضفط على البوسفور.

ومن بين المشروعات المملوكة لقطر، مجمع طرابزون شمالي تركيا وهو أحد المشاريع الضخمة التي تضم مراكز تسوق ومكاتب وشققا سكنية وفنادق فاخرة.

ولدى البنوك القطرية العديد من الأفرع وشركات المال في تركيا، فضلا عن كون تركيا وجهة سياحية مفضلة للقطريين.

وتمتد الاستثمارات القطرية إلى قطاعات الطاقة والصناعات التحويلية والعسكرية، وقد أسس البلدان صندوق استثمارات بقيمة 10 مليارات لدعم الشركات الناشئة والمشاريع الاستراتيجية في البلدين.

وكان أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، تعهد خلال زيارة لتركيا في 2018 بضخ 15 مليار دولار في الاقتصاد التركي لدعم في مواجهة أزمة تراجع قيمة العملة.

تقارب مع السعودية والإمارات

مع استمرار الخلاف مع الغرب وتزايد الحرب المكتومة بين تركيا من جهة والولايات المتحدة وحلفائها الأوربيين من جهة أخرى، يبدو تعويل أنقرة على جذب مزيد من رأس المال الخليجي منطقيا ومتوقعا.

فقد تمخضت المصالحة التركية مع الإمارات أواخر 2021 عن 10 مليارات دولار تعهدت أبوظبي بضحها في الاقتصاد التركي. كما تمخضت المصالحة مع السعودية عن 5 مليارات دولار أودعتها الرياض في بنك تركيا المركزي (يونيو 2022).

وتعتزم المملكة استثمار 3.3 تريليونات دولار في تركيا حتى 2030، وذلك في قطاعات منها: الصناعات التحويلية والصناعات الدفاعية والتكنولوجيا الحيوية والسياحة والاستدامة والاقتصاد الأخضر والمعادن، وفق ما أعلنه وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح في ديسمبر الماضي.

وزاد التبادل التجاري إلى 4.3 مليارات دولار خلال العام الماضي مقارنة بـ3.7 مليارات دولار في 2021، وفق ما أعلنه وزير الخزانة والمالية التركي نور الدين النبطي.

وقال النبطي خلال منتدى الأعمال والاستثمار التركي السعودي في ديسمبر 2022، إن البلدين يهدفان لرفع التبادل التجاري إلى 30 مليار دولار، ودعا  المستثمرين السعوديين للاستفادة من الفرص المتاحة لدى بلاده.

ونما الاقتصاد التركي 4٪ في الربع الأول من عام 2023 وهو رقم ربما يغري رؤوس الأموال الخليجية للتوجه نحو تركيا كبلد قال رئيسه بعد إعادة انتخابه إن القرن الجديد سيكون “القرن التركي”.

الرابط المختصر: https://msheireb.co/c

أضف تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *