أعلنت وسائل إعلامية قطرية محلية، عن حظر الدولة للعبة “روبلوكس – Roblox” الشهيرة، استجابة للمطالب الشعبية بمنع اللعبة لما تشكله من خطر على الأطفال.
وعلى مدار أعوام، يشتكي أهالي الأطفال في قطر وحول العالم، من تسجيل اعتداءات جنسية افتراضية متكررة ضمن اللعبة.
كما أن اللعبة وبحسب الأهالي والمراقبين، تخالف القيم الدينية والعادات والتقاليد العربية.
وتمتاز “روبلوكس” بقدرتها العالية على جذب اللاعبين وإبقائهم متصلين لفترات طويلة، مما يجعلها تحمل طبيعة إدمانية إلى حد كبير. يعود ذلك إلى تصميمها القائم على الاستكشاف المستمر، والتفاعل الاجتماعي، وتوفيرها لخيارات لا نهائية لبناء العوالم واللعب المشترك ما يعزز هذا السلوك الإدماني.
وقد أظهرت دراسة نوعية أجراها معهد الدوحة الدولي للأسرة، في الفترة 2021-2022 أن الإفراط في استخدام التكنولوجيا بين اليافعين في قطر يشكل مصدر قلق كبير للأسرة، مما يؤدي إلى عواقب سلبية، من قبيل العزلة وضعف الأداء المدرسي والتحديات الصحية والتفكك الاجتماعي. وكشفت الدراسة أن هذه التحديات قد تفضي إلى عدم استقرار الأسرة، علاوة على تعقيدات أخرى ذات الصلة بحياة الأبناء على المدى الطويل.
والجدير بالذكر أن تركيا حظرت مؤخرا لعبة “روبلوكس”، بناء على مخاوف بشأن حماية الأطفال من التعرض لمحتوى ضار، مثل الاستغلال الجنسي والتنمر الإلكتروني والسلوك غير اللائق.
وفي أستراليا، بدلا من الحظر، تركز الجهات التنظيمية على تحسين سلامة المنصة من خلال مبادرات، مثل “السلامة من خلال التصميم.”
مخاطر روبلوكس
وأفردت المدينة الإعلامية عبر موقعها الرسمي في مطلع العام الجاري 2025، تقريرا يناقش أثر وخطر لعبة “روبلوكس” على سلوك الأطفال.
وأوضح التقرير، أن “روبلوكس” لم تعد اللعبة الإلكترونية الشهيرة والتي اقتحمت حياة الملايين من الأطفال حول العالم، مجرد منصة لألعاب الفيديو عبر الانترنت وحسب، بل أصبحت عالما افتراضيا شاملا يمزج بين الاستكشاف والإبداع والتواصل الاجتماعي، حيث يقوم اللاعبون بابتكار شخصياتهم الخاصة وتصميم ألعابهم والتواصل مع لاعبين آخرين – الذين هم في غالب الأحيان غرباء.
ومع تزايد شعبيتها حول العالم، تعززت المخاوف وكثرت تساؤلات أولياء الأمور والتربويون حول مدى تأثيرها على الأطفال وعلى نموهم النفسي والاجتماعي.
مخاطر كبيرة على الأطفال
في هذا الصدد، قالت مستشارة الصحة والرفاه في جامعة نورث ويسترن في قطر، سوبيا رحمن: إن ” لعبة “روبلوكس تنطوي ” على مخاطر كبيرة على الأطفال تتجلى على الخصوص في التعرض لمحتوى غير لائق، و على خطر التحرش الإلكتروني عن طريق استخدام أدوات الاتصال الخاصة بالمنصة للاقتراب من القاصرين واستغلالهم.”
وأوضحت رحمن، أن منصة “روبلوكس” تعرضت لانتقادات واسعة مقارنة بغيرها، بسبب ضعف آليات التحقق من العمر وعدم كفاية خيارات الرقابة الأبوية لضمان سلامة الأطفال بنسبة تامة.
ولفتت إلى أن هذه الثغرات تجعل من السهل على المستغلين الإلكترونيين استهداف المستخدمين الصغار.ومع تنامي شعبية المنصة بين الأطفال، بحيث أعلنت شركة “روبلوكس” أن متوسط عدد المستخدمين اليوميين قد بلغ 79.5 مليون مستخدم، تتفاقم هذه المخاطر، مما يجعل هؤلاء المستخدمين، ولا سيما الأطفال، أكثر عرضة للخطر، مقارنة بالمنصات الأخرى التي تتبع إجراءات سلامة أكثر صرامة.”
وحول ما إذا كان يتوجب على السلطات المعنية في قطر تنظيم أو حظر اللعبة، قالت رحمن: “هناك حجة قوية للتدخل الحكومي، وخاصة لفرض لوائح أمان أكثر صرامة على منصات، مثل “روبلوكس”. بدون إشراف تنظيمي مناسب، قد تعطي الشركات الأولوية للربح على السلامة. يمكن أن يشمل عمل الحكومة تنفيذ أنظمة التحقق من العمر الإلزامية، والمطالبة باعتدال أكثر شفافية للمحتوى، وفرض عقوبات على الشركات التي تفشل في حماية مستخدميها الصغار”.
الرقابة الأسرية
وفي السياق، قال مدير إدارة البحوث والسياسات الأسرية، في معهد الدوحة الدولي للأسرة، الدكتور خالد النعمة: “لا ينبغي أن تشكل الألعاب الإلكترونية أو التطبيقات العامل الأكثر تأثيرا في عالم الأطفال أو اليافعين، بل ينبغي أن يكون حضور الأسرة أقوى وأشد تعزيزا لعملية نمو الطفل العاطفي أو النفسي أو الذهني”.
وأكد النعمة أن مشاركة الوالدين في وقت لعب أطفالهم لا تعمل على بناء روابط أقوى فحسب، بل تضمن أيضا تعلمهم مهارات العالم الحقيقي في بيئة آمنة ومناسبة لعمرهم.
وأشار إلى ضرورة استبدال وقت الشاشة بأنشطة وسلوكيات تعزز المهارات الاجتماعية بشكل أفضل في الحياة الواقعية.
وخلص الدكتور النعمة إلى أنه “لا ينبغي أن تكون الألعاب الإلكترونية المؤثر الوحيد في عالم طفلك. إن المشاركة المستمرة تساعده على تطوير مهارات اجتماعية صحية وتحميه من المخاطر عبر الإنترنت. وجّه ألعاب طفلك في الاتجاه الصحيح، مع القليل من التوجيه، يمكنك تحويل تركيزه إلى ألعاب ممتعة وآمنة وتعليمية، وإحداث تغيير إيجابي في شخصيته”.