قال مسؤولو جهاز قطر للاستثمار إن الجهاز يستهدف زيادة استثماراته خارج أوروبا وخصوصا في مجالات وقطاعات جديدة مثل التكنولوجيا والرعاية الصحية.
وقال المدير التنفيذي للجهاز، منصور المحمود، في مقابلة نشرتها وكالة بلومبيرغ اليوم الاثنين إن الجهاز يستعد لزيادة استثماراته في آسيا والولايات المتحدة، خلال السنوات المقبلة.
ويخطط جهاز قطر للاستثمار لضخ مزيد من الأموال في مجالات تغير المناخ والبنية التحتية والرقمنة، بحسب المحمود.
وسيضخ الجهاز -وفق المحمود- استثمارات في أوروبا خلال السنوات المقبلة لكن الجزء الأكبر من استثماراته سيكون الولايات المتحدة والصين والهند.
وقال المحمود: “نحن شفافون في ما نقوم به، ونستثمر للمدى الطويل. هذا هو اقتراحنا، ونعتقد أن الشركات تفضل شريكا مثلنا”.
خلال الأزمة المالية في 2008، وجه الجهاز استماراته للشركات الأوروبية التي تحتاج إلى رأس المال وضخ المليارات في شركات كبرى مثل بنك “باركليز” البريطاني.
وبعد 15 عاما، ومع نضوب الأموال في العديد من الأسواق حول العالم، أصبح جهاز قطر للاستثمار مرة أخرى من بين مجموعة مختارة من المستثمرين ذوي الملاءة المالية الكبيرة القادرين على تمويل كبريات الصفقات.
View this post on Instagram
زياةد الاستثمار في التكنولوجيا
ويعمل جهاز قطر استثماراته في قطاع التكنولوجيا، حيث شارك في جولات التمويل للشركات في جميع أنحاء العالم، من منصة توصيل الطعام الهندية Swiggy إلى مجموعة الطب الجيني الأمريكية Ensoma.
ويعزز الجهاز حاليا بحثه عن فرص في قطاع أشباه الموصلات والبرمجيات، فضلا عن القيام، إلى جانب شركات أسهم خاصة، بعمليات استحواذ في مجال التكنولوجيا الأوسع.
وقال رئيس قسم الاستثمار في التكنولوجيا ووسائل الإعلام والاتصالات في الجهاز، محمد الحردان: “نجد الآن عددا أكبر من فرص الاستثمار المثيرة، حيث أصبحت الشروط صديقة أكثر للمستثمر”.
وأضاف: “على الرغم من وجود العديد من المستثمرين في التكنولوجيا، إلا أن هناك عددا أقل من اللاعبين القادرين على استثمار رأس المال بشكل مستمر، ونحن من بين القلائل في تلك المجموعة”.
وقال الحرادن إن معظم استثمارات الجهاز بمجال البرمجيات في الولايات المتحدة لن تتوقف، مضيفا “لكننا نراقب بدقة الصين، حيث يوجد عدد أكبر من المستخدمين وقيمة سوق جذابة”.
إلى جانب ذلك، يقول الحردان، فإن بعض شركات الأوراق المالية الأمريكية الخاصة التي يدعمها جهاز قطر للاستثمار، تبحث هي الأخرى عن فرص استثمار في البرمجيات بالصين.
View this post on Instagram
التحول التقني
ويركز جهاز قطر للاستثمار حاليا على عدد أكبر من الفرص الاستثمارية المثيرة للاهتمام بالنظر إلى أن الشروط بدأت تصبح أكثر ملاءمة للمستثمرين، بحسب الحردان.
وعلى الرغم من وجود الكثير من المستثمرين الذين يلهثون وراء الفرص في مجال التكنولوجيا، يضيف الحردان، مفإن قلة يمكنها ضخ رأس مال جاد باستمرار ونحن من بين القلائل في هذه المجموعة”.
View this post on Instagram
توسع في آسيا
تستحوذ منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (EMEA) هلى نحو ثلثي الأموال التي ضخها جهاز قطر للاستثمار منذ عام 2008.
لكن الجهاز أنشأ مكتبا في سنغافورة قبل عامين بهدف الوصول إلى أكبر الشركات والمستثمرين في آسيا، وهو يخطط حااليا لتوسيع فريقه الإقليمي وتعيين كوادر مؤهلة لتغطية الأسواق مثل الصين والهند واليابان.
وقال رئيس الاستشارات في آسيا والمحيط الهادئ بالصندوق عبد الله الكواري، “إننا ندرك أهمية التواجد على الأرض والتواصل مع المديرين التنفيذيين وتطوير العلاقات والالتقاء بفرق الإدارة والتأكد من فهمها لفوائد الشراكة معنا”.
ويبحث الجهاز وفق الكواري- عن صفقات في مجالات التكنولوجيا والصناعة والعقارات من بين قطاعات أخرى في آسيا.
وقاد الجهاز جولة ثانية من التمويل حجمها 45 مليون دولار لشركة التكنولوجيا الحيوية الصينية “أوريسيل ثيرابيوتيكس” (Oricell Therapeutics) في فبراير الماضي.
كما ضخ نحو 1.5 مليار دولار في منصة بدأها جيمس مردوخ وأوداي شنكار للاستثمار في أصول الإعلام والتكنولوجيا الاستهلاكية في جنوب شرق آسيا.
وبالنسبة لجهاز قطر للاستثمار، فإن رأس المال الذي يذهب إلى آسيا إنما يذهب ليزداد في المستقبل، كما أكد الكواري.
View this post on Instagram
رهانات أوروبية
لا يزال جهاز قطر للاستثمار أحد أكبر المستثمرين السياديين في أوروبا، حيث يملك حصصا في شركات تتراوح من عملاقة تعدين المواد الأولية “غلينكور” إلى سلسلة متاجر التجزئة “جيه سينسبري” (J Sainsbury) وشركة “فولكس واجن” للسيارات.
وبينما يبحث الصندوق بشكل متزايد عن استثمارات في شركات التكنولوجيا الناشئة في أوروبا، فإنه سيواصل مساعدة الشركات الكبرى التي يملك حصصا فيها للتعامل مع قضايا مثل تغير المناخ وتحول الطاقة، وسيكون مستعدال لضخ رأس مال كبير إذا لزم الأمر.
وقال أحمد الحمادي، مسؤول الاستثمار في أوروبا وتركيا وروسيا بجهاز قطر للاستثمار وعضو مجلس إدارة مطار “هيثرو” في لندن: “يمكننا ضخ رأس المال بسرعة عندما يُعرض علينا الاستثمار المناسب”.
وأضاف الحمادي “إننا لا نخجل من قول لا.. نحن نقول لا أكثر مما نقول نعم عندما يتعلق الأمر بالاستثمارات”.
وفي العام الماضي، أصبح الجهاز مساهما رئيسيا في “آر دبليو إي” (RWE) بحصة 9.09%.
ومنحت الصفقة شركة المرافق الألمانية رأس مال كافيا لشراء أصول طاقة متجددة قيمتها 6.8 مليارات دولار من “كونسوليديتيد إديسون” (Consolidated Edison).
View this post on Instagram
عين على الداخل
يتطلع الجهاز أيضا إلى تعزيز النمو الاقتصادي لقطر نفسها بعد انتهاء الإنفاق المكثف لسنوات على استضافة كأس العالم لكرة القدم.
وتاريخيا، كان دور الجهاز في الداخل يتركز على التدخل في أوقات الأزمات؛ كما حدث عام 2008، عندما ساعد في إنقاذ بعض البنوك القطرية.
والشهر الماضي، أطلق الجهاز برنامجا لصناعة السوق بقيمة مليار ريال (274 مليون دولار) لجذب اهتمام المستثمرين الأجانب ودعم أسواق رأس المال في قطر وتوسيع نطاقها.
ويريد الجهاز أيضا بذل المزيد من الجهد لمساعدة الاقتصاد المحلي عندما يتعذر ذلك على القطاع الخاص، وفق رئيسه التنفيذي.
وقال آل محمود: “دورنا هو التمكين، وسد الفجوات في الاقتصاد المحلي حيث لا يستطيع القطاع الخاص المنافسة”، مضيفا “لسنا هنا لمنافسة القطاع الخاص”.
وتعمل الدوحة على تنويع مصادر دخلها والاستفادة من فرص الاستثمار العالمية الحالية، ويلعب صندوق قطر للاستثمار دورا رئيسيا في تحقيق هذها الهدف كجزء من رؤية 2030.
ويستعد الصندوق لزيادة قوته الشرائية من خلال صفقات استثمارية بقيمة 450 مليار دولار في الولايات المتحدة وآسيا.
وتأسس جهاز قطر للاستثمار عام 2005 للتعامل مع إيرادات قطر من الغاز الطبيعي المسال، كونها أحد أكبر المصدّرين في العالم.
ووفقا لمعهد صناديق الثروة السيادية، يحتل الآن المرتبة العاشرة على قائمة أكبر الصناديق السيادية في العالم.
ونظرا لارتفاع الطلب على الغاز الطبيعي، يعتبر صندوق قطر للاستثمار من جديد ضمن مجموعة مختارة من المستثمرين الكبار القادرين على تمويل أكبر الصفقات.